مرتضى منصور.. محام متفوق قادته مشاغباته للسجن
كأن القدر ساقه إلى المجال العام رغما عنه، فأينما شد الرحال تحول العقبات دون تحقيق مبتغاه، حتى طرق أبوابا لم يسع إليها مطلقا.
فكلما خطط مرتضى أحمد محمد منصور لنفسه طريقا، مزق لوحاته وأعاد الرسم من جديد، حتى انتهت به السبل إلى دائرة الضوء، جراء توليه مناصب على مستويات قضائية وبرلمانية ورياضية.
بهذا الشكل، بنى المحامي المصري مرتضى منصور شخصيته التي قدمها للعامة، فصدرها إليهم بشكل يختلف كلية عن مراحله الأولى، فمن طالب جامعي متفوق تصدر ترتيب دفعته، إلى قاض ومحام مشاغب، دخل في صراعات عدة، قاده بعضها للجلوس خلف أسوار السجن.
مرتضى منصور يستكشف طريقه
في 17 يونيو/ حزيران من عام 1952، وُلد مرتضى منصور، الذي تعود أصوله إلى محافظة الدقهلية، في حي شبرا العتيق بالعاصمة المصرية القاهرة، وفيها، خاض مراحله التعليمية بشكل طبيعي، آملا في أن يكون صحفيا يحاور رموز المجتمع المصري، إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن.
فحينما تقدم "منصور" بأوراقه إلى كلية الآداب جامعة القاهرة، رغبة منه في الالتحاق بقسم الإعلام، قوبلت رغبته بالرفض بسبب التوزيع الجغرافي، حتى وجد نفسه مجبرًا على دراسة الآداب داخل جامعة عين شمس، متخصصا في قسم اللغات الشرقية.
بعد عام واحد قضاه داخل قسم اللغات الشرقية، قرر "منصور" تغيير وجهته إلى كلية الحقوق بنفس الجامعة، وخلال سنوات دراسته أشبع شغفه، بحسب روايته في حوار تليفزيوني سابق، فقال إنه شغل رئاسة تحرير إحدى المجلات المطبوعة، كما تدرب داخل مؤسسة "أخبار اليوم" الصحفية.
كل هذه الطموحات توقفت بمجرد تصدر "منصور" لترتيب دفعته، فتبدلت أهدافه، وأولى اهتمامه للسلك القضائي، ففور تخرجه في عام 1974، عُين كوكيل نيابة في محافظة الإسماعيلية.
أزمة مرتضى منصور وعادل إمام
استمر تفوق مرتضى منصور خلال هذه السنوات داخل السلك القضائي، فظل يخطو الخطوة تلو الأخرى، حتى بات قاضيا في محكمة الجيزة، وعلى هذه المنصة ظهرت أولى خلافاته على الساحة العامة، حينما واجه الفنان المصري عادل إمام في عام 1984.
كشف "منصور" أنه خلال هذه المرحلة كان ينظر في القضايا المرفوعة على صناع فيلم "الأفوكاتو"، بدعوى أنه يسيء إلى القضاء المصري، وأصدر حكما بحبس بطل العمل النجم عادل إمام لمدة عام، ما أثار هجوما لاذعا ضده.
وانتهى الحال بـ"منصور" حينها، وفق روايته خلال عدد من تصريحاته التليفزيونية، إلى تقديم استقالته من الساحة القضائية، بعدما وقفت وسائل الإعلام في صف "الزعيم" بحسب قوله.
مرتضى منصور في البرلمان
صب مرتضى منصور تركيزه، بعد الفترة سالفة الذكر، على المحاماة، ومنها شق طريقه إلى عدد من المجالات، على رأسها الحياة النيابية، فرشح نفسه في انتخابات مجلس الشعب (النواب حاليا) عن دائرة ميت غمر في محافظة الدقهلية شمال العاصمة المصرية، وحظي بثقة المواطنين بحيث بات نائبا عنهم في الفترة 2000 : 2005.
بانتهاء ولايته النيابية، جدد "منصور" ترشحه لكن النجاح لم يحالفه، وهو ما تزامن مع عدد من المشكلات التي واجهها داخل الساحة الرياضية، وكان أبرزها عزله عن رئاسة نادي الزمالك، وهو ما مهد لحبسه لاحقا.
ففي مارس/ آذار من عام 2007، ألقت أجهزة الأمن القبض على "منصور"، ووجهت إليه اتهاما بـ"بسب وقذف المستشار السيد نوفل رئيس مجلس الدولة وقتها"، على خلفية القضية سالفة الذكر.
وبعد أشهر، صدر قرار بحبسه 3 سنوات مع الشغل والنفاذ، بعد إدانته بـ"الإهانة والسب العلني في حق المحكمة الإدارية العليا، بجانب إهانة موظف عمومي" بحسب ما نقلته وقتها وسائل إعلام محلية.
مشكلات "المستشار المصري" لم تقف عند هذا الحد، ففي أعقاب اضطراب الأوضاع في بلاده عام 2011، واجه "منصور" اتهامات بالتحريض على القتل، خلال حادث عُرف إعلاميا بـ"موقعة الجمل".
وبعد أشهر، أصدرت السلطات القضائية قرارا بالإفراج عنه على ذمة القضية، قبل أن تأمر بضبطه وإحضاره في أبريل/ نيسان 2012، وهو ما لم يتقبله "منصور".
واختبأ المحامي داخل شقة زوج ابنته رافضا تنفيذ القرار الصادر بحقه، ما دفع القوات الخاصة إلى محاصرته، قبل اندلاع اشتباكات بين الجهات المعنية وأنصاره، أسفرت عن إصابة 3 أشخاص، وأخيرا القبض عليه.
وفي وقت لاحق، أصدرت المحكمة قرارا بتبرأته فيما نسب إليه من اتهامات في هذه القضية.
مرتضى منصور والرئاسة
خلال السنوات الماضية، أعلن المستشار مرتضى منصور ترشحه على منصب رئيس الجمهورية 3 مرات، الأولى في عام 2012 وباءت محاولته بالفشل، بعدما استبعدته اللجنة العليا للانتخابات بسبب بعض المشكلات داخل حزب "مصر القومي" الذي ترشح نيابة عنه.
أما المرة الثانية، فكانت في أبريل/ نيسان 2014، وتراجع عن قراره في وقت لاحق، وهو ما كرره في سنة 2018، وسرعان ما عدل عن هذا التوجه بعد فترة وجيزة من إعلانه.
حبس مرتضى منصور
رغم الأزمات التي تعرض لها "المستشار" خلال مسيرته، جراء الصراعات التي عاشها في العقود الماضية، واصل نهجه المعروف دون تغيير، إلى أن أصدر القضاء المصري حكما بمعاقبته بالسجن لمدة شهر، وهو ما قابله بلعب تنس الطاولة.
وجاء الحكم، بعد إدانته بالسب والقذف والطعن في عرض محمود الخطيب رئيس النادي الأهلي المصري، إضافة إلى خدش سمعة عائلته.
ورفع "منصور" راية التحدي عقب صدور الحكم، وقال خلال تصريحات تليفزيونية: "لأول وهلة، استغربت الحكم، لأن القاضي الذي أصدره هو نفس القاضي الذي أصدر قرارا ببراءتي في أبريل/نيسان الماضي".
وأضاف: "لا أعتبر هذا الحكم القضائي محنة بل منحة، وخدمة العمر، لأنني لم أكن أعرف أنني محبوب لهذه الدرجة.. لن أعلق على حكم قضائي في التليفزيون، لن أنجر لاستفزازات محمود الخطيب".
وختم "منصور" متوعدا "الخطيب": "لا تنازل ولا تصالح ولن أعتذر لأنني لم أخطئ، وبدأت معركة جدية بيني وبينه لنهاية العمر".
aXA6IDEzLjU4LjQwLjE3MSA= جزيرة ام اند امز