روسيا تقترب من هزيمة أوكرانيا.. دلائل وتحذيرات ومؤشرات
مع دخول الحرب في أوكرانيا عامها الثالث، لا يبدو أن ثمة تسوية في الأفق بين أوكرانيا المتراجعة وروسيا المنتعشة، في وضع يراه محللون ومسؤولون استخباراتيون غربيون، يقرب موسكو من حسم الأوضاع عسكريا لصالحها.
التحذير الشديد جاء من الاستخبارات النرويجية، التي دقت ناقوس الخطر للدول الغربية الداعمة لأوكرانيا، من أن "روسيا بصدد التغلب عسكريا في أوكرانيا"، بفِعل تراجع الدعم الغربي لكييف واحتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وبفضل خزان أكبر من القوات والدعم من دول مثل كوريا الشمالية والصين.
- نقص الجنود.. أوكرانيا تواجه «معضلة» استقطاب مزيد من القوات
- «حاجات أوكرانيا».. ماكرون وزيلينسكي يبحثان «أوضاع الجبهة»
التحذير النرويجي
وقال رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية النرويجي، نيلس أندرياس ستينسونز، لدى تقديمه تقرير أجهزة الأمن النروجية السنوي لتقييم المخاطر، إن "كييف ستحتاج إلى مساعدة عسكرية غربية متينة حتى تأمل بقلب توازن القوى في الوضع الحالي".
وأضاف ستينسونز في تصريحات للصحفيين: "في هذه الحرب، موسكو حاليا في موقع أقوى مما كانت عليه قبل عام وهي بصدد التغلب".
وتأكيدا على ذلك أشار إلى أن روسيا "يمكنها تعبئة قوات أكبر بـ3 مرات من قدرة أوكرانيا"، وأن "موسكو تتكيّف بشكل أفضل مما كان متوقعا مع العقوبات" وأن صناعتها باتت قادرة على إنتاج ذخائر وعربات عسكرية ومسيّرات وصواريخ تسمح لقواتها بـ"الإبقاء على مجهودها الحربي طوال السنة".
وأوضح أن روسيا تحظى بالدعم العسكري من كوريا الشمالية وإيران وبيلاروس والصين التي لم تقدم أسلحة، بحسبه، بل "آلات وسيارات وإلكترونيات وقطع غيار" تستخدم في صناعة الأسلحة الروسية.
وقال: "ينبغي تقديم مساعدة غربية كبرى بالأسلحة لتتمكن القوات الأوكرانية من الدفاع عن نفسها واستعادة المبادرة في النزاع" مذكرا بأن كييف بحاجة إلى ذخائر وأسلحة بعيدة المدى ودفاعات جوية ودبابات وطائرات قتالية.
وتعهدت النرويج ومعها الدنمارك وهولندا، بإمداد أوكرانيا بمقاتلات إف-16 تطلبها كييف من حلفائها بإصرار.
وعلق وزير الدفاع النرويجي بيورن أريلد غرام " يجب أن تبقى النرويج وأوروبا على استعداد لتحمل المزيد من المسؤوليات لضمان أمنهما الخاص وأمن حلفائهما".
لا تسوية في الأفق
ويتّفق دبلوماسيون ومحلّلون، سواء في موسكو أو في كييف والعواصم الغربية الداعمة لها، على نقطة واحدة على الأقل: "عام 2024 سيكون عاما آخر من الحرب".
وقال فيودور لوكيانوف، مدير مركز مجلس السياسة الخارجية والدفاع للبحوث المقرب من الكرملين: "في الظروف الحالية للحرب لا يوجد شيء يمكن أن يتفاوض عليه الطرفان المتحاربان"، باستثناء "استسلام" أحدهما.
والخميس، كرّر فلاديمير بوتين أن هزيمة روسيا "مستحيلة". وفي كييف، أكد المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك لوكالة فرانس برس الموقف الرسمي لبلاده: "لا مفاوضات" طالما أن موسكو لم تسحب قواتها من الأراضي التي سيطرت عليها في أوكرانيا.
وأكّد دبلوماسي أوروبي أن "الموضوع ليس مطروحا. لا يمكن أن تحصل مفاوضات إلا عندما تكون أوكرانيا في موقع قوة في الميدان". وهو أمر مستبعد.
وبعد مقاومة الغزو الشامل الذي شنته موسكو في 24 فبراير/شباط 2022 ثم صد القوات الروسية وتحرير أراض خلال هجوم مضاد خريف العام 2022، أصبحت أوكرانيا "في وضع صعب جدا"، كما أقرّ دبلوماسي أوكراني.
ميدانيا، في الشرق والجنوب، تتحرك الجبهة بشكل بطيء، لكن القوات الروسية تكسب بعض المساحات القليلة بمعارك دامية تستنزف موارد كثيرة من جنود وذخيرة.
على هذا الصعيد، تميل كفة الميزان لصالح روسيا التي يمكنها، وفق مصادر أوكرانية، إرسال حوالى 30 ألف جندي إضافي إلى الجبهة شهريا والتي حوّلت في العام 2023 اقتصادها برمّته إلى المجهود الحربي.
بخلافها، فإن أوكرانيا التي بدأت الحرب بالنسبة إليها في العام 2014 في دونباس ومع ضم روسيا شبه جزيرة القرم، منهكة وعاجزة عن تعبئة عدد إضافي من الجنود.
وبعد عامين من وحدة وطنية لا تتزعزع، تفاقمت الخلافات السياسية والعسكرية في كييف، مع استبدال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قائد الجيش الذي يحظى بشعبية كبيرة فاليري زالوجني بأولكسندر سيرسكي.
«السيناريو الأسوأ»
وقال المحلل البولندي ماريك مينديشاك من مركز الدراسات الشرقية في وارسو "بدأت روسيا تعتقد أنها قادرة على الانتصار" مضيفا "هذا الشعور بالنصر يغذيه تراجع الدعم العسكري الغربي والسياق السياسي" في الولايات المتحدة الذي يتضمّن احتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض عقب الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني.
واعتبر مينديشاك متحدثا إلى صحفيين، أن الرئيس الروسي قد يميل إلى "ترك أوكرانيا تنزف" ريثما يحين موعد الانتخابات الأمريكية.
في واشنطن، لا أحد يتحدّث عن إجراء مفاوضات في المستقبل القريب. وقال مسؤول أمريكي رفيع المستوى مطلع ديسمبر/كانون الأول تحدث شرط عدم كشف اسمه "أعتقد أن بوتين لن يتخذ خطوة مهمة نحو السلام قبل أن يرى نتيجة انتخاباتنا".
وتثير عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قلق الأوكرانيين والأوروبيين، إذ يمكن للرئيس الأمريكي السابق الذي أكد أنه قادر على إنهاء الحرب "في 24 ساعة" إذا أعيد انتخابه، أن يقطع المساعدات عن أوكرانيا أيضا.
تعثر الداعمين
ومنذ أشهر تتعثّر واشنطن، الداعم الرئيسي لكييف مع تقديمها أكثر من 110 مليارات دولار من المساعدات منذ العام 2022، في التصويت لمظروف مساعدات جديدة لأوكرانيا، ويعود ذلك خصوصا إلى الضغط الذي يمارسه دونالد ترامب على الجمهوريين الذين يتمتّعون بالأغلبية في مجلس النواب.
أما أوروبا التي قدمت مساعدات عسكرية بقيمة 28 مليار يورو، فتواجه صعوبات في الوفاء بوعودها ولن يكون بمقدورها التعويض عن أي نقص أمريكي في المستقبل القريب.
ورغم تأكيد زعماء دول الاتحاد الأوروبي مواصلة الدعم لأوكرانيا، فإن علامات "الإرهاق" تبدو أكثر وضوحا يوما بعد يوم، لا سيما بين المزارعين الأوروبيين الغاضبين بسبب المنافسة التي تشكّلها المنتجات الأوكرانية على محاصيلهم.
aXA6IDE4LjIyNC41OS4xMzgg
جزيرة ام اند امز