الوجهات السياحية الأكثر تفضيلاً للفرنسيين.. تونس في المقدمة

رغم استمرار شغف الفرنسيين بالسفر، تكشف الأرقام والتحليلات هذا الصيف عن تحولات لافتة في تفضيلاتهم السياحية.
وتتألق تونس مجددًا كوجهة اقتصادية مفضلة، في حين تتراجع الولايات المتحدة بشكل ملحوظ من قوائم السفر في ظل الأزمة الاقتصادية، والتوترات الجيوسياسية، وتقلبات الأسعار التي تعيد رسم خريطة العطلات في 2025.
وقالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، إنه على ما يبدو أن رغبة السفر لدى الفرنسيين لا تزال قوية في صيف، لكن هذا الموسم يبدأ وسط حالة من عدم اليقين، وفق ما يوضحه منظمو الرحلات السياحية.
فقد أشار باتريس كارادك، المدير العام لشركة "Alpitour" والرئيس الجديد لنقابة شركات السياحة المنظمة (SETO)، إلى أن "الموسم الشتوي كان مستقرًا، لكن موسم الصيف لا يزال غامضًا، رغم تسجيل ارتفاع طفيف في الحجوزات، إلا أن الوضع الاقتصادي يدعو للحذر".
وأثناء تقديمه للتقرير السنوي للنقابة، والذي يُلخص نشاط 78 عضوًا مثل "Voyageurs du Monde"، "Fram"، "Marco Vasco"، و"Club Med"، أظهرت الأرقام أن السياحة المنظمة تشهد تباطؤًا واضحًا مقارنة بالموسم السابق الذي كان مزدهرًا.
أسباب التباطؤ
وأسباب هذا التباطؤ متعددة، من بينها الصراع بين إسرائيل وإيران، والتباطؤ الاقتصادي، وتراجع السفر إلى الولايات المتحدة بنسبة 14% لصيف هذا العام.
وعلق آلان كابستان، المدير العام لمغموعة "Voyageurs du Monde": "نلاحظ انقسامًا في السوق على أسس اقتصادية؛ فهناك طلب متزايد على وجهات باهظة مثل بولينيزيا الفرنسية، يقابله ارتفاع الإقبال على وجهات أرخص مثل تونس والسنغال".
- وزير السياحة التونسي: طبرقة وجهة مبهرة ونعمل لرفع طاقتها إلى 40% بحلول 2030
- تحركات استراتيجية في سماء أوروبا.. صفقة مهمة للخطوط التركية
عادات السفر هذا الصيف: بين الطموح والقيود
في الفترة من 1 مايو/ أيار إلى 31 أكتوبر/ تشرين الأول، سجلت وكالات السفر ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 1.4% في حجوزات العملاء مقارنة بالعام الماضي، خاصة على الوجهات متوسطة المدى (+1.6%)، مثل دول جنوب أوروبا.
أما الإيرادات فقد ارتفعت بنسبة 2.9%، ما يشير إلى زيادة الإنفاق الفردي.
لكن SETO حذرت من أن هذه الأرقام لا تعكس الصورة الكاملة، إذ لا تزال الحجوزات نحو وجهات رئيسية في جنوب أوروبا غير مكتملة حتى نهاية أبريل/ نيسان، وسط أجواء اقتصادية متقلبة وأسعار رحلات مرتفعة، لا سيما نحو اليونان.
بدوره، قال رينيه-مارك شيكلي، الرئيس السابق لـ SETO: "في حال استمرار الغموض، لا يتجه الفرنسيون إلى السفر المحلي بقدر ما يلجأون للإقامة المجانية عند الأقارب ويوفرون المال. لكن بمجرد زوال الشكوك، يعاود السوق نشاطه بسرعة".
الوجهات المفضلة: صعود تونس وتراجع أمريكا
وبالنسبة للوجهات متوسطة المدى فإن الفرنسيين يفضلون أوروبا وشمال أفريقيا، وبينما لا تزال اليونان (كريت ورودس) في الصدارة، قفزت تونس إلى المركز الثاني (+13%)، متفوقة على جزر البليار، يليها المغرب (+12%)، ثم اليونان القارية التي تراجعت بنسبة 6%.
أما الوجهات طويلة المدى، فإن جزيرة موريشيوس لا تزال الأولى، تليها الولايات المتحدة التي تراجعت بشدة (−14%)، كما ارتفعت كندا بنسبة ضئيلة فقط (+1%)، وبالنسبة لآسيا فإن نسبة الإقبال مستقرة عمومًا، لكن إندونيسيا تراجعت (−6%) نتيجة الأسعار المرتفعة والاكتظاظ في بالي، واليابان تراجعت (−5%) رغم انخفاض الين، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الفنادق والطيران خلال المعارض. فيما سجلت فيتنام ارتفاعًا ملحوظًا (+41%)، بفضل ما تقدمه من محتوى ثقافي جذاب للفرنسيين.
بولينيزيا: الحلم البعيد يتحقق
ووفقًا للصحيفة الفرنسية، فإن مدينة "بولينيزيا" الفرنسية، الوجهة الباهظة والبعيدة، تشهد طفرة مفاجئة في الحجوزات (+16%)، ويحجز لها حتى عام 2027.
من جانبها، قالت كارولين مارو، المديرة العامة الجديدة لشركة Marco Vasco: "بالنسبة للكثيرين، بولينيزيا هي حلم العمر، والناس بحاجة للحلم والابتعاد عن الواقع".
تأثيرات الصراع بين إيران وإسرائيل
الصراع الجديد في الشرق الأوسط لا يقلق فقط من يخططون للسفر، بل يحدث اضطرابات مباشرة، إذ إن الأردن، الوجهة السياحية الأولى في المنطقة، أصبحت غير آمنة حاليًا، كما أن سلطنة عمان تأثرت أيضًا بالأحداث الجيوسياسية، كما أن الرحلات المتجهة إلى آسيا أصبحت أطول بسبب المسارات الجوية البديلة.
جمهورية الدومينيكان: وجهة استقرار رغم التحديات
وتحافظ جمهورية الدومينيكان على شعبيتها (+4%) رغم توقف رحلات "إير فرانس" إلى "بونتا كانا" منذ 2022. وقد أعلنت الشركة استئناف رحلاتها بدءًا من يناير/ كانون الثاني 2026، ما قد ينعش الطلب مجددًا.
تحديات في تنزانيا: الوجهة الناشئة تواجه عقبة كبرى
تنزانيا صعدت بقوة على رادار السياحة الفرنسية، خاصة برحلات السفاري ثم الاسترخاء في زنجبار. لكنها تواجه مشكلة حقيقية بعد إدراج جميع شركات الطيران التنزانية على القائمة السوداء للاتحاد الأوروبي، ما يمنع استخدام الطيران الداخلي للسياح.
الجهود جارية لتوفير حلول بديلة عبر الخطوط الجوية الإثيوبية والقطرية، لكنها محدودة النطاق، ويأمل المنظمون أن تتحرك السلطات التنزانية لتدارك الأمر.
الولايات المتحدة... الوجهة المتراجعة
الشعور بالفتور تجاه السفر إلى الولايات المتحدة مستمر، لا سيما مع العودة السياسية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يخلق توجسًا لدى بعض الفرنسيين، فقد انخفضت الحجوزات بنسبة 14% حتى أبريل/ نيسان، وزادت سوءًا في مايو/ أيار (بمعدل تراجع يناهز 30%).
وقالت روز-ماري فاروجيا، مديرة "Cercle des Vacances": "الطلب منخفض للغاية، رغم عروض التذاكر الجوية الرخيصة". أما جان-إيمانويل شومتون، مدير "Maisons du Voyage"، فيرى أن الوجهة الأمريكية لا يمكن تعويضها بواحدة أخرى، بل سيبحث المسافرون عن بدائل متعددة حسب اهتماماتهم، وإن كان كندا والمكسيك لا يبدوان بديلين مفضلين في الوقت الحالي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTY4IA== جزيرة ام اند امز