أبرز وصايا الشيخ صالح اللحيدان وموقفه من الإخوان
إرث زاخر من الوصايا والفتاوى والمؤلفات، سجل عبرها فقيد الأمة الشيخ العلامة صالح بن محمد اللحيدان، مواقف خالدة نصرة لدينه وأمته ووطنه.
وصايا وفتاوى تدعو للتسامح وتحث على الاستغفار والتوبة والاستعداد ليوم الرحيل وتؤكد أهمية اتحاد الأمة الإسلامية ولم شملها، وتحذر من خطر جماعة الإخوان الإرهابية.
وصايا يستذكرها المسلمون في أصقاع العالم، وهم يودعون الشيخ اللحيدان، عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية، أحد أبرز علماء الأمة، الذي توفي، الأربعاء، بعد معاناة مع المرض.
ووافته المنية عن عمر ناهز 90 عاما، قضى أكثر من 6 عقود منها في العمل بالقضاء والدعوة والخطابة، حيث عمل بالقضاء على مدار 46 عاما تدرج خلالها في العديد من المناصب وصولا لمنصب رئيس المجلس الأعلى للقضاء الذي شغله على مدار 17 عاما حتى عام 2009.
كما يعد الشيخ صالح اللحيدان من العلماء البارزين في المملكة، وأقدم أعضاء هيئة كبار العلماء بها الذي احتفظ بعضويته بها 51 عاما منذ تأسيسها عام 1971، وحتى وفاته.
وشغل الفقيد الراحل عضوية رابطة العالم الإسلامي، كما كان أحد ثمانية من المشايخ والعلماء الذين اعتلوا منبر مسجد "نمرة" لإلقاء خطبة عرفة خلال 43 عاما.
وتعد خطبة عرفة، أبرز رسالة دينية سنوية توجّه من أقدس بقاع الأرض إلى العالم، رسالة تدعو إلى السلام والمحبة والتسامح، تنطلق من منبع الرسالة المحمدية إلى جميع دول وشعوب العالم.
ينتظر العالم الإسلامي خطبة عرفة كل عام بصفتها استعراضاً لهموم وتطلعات المسلمين، وإرشادات ربانية للتوادّ والتراحم والتكاتف فيما بينهم، والحثّ على الترابط العائلي والتحلي بالقيم الإسلامية الرفيعة في جميع المعاملات اليومية ، والإحسان إلى المحتاجين.
ساهم الفقيد الراحل بمسيرة علمية طويلة امتدت لعقود عبر العديد من المؤلفات الشرعية والفتاوى والآراء والدروس التي خدم بها دينه وأمته ووطنه، حيث كانت له دروس في المسجد الحرام تذاع، وفتاوى في برنامج "نور على الدرب"، وله محاضرات وندوات ومشاركة في مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه.
فاضت روح الشيخ اللحيدان إلى بارئها ليرحل عن عالمنا، تاركا خلفه إرثا من الفتاوى والمؤلفات الشرعية التي تخلد علمه وعمله الصالح.
أبرز وصاياه
ومع رحيله بدأ الملايين حول العالم تداول مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتضمن نماذج من أبرز وصاياه وخطبه.ومن بين تلك الفيديوهات، وصيته للمسلمين للاستعداد ليوم وفاتهم، قائلا :"يحسن بالإنسان أن يفكر في هذا الوضع ويستعد له قبل حصوله بتوبة من الذنوب وقضاء حقوق العباد واستحلال من أساء إليهم ليتهيأ بتوبة صادقة وإنابة لله وكثرة الاستغفار".
الإكثار من الاستغفار أيضا كان أبرز وصاياه في خطبة أخرى تم تداولها على نطاق واسع، يدعو فيها إلى الحرص على الإكثار من الاستغفار، مشيرا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كان يستعفر في المجلس الواحد أكثر من مائة مرة.
يقول الشيخ اللحيدان: "أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل والإكثار من ذكر الله والتسبيح والتهليل والتحميد".
وأضاف: "أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت ذنوبه، وهذا فضل عظيم من الله فلتحرص على الاستغفار، لأنه من أفضل الأعمال وينبغي أن يختم به كل مجلس".
واختتم بالقول: "جرب نفسك أيها المسلم.. أنا وأنت هل الواحد منا يجلس يتحدث نصف ساعة هل يتخلل كلامه استغفر الله؟.. تمر الساعات دون أن يتنبه لها، فلنكثر من الاستغفار".
دعوة للوحدة والاتحاد
وكان رحمه الله دائم الدعوة إلى اتحاد الأمة وجمع كلمتها، داعياً "كل من له شأن في الأمة الإسلامية أن يهتم بهذه الأمة ويعتني بمصالحها ويرعى جانبها ويسعى جاهدا للم شملها واجتماع ما تفرق منها وأن يكون ذلك كله ابتغاء مرضاة الله ورفعة أمة الإسلام".وكان دائم الابتهال لله والدعاء "باجتماع كلمة المسلمين على الحق، وانتصارهم على الباطل، واتحاد كلمتهم، وزوال ما حل ببعض الدول الإسلامية من حروب، وتشتت، وتفجيرات، ومشاكل، وأن يحل محل ذلك اتفاق الكلمة".
كما كان حريصا على أن يكون المسلم قدوة بأخلاقه، داعيا إلى الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم.
وأكد أن "حسن الخلق يأتي بالخير الكثير للمؤمن ويملأ القلوب محبة لمن حسن خلقه ويسهل وييسر حل المشاكل التي قد تعترض كثيرا من الناس"، حاثا المسلم بأن "يكون بشوشا عذب اللسان لين الجانب وأن يكون قابلا للعذر لأن قبول العذر من المعتذر بحق من شيم أهل الوفاء".
وأوضح الشيخ اللحيدان أن مكارم الأخلاق أعلاها وأجلها الإيمان بالله جل وعلا وأداء فرائض الإسلام وبذل المعروف والإحسان إلى الخلق، مشيرا إلى أن أعظم الإحسان إلى الخلق أن يكون المرء سببا في هدايتهم بنصح غافلهم وهداية جاهلهم يبتغي بذلك وجهة الله تعالى في الدار الآخرة.
كورونا والإخوان
ومع ظهور جائحة كورونا مطلع عام 2020، كان الشيخ اللحيدان على رأس هيئة كبار العلماء في السعودية الذين أيدوا ما قررته حكومة المملكة بأن يكون الحج بعدد محدود جداً من داخل المملكة حفاظاً على صحة الحجاج وسلامتهم، مع الحرص على إقامة الشعيرة دون أن يلحق ضرر بأرواح الحجاج، وذلك استنادا إلى أن قواعد الشريعة تدل على دفع الضرر قبل وقوعه، وتشدد على وجوب المحافظة على الأرواح.أيضا كان على رأس قائمة العلماء المحذرين من خطر جماعة الإخوان الإرهابية وذلك عبر بيان أصدرته هيئة كبار العلماء في السعودية 10 نوفمبر 2020، وزيل بتوقيع الشيخ اللحيدان إلى جانب علماء المملكة.
أكدت هيئة كبار العلماء، في بيانها أن "جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب".
وأكد البيان "أن كل ما يؤثر على وحدة الصف حول ولاة أمور المسلمين من بث شبه وأفكار، أو تأسيس جماعات ذات بيعة وتنظيم، أو غير ذلك، فهو محرم بدلالة الكتاب والسنة. وفي طليعة هذه الجماعات التي نحذر منها جماعة الإخوان المسلمين".
وأردف: "هي جماعة منحرفة، قائمة على منازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد، ووصف المجتمعات الإسلامية بالجاهلية، ومنذ تأسيس هذه الجماعة لم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية، ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم، ومن ثم كان تاريخ هذه الجماعة مليئاً بالشرور والفتن، ومن رَحِمها خرجت جماعاتٌ إرهابية متطرفة عاثت في البلاد والعباد فساداً مما هو معلوم ومشاهد من جرائم العنف والإرهاب حول العالم".
ودعا البيان الجميع الحذر من هذه الجماعة وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها.