راكان العزعزي.. يمني تحدى "وصمة التهميش" ونال شهادة الطب
أصبح الشاب راكان العزعزي حديث الكثيرين في اليمن، بعدما تخرج في كلية الطب، ليصبح أول طالب من فئة المهمشين ينال تلك الشهادة المرموقة.
وجذب راكان العزعزي الأضواء نظرا للبيئة التي قدم منها، وهي فئة المهمشين التي لا تشجع أطفالها كثيرا على مواصلة التعليم، بل ينخرطون في العمل بالمهن البسيطة كمجال النظافة، لأنه المجال الوحيد الذي لا يتطلب مؤهلا دراسيا.
قصة راكان الملهمة هي عنوان لرحلة كفاح، تستحق أن يسعى آخرون للاقتداء بها، لا سيما أنه جاء من محيط أسري، لا يشجع أفراده على الالتحاق بالتعليم.
ويتسرب مئات الشباب في فئة المهمشين من التعليم في أوقات مبكرة، بل إن البعض منهم لا يلتحق بالفصول الدراسية على الإطلاق، نظرا لعدم اهتمام أسرهم بالتعليم، فضلا عن غياب القوانين التي تجعل من التحاق الأطفال بالمدارس إلزاميا.
اتخذ الشاب القادم من منطقة العزاعز في الحجرية، جنوب محافظة تعز والمعروف عن أبنائها حبهم للتعليم، ومن التحصيل الدراسي سبيلا للتخلص من البؤس الذي يعيشه، وكان تحسين واقعه دافعا قويا في مواصلة تعليمه.
دافع قوي
وشكلت العلامات القوية التي يحصل عليها في الاختبارات النهائية حجة قوية لتعزيز قناعاته بأن مواصلة التعليم لها ثمارها في المستقبل وأن علاماتها تلوح الآن في تلك الدرجات الرفيعة التي يحصل عليها.
وعزز من تلك الجهود والدته التي كانت تمنحه القوة حينما تشجعه على التعليم، وتدعوه إلى التفكير بشكل جدي في مستقبله.
ويحكي الطبيب راكان العزعزي قصة كفاحه الملهمة لـ "العين الإخبارية" والظروف التي عاشها في تلك الرحلة، وكيف تمكن من الحصول على شهادة البكالوريوس في الطب في ظل أجواء الحرب، وما عاشته مدينة تعز من استهداف متواصل من قبل مليشيات الحوثي ما أجبره في مرات عدة على التوقف عن الدراسة.
رحلة كفاح صعبة
ويسرد جانبا من الأوجاع والظروف البائسة التي مر بها، إذ خاض صراعا قويا مع محيطه، من أجل الاستمرار في التعليم، فيما كانت ظروف أسرته الاقتصادية تجذبه كثيرا إلى بيئة العمل، من أجل تأمين قوت يومه.
ودفعته الظروف المادية الصعبة إلى التفكير مرات عدة وبشكل جدي في اتخاذ قرار بالتوقف عن مواصلة الدراسة. ويقول راكان العزعزي لـ "العين الإخبارية" إن الفقر الذي يحيط بعائلته كان يمثل عائقا أمام استمراره، حيث واجه صعوبة في شراء المراجع العلمية والملابس التي يحتاجها.
وقد انعكست ظروفه المادية البائسة على حياته الجامعية، لكن إرادته القوية مكنته من أن يكون أول طبيب في هذه الفئة المهمشة في منطقته وربما محافظته، وساعده على ذلك صندوق دعم التعليم، وهو صندوق خيري يقدم دعما ماليا للطلاب غير القادرين على مواصلة التعليم.
شعور بالامتنان
وعبر "راكان" شعوره بالامتنان على الإطراء الذي تلقاه أثناء حصوله على الشهادة الجامعية، قائلا إنه لم يكن يتخيل أن يحصل على كل ذلك الإطراء والتهاني من مختلف الأشخاص.
ويصف أجواء التعليم الجامعي بالأكثر من رائعة؛ إذ ذابت في ذلك المحيط الواسع كافة أشكال التمييز والعنصرية التي عانى منها، وعاش كأي فرد في المجتمع، بل إنه تقاسم السكن مع زملائه وتناول معهم الوجبات الغذائية، دون أي أثر لتمييز أو تعصب للعرق أو اللون، رغم مواجهته مواقف عنصرية خارج محيط التعليم.
وفيما يتعلق بحياته العملية، يؤكد راكان على مسؤوليته في معالجة الناس دون تمييز بلون البشرة أو الفئة التي ينتمي إليها، داعيا المجتمع والدولة إلى مساعدة فئة المهمشين التي وصفها بأنها فئة مظلومة، ومنح أفرادها فرصة التعليم الكافي ليكون منطلقا للنهوض بهذا الوطن الذي هو مسؤوليتنا جميعا.
الأسر المهمشة
يقدر عدد أفراد الأسر المهمشة في اليمن بنحو 3 ملايين شخص، يعيشون على هامش المجتمع اليمني، وفي بيئة فقيرة ووضع اجتماعي حرمهم من حق الحصول على الأراضي الزراعية أو فلاحتها أو الانخراط في المجال التجاري. وهو ما دفعها إلى الانكفاء على نفسها وإغلاق حدود التعامل مع الفئات الأخرى؛ بسبب ما واجهته من تمييز عنصري أقصاها من الحياة الاجتماعية.