دعم "الأحداث" بعدن.. من أسوار الإصلاحيات إلى عالم الإبداع
"للظروف أحكام خارجة عن إرادة البشر أحياناً، خاصة عندما يكون هؤلاء البشر صغاراً، لا يعون ما يفعلون؛ ليٌفاجأوا بنتائج وعواقب قاسية ومؤلمة".
تستعير رئيسة جمعية "الساحل للتنمية" بمنطقة عمران، في مديرية البريقة، غرب عدن، سلمى عبدان، هذه الكلمات لتصف بها حال مئات الأطفال الأحداث في مدينة عدن اليمنية.
معاناة هؤلاء الأحداث كبيرة، خاصة وأنهم يعيشون في ظل ظروف أقل ما توصف به أنها "مأساوية؛ بسبب استمرار الحرب وقلة الاهتمام بهذه الإصلاحيات من قبل الجهات المعنية.
ورغم كل هذه الظروف الصعبة، إلا أن صغار الأحداث بعدن، يبهرون كل مَن يزورهم، ويؤكدون أنهم فوق مستوى المعاناة، من خلال قدراتهم التي يعبرون عنها داخل جدران الإصلاحيات.
إرادة في ظل المعاناة
وكانت رئيسة جمعية الساحل، سلمى عبدان، في زيارة إلى مركز إصلاحية الأحداث بمدينة عدن، كأحد أنشطة وفعاليات جمعيتها، حين تلمست أوضاعهم، وفي نفس الوقت عزيمتهم وإرادتهم.
وتتحدث عبدان لـ"العين الإخبارية" عن أوضاع الكثير من الصغار الذين فرضت عليهم الحياة التواجد في أماكن ما تمنوا يوما أن يكونوا فيها.
وأشارت إلى ما يعيشه الأحداث في مراكز وإصلاحيات تفتقر للكثير من الاحتياجات والمتطلبات التي تساعدهم على الخروج للمجتمع أشخاصا أسوياء.
واستدركت: "إلا أنه ورغم كل هذه الظروف القاسية التي فُرِضت عليهم، إلا أن ثمة آمال وأحلام وطموحات يمتلكها هؤلاء الأحداث، تقودها إرادتهم وعزيمتهم".
اكتشاف المواهب
خلال زيارتها إلى مركز الأحداث، اكتشفت الناشطة المجتمعية، سلمى عبدان، الكثير من المواهب التي يمتلكها الأطفال القابعون داخل هذه الإصلاحيات.
ولم تمنع بيئتهم التي يعيشون فيها، والأسوار المحيطة بهم، والظروف التي وُضعوا فيها مرغمين، من بروز إبداعاتهم وممارسة مواهبهم بأبسط الإمكانيات، وبما هو متاح ومتوفر، كاشفةً عن مواهب وقدرات فنية كبيرة، يختزنها هؤلاء الصغار في مجال الرسم والفن التشكيلي، وصل إلى درجة الإتقان والإبداع.
وتقول عبدان: "هذه المواهب والإبداعات ليست مفاجئة، فالإبداع يولد من رحم المعاناة، ولعل ما قاساه هؤلاء الصغار كان سببا في تميزهم وإبهارهم لنا بما رأيناه من أعمالهم".
قافلة الأيادي البيضاء
وأمام هذا الوضع الفارق، بين المعاناة التي ولدت الإبداع، كان لا بد من التدخل لدعم هذه المواهب الصغير القابعة بين جدران الإصلاحيات فكان أن قامت جمعية الساحل التنموية بمنطقة عمران في مديرية البريقة، غرب عدن، بتقديم دعم إبداعي تضمن مواد فنية وإبداعية لتشجيع الموهوبين من الأطفال والأحداث.
وقالت سلمى عبدان إن "الدعم احتوى على مواد رسم ولوحات ورقية وألوان خشبية ومستلزمات فنية التي من الممكن أن تنمّي مواهب الأحداث، وتخرجهم بعض الشيء من عالم الإصلاحية وجدرانها الموحشة إلى عالم الخيال والإبداع".
وأشارت إلى أن ما قدمته الجمعية من مواد، تكفل بها عدد من فاعلي الخير، والداعمين من التجار ورجال الأعمال في مدينة عدن، دعما للأطفال وتشجيعا لمواهبهم.
وأكدت رئيسة جمعية الساحل أن مثل هذه الأعمال التحفيزية تعمل على تغيير أفكار الأحداث من الأطفال، وتساعدهم على بدء حياة جديدة، حين تنقضي فترة وجودهم في الإصلاحيات.
aXA6IDE4LjIyNi4yMjYuMTU4IA== جزيرة ام اند امز