الجيش الإسرائيلي يستنبط "الدروس" من معركة الموصل
صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية ترصد عددا من الدروس المهمة للجيش الإسرائيلي من معركة الموصل.. ما أهم تلك الدروس؟
قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إن على الجيش الإسرائيلي أن يستنبط عدة دروس من معركة الموصل، رغم أنها ما زالت في بدايتها.
وكتب المحلل العسكري للصحيفة، رون بن يشاي، الأحد، أن أسلوب قتال داعش في الموصل يشبه إلى حد كبير الأساليب التي تعتزم حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني استخدامها في أية مواجهة مقبلة مع إسرائيل.
وقال إن أسلوب القتال الذي ينتهجه تنظيم داعش في الموصل يمكن وصفه بأنه "حرب العصابات الدفاعية"، أو "حرب العصابات المفخخة"، التي تعتمد على الكمائن والأفخاخ، والذي يكون مناسبا للقتال في المناطق المأهولة، التي تشكل ميزة لمن يدافع عن المكان ويعرفه جيدا، خاصة إذا كان أمامه من الوقت ما يمكنه من تأهيل المكان للحرب، خاصة إذا كان عدد مقاتليه أقل بكثير من القوات التي تستهدف اقتحام المدينة.
وقدر المحلل العسكري للصحيفة الإسرائيلية عدد مقاتلي داعش في الموصل والقرى المحيطة بها بـ8 آلاف مقاتل، مقابل نحو 35 ألف مقاتل يمثلون قوات التحالف الدولي التي تضم الجيش العراقي وقوات البشمرجة الكردية التي تم تجهيزها وتدريبها على يد الأمريكيين، بالإضافة إلى القوات التركية، والميليشيات الشيعية والسنية.
وقال إن هذا الوضع سيكون مشابها للجيش الإسرائيلي في مواجهته المقبلة مع حزب الله اللبناني في لبنان أو سوريا، أو مع حماس في قطاع غزة.
وأوضح أن أنشطة داعش تنقسم إلى مستويين، الأول هو "العرقلة"، ويكون عبارة عن عمليات في المساحات المفتوحة في المنطقة القروية خارج الموصل تستهدف عرقلة تقدم قوات التحالف.
أما المستوى الثاني فهو الاستعداد للحرب المنتظرة داخل مدينة الموصل ذاتها. وقال إن داعش سيستخدم المدنيين في الحالتين كدروع بشرية، خاصة أنه قادر على الاندساس وسط المدنيين لشن هجمات مباغتة ثم العودة للاختفاء بينهم مرة أخرى.
وأضاف أن ذلك يتيح لمقاتلي داعش الهرب من عمليات القصف الجوي التي تنفذها قوات التحالف، متوقعا أن تنتهج حركة حماس وحزب الله الأسلوب ذاته في مواجهة إسرائيل، حيث يختبئ مقاتلوهم بين المدنيين وداخل الأنفاق بعد أن يشنوا هجماتهم على الجانب الإسرائيلي هربا من الغارات الإسرائيلية.
ولفت إلى أن داعش وحزب الله وحماس تعتمد على الظهور لفترات قصيرة من أجل تكبيد القوات المهاجمة خسائر كبيرة، ثم يختفي كي يظهر في مكان آخر.
وأوضح رون بن يشاي أن "حرب العرقلة" تجري عبر مسارين، الأول أن تندس "خلايا نائمة" لمقاتلي داعش بين السكان المدنيين، من أجل تنفيذ عمليات في مواقع خارج ميدان الحرب على الموصل. والهدف هو إجبار القوات العراقية والكردية على التوجه إلى تلك المواقع، مما يضعف القوات التي تهاجم مدينة الموصل نفسها.
ولفت إلى أن ذلك هو ما حدث، نهاية الأسبوع الماضي في كركوك، التي تمثل أهمية خاصة للحكومة العراقية بسبب آبار النفط الموجودة بها، فضلا عن أهميتها للأكراد الذين يدعون سيطرتهم على تلك المدينة التي تبعد نحو 150 كيلومتر عن الموصل.
وأكد أن الهجوم على كركوك يمثل دفاعا ممتازا عن الموصل، ولذلك خطط داعش لذلك الهجوم بحرص شديد، فأرسلوا إلى هناك سيارات مفخخة وقناصين في مجموعات صغيرة العدد، هاجموا قوات الأمن العراقية والكردية ثم اختبأوا داخل المباني وصعدوا على الأسطح وواصلوا القنص.
كما قاموا بإشعال عدد من آبار النفط من اجل تغطية سماء المنطقة بالسحب السوداء التي ستعرقل عمل الطائرات بدون طيار التي تستخدمها القوات الأمريكية لجمع المعلومات الاستخباراتية واستهداف عناصر داعش بالصواريخ.
بالإضافة إلى أن هذه السحابات ستمنع الطائرات الأمريكية من شن غارات جوية على المدينة او استهداف مواقع داعش هناك.
أما المسار الثاني في "حرب العرقلة"، بحسب المحلل العسكري الإسرائيلي، فيتمثل في زرع ألغام جانبية وأرضية على محاور الحركة الرئيسية وتفجير سيارات مفخخة على قوافل السيارات المدرعة المتقدمة باتجاه الموصل.
ولفت إلى أن داعش ضرب عددا من الأهداف الاستراتيجية، مثل محطة لإنتاج الكهرباء في كركوك يعمل بها إيرانيون، مما مثل ضربة لإيران والعراق معا.
وقال إن بوسع الجيش الإسرائيلي أن يستوعب عددا من الدروس من هذه التحركات، مثل توقع أن تبادر حركة حماس أو حزب الله إلى عرقلة تقدم القوات الإسرائيلية على الأرض، عن طريق تنفيذ هجمات مباغتة ضد مستوطنات إسرائيلية.
كما حذر من أنهم قد يلجؤون إلى احتجاز مدنيين إسرائيليين كدروع بشرية لهم أيضا لوقف الهجمات الإسرائيلية، على غرار ما فعل داعش في بلدة برطلة التي تبعد نحو 20 كيلومترا فقط عن الموصل، وقرى أخرى في المنطقة المحيطة.
وأشار إلى أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قال في مناسبات عدة إن حزب الله يعتزم التسلل إلى منطقة الجليل داخل إسرائيل والسيطرة على عدد من المستوطنات الإسرائيلية تقع على بعد عدة كيلومترات من الحدود اللبنانية، بهدف عرقلة قوات المدرعات الإسرائيلية التي ستتحرك لاستهداف لبنان.
وأضاف: "من السهل افتراض أن حزب الله سيزرع الألغام على المحاور المرورية للقوات الإسرائيلية المدرعة التي قد تتقدم لاقتحام الحدود اللبنانية من أجل السيطرة على المناطق التي سيطلق منها حزب الله الصواريخ على العمق الإسرائيلي، وبالتالي سيسعى حزب الله إلى عرقلتها ومنع تقدمها، ولكن بشكل أساسي من خلال (قوة رضوان)، التي تستهدف السيطرة على مستوطنات مدنية إسرائيلية واحتجاز رهائن".
ولفت إلى عدم وجود آبار نفط يمكن لحزب الله أن يشعلها من أجل تغطية السماء بسحابات سوداء لعرقلة أجهزة الرصد وعمل الطائرات بدون طيار التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي. وتوقع أن يلجأ حزب الله إلى وسيلة أخرى، سبق استخدامها في كوسوفو، وهي إشعال مواد أخرى ينتج عنها دخان كثيف لتحقيق الهدف ذاته من اجل تحييد التفوق الإسرائيلي على صعيد العمليات الجوية وجمع المعلومات الاستخباراتية.
وقال إن حركة حماس تلجأ أيضا إلى حفر أنفاق تمتد إلى العمق الإسرائيلي من أجل محاولة السيطرة على مستوطنات إسرائيلية واتخاذ من فيها رهائن، من اجل إرباك القوات الإسرائيلية التي ستتحرك لاقتحام قطاع غزة.
وأضاف أن الأنفاق تتيح أيضا لمقاتلي داعش وحماس نقل المقاتلين وعتادهم من مكان لآخر بسرعة شديدة، فضلا عن الاحتماء من الغارات الجوية.
وتوقع أن يكون داعش أعد أنفاقا عديدة في الموصل لتنفيذ هجمات مباغتة من خلالها ضد قوات التحالف الدولي، سواء لاختباء المقاتلين فيها أو زراعة ألغام فيها.
وقال إن الأنفاق ستحتاج جهدا كبيرا من قوات التحالف، ومن الجيش الإسرائيلي في حالة دخوله في مواجهة جديدة مع حماس وحزب الله،
وطالب المحلل العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي، قيادات الجيش الإسرائيلي بمتابعة دقيقة لمجريات الحرب الجارية في الموصل من أجل استنباط المزيد من الدروس التي ستحسّن أداء القوات الإسرائيلية بالضرورة في أية مواجهات مقبلة مع حماس وحزب الله.
aXA6IDE4LjIxNy4yMzcuMTY5IA==
جزيرة ام اند امز