مصرية تقتل طفلتيها انتقاما.. والنيابة تتهم "سوء العلاقة الزوجية"
جريمة مأساوية وقعت فصولها في قرية مصرية على يد سيدة لم تتردد في قتل طفلتيها بحجة الخلاص من قسوة الأب
شهدت قرية مصرية واقعة مأساوية، تتلخص في قتل أم لطفلتيها انتقاما من زوجها، والد الطفلتين، ثم تبادر إلى الانتحار، لكن القدر يمنع رحيلها بتلك السهولة.
القرية تدعى "بهتيم"، وتقع في نطاق حي شرق شبرا الخيمة، أحد أحياء محافظة القليوبية المجاورة لمحافظة القاهرة.
أما الواقعة فبدأت الأربعاء، ببلاغ من مستشفى بهتيم يفيد بوصول طفلتين متوفيتين، الأولى عمرها 6 أعوام والثانية 7 أعوام.
وما أن شاهد طبيب الاستقبال جثتيهما حتى شك في ظروف وفاتيهما، فسارع إلى إبلاغ الشرطة والنيابة، بعد أن ظهرت بوضوح سحجات برقبتيهما وآثار تجمعات دموية أسفل الذقن والجلد، وزرقة في الشفاه.
وسرعان ما انتقلت النيابة العامة إلى المستشفى وكلفت الطب الشرعي بفحص الجثتين، بينما كانت تعكف الشرطة على جمع المعلومات الممكنة حول الطفلتين وعائلتهما.
كانت الشبهات تبحث عن مسارات محتملة، وربما أكثر منطقية، لعلها عملية اختطاف بغرض السرقة وانتهت بالقتل، أو لعلها واقعة خطف بغرض الاغتصاب من مختل، أو حتى واقعة تعذيب من أب سكير، فقد عقله وهو ينهال عليهما ضربا، معتقدا أنه بذلك يؤدبهما.
لكن الحقيقة كانت صادمة، فلا شيء من هذه الاحتمالات كان صحيحا، كانت الكارثة أن الطفلتين البريئتين قتلتا على يد شخص كان من المفترض أن يعتبرانه الصدر الحنون والقلب الرحيم والملاذ الأخير لهما، ليحتميا به عند أي طارئ.
كانت القاتلة هي الأم، وكان القتل عمدا، لا بغرض التأديب، وإنما بغرض الانتقام من زوجها، والد الطفلتين، بدعوى سوء العلاقة بين الزوجين.
كيف غابت مشاعر الأمومة عن هذه السيدة، التي أكدت التحقيقات معها سلامةَ قُواها العقلية وعدم تعاطيها أي مواد مخدرة أو عقاقير تؤثر في إرادتها خلال ارتكاب الواقعة؟.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل سارعت إلى الاعتراف بأن خطتها كانت تشمل إقدامها على الانتحار بعد قتل الطفلتين.
قالت الأم القاتلة في تحقيقات النيابة إنها ضاقت ذرعا بحياة بائسة مع زوجها، لم تذق فيها طعم السعادة، فعلاقتها سيئة بزوجها منذ عقد قرانهما، فكان يمنعها من مغادرة المنزل، أو مخالطة الجيران، أو التواصل مع الأقارب.
وبلغ الضيق ذروته بوفاة طفل لهما منذ 40 يومًا لمرض أصابه، فحاولت الانتحار أكثر من مرة، لكن والدتها كانت تمنعها، حتى جاء يوم الجريمة التي هزت المشاعر.
انتهزت فرصة خروج الزوج إلى عمله، وقررت قتل طفلتيها، فهجمت على الطفلتين، وخنقتهما دون أية رحمة، غير عابئة بتوسلاتهما الحائرة، ولا صدمتهما التي لم تدم طويلا وهما تلفظان أنفاسهما الأخيرة بين يدي أمهما القاتلة.
تقول الأم القاتلة في تحقيقات النيابة أنها قتلت طفلتيها لتخلصهما من قسوة والدهما، ثم تظاهرت أمام أهل زوجها بمفاجأتها بالواقعة، وجهلها بالسبب.
وتدعي أنها كانت ستسارع إلى ذات المصير عبر الانتحار، لكنها لم تفعل بسبب حيرة أصابتها في الطريقة التي ينبغي أن تتخلص بها من حياتها.
أما الزوج البائس، فقال في تحقيقات النيابة، بعد فوات الأوان، إنه لم يكن يسمح لزوجته بالخروج من المنزل، لأنه كان يحبها ويغار عليها.
لعله لو قال لها ذلك مبكرا، لما وقعت الكارثة المأساوية.
وأمرت النيابة العامة بحبس الأم القاتلة احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، وأصدرت بيانا لا يخلو من التعبير عن الصدمة واستنكار تلك الجريمة البشعة.
وطالبت النيابة المختصين ببحث مثل هذه الجرائم، التي وصفتها بأنها "تشذَّ حتى عن غرائز عاطفة الأمومة في الطبيعة الحيوانية"، وأكدت أن سببها الحقيقي يرجع إلى سوء العلاقة الزوجية.
وجاء في البيان: "تُشير النيابة إلى أن الأمراض الزوجية هي علة العلل في حياتنا الاجتماعية، وأن تلك الحياة قوامها الرجل والمرأة، فإذا تمت لهما معًا معاني الإنسانية تمت هذه الحياة، وبدت في أبهى صورها، كاملة في كل وجوهها، ماضية في طريقها، تؤدي مُهمتها كما ينبغي أن تكون".
وأضافت النيابة: "إذا أصاب هذه المعاني شيء من النقص في ناحيةٍ ما، شُوِّهت هذه الحياة، وأصبحت قبيحةً ملعونة، يزول أساس السعادة منها، وتختفي معالم الإنسانية فيها، وتأخذ الحوادث في زلزلتها حتى تنهار بأكملها"، لافتة "فاعلموا أيها أن الحياة السعيدة في سعادة الرجل وزوجه، لا في قصور ولا متاع ولا زينة، وأن السعادة قد تَفرُّ من قصر شامخ إلى كوخ فقير تملؤه حياة صحيحة بين زوجين فإذا هما في السعادة ومنها وإليها يمضيان".