تحريك ورفع.. مصير الجنيه المصري والفائدة بـ"الخميس المنتظر"
تراجع الجنيه المصري بالسوق السوداء مجددًا خلال الأيام الماضية في إشارة إلى أن خفض قيمته الرسمية إلى النصف خلال 2022 لا يزال غير كافٍ.
وقد يتعين على البنك المركزي السماح له بمزيد من الهبوط.
وعلى الرغم من تعهده في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأن يكون العرض والطلب هو الآلية المحددة لسعر الصرف، يدير البنك المركزي العملة في نطاق ضيق ظل دون تغيير فعليًا عند نحو 30.80 - 30.90 للدولار منذ ثلاثة أسابيع بينما انخفض الجنيه إلى ما بين 35 و36 في السوق السوداء.
خفض جديد للجنيه بالأفق
أثار الضغط المتجدد على الجنيه تكهنات بأن البنك المركزي سيحتاج إلى التحرك مرة أخرى، ربما بحلول يوم الخميس عندما تجتمع لجنة السياسة النقدية لتحديد أسعار الفائدة لليلة واحدة.
وخفضت مصر قيمة عملتها بشكل حاد ثلاث مرات منذ أن كشفت الحرب الروسية بأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 عن نقاط الضعف في ماليتها العامة.
ولكن مع كل تخفيض لقيمة العملة، كان البنك المركزي يسعى بعد ذلك إلى الحفاظ على استقرار الجنيه، غير أنه سرعان ما تتجاوز السوق السوداء والعقود الآجلة غير القابلة للتسليم السعر الجديد.
وقال جيرجي يورموشي من بنك سوسيتيه جنرال إنه مع تجاوز سعر الجنيه في العقود الآجلة غير القابلة للتسليم لمدة 12 شهرًا 40 للدولار، فإن تخفيض قيمة الجنيه على نطاق واسع مسألة وقت.
وأضاف يورموشي "لا يوجد وقت مثل الوقت الحالي لمواءمة أسعار الصرف مع الأساسيات"، مضيفا أن إعلان السياسة في 30 مارس/آذار هو "أحد أكثر الأحداث المتوقعة في منطقة" أفريقيا.
ضغوط تضخمية.. وأعباء ديون
كما أن ضعف العملة وارتفاع التضخم، الذي بلغ أعلى مستوى في خمسة أعوام ونصف العام في فبراير/شباط عند 31.9 بالمئة، زادا من الضغط على البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة حتى لو فاقم ذلك من تكاليف خدمة الديون الحكومية المتصاعدة.
ومن بين ديون مصر الخارجية الكبيرة، هناك 3.5 مليار دولار من المدفوعات لبرامج صندوق النقد الدولي السابقة التي تستحق بحلول نهاية هذا العام.
وتظهر السوق السوداء استمرار نقص العملة الصعبة الذي تعاني منه مصر منذ ما يزيد على عام.
وقال فاروق سوسة من جولدمان ساكس "الطلب على النقد الأجنبي مستمر في تجاوز المعروض مما يوفر الظروف لنمو السوق الموازية".
وأضاف "تقلصت خيارات مصر إلى خيار بسيط: إما تحسين وضع المعروض من النقد الأجنبي من خلال مبيعات الأصول والإصلاحات، أو خفض الطلب على العملة الصعبة عبر مزيد من إجراءات المؤلمة".
وأضاف سوسة أن مثل هذه الإجراءات ستشمل على الأرجح مزيدا من خفض قيمة الجنيه ورفع أسعار الفائدة وزيادة التضخم وخفض مستوى معيشة المواطن المصري العادي.
وسعت مصر إلى تجنب تلك الإجراءات عندما أعلنت عن خطة طموح لبيع الأصول الحكومية قبل عام.
ومع ذلك، توقف البرنامج مع عدم وجود مبيعات كبيرة منذ أن اتفقت مصر على حزمة دعم مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر/تشرين الأول. وفي إطار هذا الاتفاق، تعهدت القاهرة أيضا "بتحول دائم إلى سعر صرف مرن" لم يتحقق بعد.
ويقول محللون إن ضعف العملة وتعويمها سيقلل من استنزاف الدولار عن طريق عدم الإقبال على الواردات مع زيادة التحويلات الدولارية من المصريين العاملين في الخارج وتنشيط السياحة.
ويقول مصرفيون إن المصريين في الخارج يخشون في الوقت الحالي من اتجاه الجنيه إلى مزيد من الضعف، لذلك فهم إما يحتفظون بما يجنونه أو يستخدمون تجار السوق السوداء لإرسال الأموال إلى مصر.
في غضون ذلك، ابتعد المستثمرون عن سندات الخزانة المصرية وسندات الخزانة المصرية بالعملات الأجنبية (يوروبوندز)، مما جعل النقد الأجنبي لدى الحكومة المصرية شحيحا مع تراكم واردات بمليارات الدولارات في الموانئ بسبب نقص العملة الأجنبية لتخليصها.
ويقول مصرفيون إن العملات الأجنبية جفت تماما في سوق ما بين البنوك (الإنتربنك) مع اضطرار معظم المصارف إلى الاعتماد على مشتريات العملاء بالجنيه أو على تحويلات المصريين العاملين في الخارج.
وقالت مونيكا مالك من بنك أبوظبي التجاري "من المتوقع على نطاق واسع تخفيض قيمة العملة مرة أخرى، لكن ذلك في حد ذاته لن يجلب على الأرجح تدفقات رأس المال التي تشتد الحاجة إليها".
وأضافت "يجب أن تكون هناك علامات ذات مغزى على المضي في الإصلاح للمساعدة في بدء إعادة بناء ثقة المستثمرين، ومنها أن يكون الجنيه المصري مرنا حقا والسياسة النقدية وبرنامج الخصخصة أكثر تشددا"، معبرة عن اعتقادها بأن سعر الجنيه سيستقر حينها بين 36 و38 مقابل الدولار بعد أن يتجاوز ذلك المستوى في البداية.