تصريحات حمد بن جاسم.. عزلة جديدة للإخوان تعزز "التدمير الذاتي"
ضربت عواصف "تخلي الحلفاء القدامى"، التنظيم الدولي للإخوان الإرهابية بعمق، وباتت تؤكد أن الجماعة دخلت دائرة العزلة الدولية دون رجعة.
وتعزز عزلة الإخوان خلافات الجماعة الداخلية التي جعلتها ذات رأسين أو تنظيمين، فيما انفرط عقد القواعد التي كانت تدين في السابق بمبدأ السمع والطاعة.
وأثبتت تصريحات رئيس الوزراء القطري السابق، حمد بن جاسم آل ثاني، صحة المقولة التي تفيد بأن حلفاء الأمس قد يكونوا أعداء اليوم، إذ تغيرت الأوضاع وأصبح هؤلاء الحلفاء منبوذين عالميا ومن شعوب المنطقة، فضلا عن حالة التدمير الذاتي التي تعيشها.
وليست تصريحات المسؤول القطري هي الأولى من نوعها، إذ سبقها تصريحات جنبا إلى جنب مع خطوات فعلية تعكس التخلي عن الإخوان آخرها قرار إبعاد قيادات الصف الثاني من تنظيم الإخوان، ومنحهم مهملة مؤقتة لمغادرة البلاد.
وفسر مراقبون حينها هذه الخطوات التي بدأتها الدوحة عام ٢٠١٧ بإبعاد عشرات من قيادات الصفين الأول والثاني من عناصر الجماعة خارج البلاد، بأنها ترجع إلى مساعي قطر لإزالة العائق أمام التقارب مع الدول الخليجية والعربية.
ومن تركيا إلى قطر مرورا بالحلفاء في أوروبا، يتخلى رعاة الإخوان عن التنظيم الإرهابي بعد تبنيهم لرؤية جديدة مغايرة للجماعة الإرهابية، وكان ما قاله حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس الوزراء القطري الأسبق، ووصفه إدارة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، بأنها تصلح "لإدارة دكان - أي محل - وليس لإدارة دولة"، آخر تجليات هذه الرؤية.
وقال بن جاسم في حوار مطول نشرته صحيفة القبس الكويتية إن الدوحة استضافت اجتماعا بين مساعدين لمرسي وممثلين للإدارة المصرية في عهده مع ممثلين للإدارة الأمريكية، للتقريب بين الطرفين، حيث كانت واشنطن ترغب في التعرف على اتجاهات النظام المصري وسياساته الاقتصادية.
وأضاف: "خرجت من الاجتماع وأنا مصدوم، فكان مستوى جماعة مرسي لا يرقى للنقاش الدائر حينها"، فقد كانوا "مساكين يصلحون لإدارة دكان وليس للدولة".
تحولات كبيرة
سامح إسماعيل، الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، يقول لـ"العين الإخبارية"، إن "تصريحات حمد بن جاسم وانتقاده للإخوان وعدم صلاحيتها للحكم، ليست تصريحات مفاجئة بعض الشيء"، مضيفا: "هو من وقت لآخر كان يعبر عن إحباطه من الجماعة وطريقتها في التفكير في السياسة".
وأضاف إسماعيل: "هذه المرة تحدث بصراحة، كان يتحدث عن المشهد الانتخابي في مصر الذي جاء بمرسي، وقال إن كل ما أسعده هذا المشهد لكن صعود مرسي للحكم لم يسعده".
وعن دلالات هذا الحديث، قال: "تصريحات حمد تثبت أن هناك تحولات على المستوى الفكري والبناء السياسي في قطر تحديدا بعد تركيا وحلفاء أوروبا؛ تفيد بأن الجماعة لا تصلح لممارسة السياسة والحكم، بل إنها تفتقر لأي مقومات تمكنها من حكم بلد بحجم مصر".
إشارات عدة، وفق الخبير المصري، حملتها تصريحات حمد بن جاسم، أهمها أن قطر بدأت تسحب البساط من تحت أقدام الإخوان، حيث جاءت متزامنة مع مطالبة الدوحة، بعص قيادات الصف الثاني من الإخوان بمغادرة أراضيها والبحث عن ملاذ آخر.
ويرى إسماعيل أن "هذه التحولات قد لا تكون حادة ومتسارعة ولكنها ثابتة بمعنى أن الإخوان سيعانون في المستقبل القريب في قطر، متوقعا اتخاذ إجراءات أخرى ضدهم".
ومضى قائلا: "بعد الشتات الأخير والخروج من تركيا، يفقد الإخوان الآن، الراعي الرسمي في الدوحة بالتدريج، لذلك من الطبيعي والمتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تصريحات أخرى من مسؤولين قطريين".
ويتبنى المراقبون الرأي القائل بأن الإخوان على موعد مع شتات جديد أكثر تأثيرا على الجماعة، حيث يفقدون روافد الدعم، وليس أدل من تصريحات شخصية بحجم حمد بن جاسم الذي كان من أكثر المؤيدين للإخوان، قبل أعوام قليلة.