«تسلل» الإخوان يوقظ الإليزيه.. وماكرون يتحرك لمواجهة تغلغل الجماعة

في مواجهة تمدد الإخوان داخل المجتمع، يعقد ماكرون اجتماعا أمنيا طارئا لاحتواء ما تعتبره الدولة "اختراقا صامتا يهدد تماسك الجمهورية".
ويعقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء، اجتماعا طارئا لمجلس الدفاع والأمن القومي، في قصر الإليزيه، واضعا على الطاولة ملفا شائكا: "الإسلام السياسي" متمثلا في التمدد الصامت لجماعة الإخوان داخل البنى التحتية للجمهورية في البلاد.
اجتماعٌ يأتي غداة تقرير صادر عن الاستخبارات الفرنسية، ونشرته صحيفة "لوفيغارو"، يتحدث عن "اختراق إخواني صامت" للمجتمع، عبر شبكة معقدة من الجمعيات والمنظمات.
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في مقتطفات نشرتها صحيفة "لوفيغارو"، فإن التقرير الواقع في 74 صفحة، والذي كُلف بإعداده مسؤولان حكوميان رفيعا المستوى في مايو/أيار 2024 (قبل حل الجمعية الوطنية الفرنسية)، يشير إلى أن هذا التيار يؤثر على "7٪ من أصل 2800 مكان عبادة إسلامي مسجل في فرنسا"، أي ما يعادل "نحو 91 ألف مصلٍّ يوم الجمعة في المتوسط".
ويشارك في الاجتماع إلى جانب ماكرون كل من رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، ووزراء الداخلية برونو ريتايو، والتربية الوطنية إليزابيث بورن، والاقتصاد إيريك لومبار. بحسب ما أوردته قناة "تي.إف1" الفرنسية.
وذكر مستشارو ماكرون أن "الرئيس الفرنسي أراد اتخاذ تدابير عاجلة" لاحتواء "ظاهرة مترسخة وقد تسارعت وتيرتها"، مبررين انعقاد هذا الاجتماع الطارئ بخطر ما يشكله تنظيم الإخوان على "الأمن القومي".
ومن المقرر الإعلان عن جملة من المقترحات في نهاية الاجتماع، وقد يُصنّف بعضها كمعلومات سرية. وفق المصدر نفسه.
ماذا يتضمن التقرير؟
وكان وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو هو من تصدّر المشهد في الأشهر الأخيرة فيما يخص الملفات المرتبطة بالإسلام السياسي في بلاده.
وأمس الثلاثاء، وبعد فوزه برئاسة حزب "الجمهوريين" (LR)، تحدث للصحافة عن التقرير (الذي لم يُنشر بعد)، مؤكدا أنه يُظهر "تهديدا واضحا جدا للجمهورية، وتهديدا للوحدة الوطنية".
وأعرب ريتايو عن قلقه من "إسلام سياسي صامت ينتشر تدريجيا عبر محاولات اختراق للجمعيات الرياضية والثقافية والاجتماعية وغيرها".
وحذر من أن "الهدف النهائي يتمثل في تحويل المجتمع الفرنسي بأكمله إلى الفكر الإخواني"، مشددا على أن هذا الهدف "غير مقبول" لأنه "يتعارض تماما مع مبادئ الجمهورية وأهداف التماسك الوطني".
ويُبرز التقرير الذي نشرت "لوفيغارو" مقتطفات منه، تقدم الإسلام السياسي في "حوالي عشرين محافظة"، ويصف القطاع التربوي بأنه "أولوية للفرع الفرنسي لجماعة الإخوان"، كما يبدي قلقا من "تشدد متزايد في الممارسات الدينية".
ومن هنا جاءت مشاركة وزيرة التربية إليزابيث بورن في الاجتماع الذي سيعقد في الإليزيه، اليوم الأربعاء.
ويؤكد نص التقرير، أن "واقع هذا التهديد، رغم امتداده على المدى الطويل وابتعاده عن العنف المباشر، يُشكل خطرا على النسيج الجمعوي والمؤسسات الجمهورية (...) وعلى نطاق أوسع، على التماسك الوطني".
مواجهة الانفصالية
من جهة الإليزيه، هناك تشديد على إصرار ماكرون منذ انتخابه الأول على مكافحة "الإسلاموية وانحرافاتها."
ففي البداية، ركّز على ظاهرة "الانفصالية" التي تقوم على الانعزال للعيش وفق قواعد خاصة، والآن يركز على "الاختراق التدريجي"، وهي الظاهرة التي تهدف إلى التسلل للبنى التحتية (مثل الجمعيات، البلديات، النوادي الرياضية) لتغييرها من الداخل.
ويقول مقربون من الرئيس إن ماكرون "يريد تكرار، وبنفس الحزم، ما تم تطبيقه ضد الانفصالية"، مشيرين خصوصا إلى قانون عام 2021 "لدعم احترام مبادئ الجمهورية"، وما حققه من نتائج، من بينها: إغلاق 741 مكانا (أماكن عبادة، محال تجارية، مدارس، منشآت رياضية...) وُصفت بأنها "إشكالية".
وبينما لم يُكشف بعد عن القرارات النهائية التي ستصدر عن اجتماع الأربعاء، يؤكد مستشارو الرئيس أن ماكرون يتعامل مع الملف بحزم، مشددين في الوقت نفسه أن "الدولة حين تكافح الانفصالية أو الاختراق التدريجي، فإنها لا تحارب الإسلام".
وبحسب ما نشرته لوفيغارو، يوصي التقرير بإطلاق "إشارات قوية" لمواجهة "السردية الكبرى التي يروج لها الإخوان"، وكسب "تأييد السكان عموما، والمسلمين خصوصا، سواء من حيث العقيدة أو الثقافة".
ويقترح معدّا التقرير مثلا الاعتراف الرسمي من قبل فرنسا بدولة فلسطين، وأيضا توسيع تعليم اللغة العربية في المدارس.
وبينما لم يحدد بعد ما إذا كانت الحكومة ستتبنى هذه المقترحات، أطلق حزب "النهضة" بزعامة غابرييل أتال أفكاره الخاصة، وعلى رأسها المقترح الأكثر جدلا: منع ارتداء الحجاب لمن هم دون 15 عاماً.