"منتدى الإسلام" بفرنسا.. رياح الانتخابات تعيد تنظيم الأطر الإسلامية
تعمل الحكومة الفرنسية على عملية مراجعة شاملة للأطر الإسلامية، تشمل إعادة تنظيم العلاقة بين الدولة والإسلام، قبل الانتخابات الرئاسية.
ففي الخامس من فبراير/شباط، عقد "منتدى الإسلام في فرنسا" اجتماعه الأول، بمشاركة مسؤولي جمعيات، وأئمة، ونشطاء، وشخصيات اعتبارية.
وجاء الإعلان عن تأسيس هذا الجسم الجديد على لسان وزير الداخلية جيرالد دارمانان مطلع العام الجاري، وسط الاستعداد للانتخابات الرئاسية المقررة أبريل/نيسان المقبل.
ومن المقرر أن ينعقد المنتدى مرة واحدة سنويا، وافتتح وزير الداخلية الفرنسي، جلسة المنتدى لهذا العام، بكلمة تحذر من أن "خطاب الكراهية عند الشعبويين يلتقي مع مشاريع الإسلاميين المتشددين".
وشدد دارمانان على أن الإسلام "يتوافق مع الجمهورية"، وأن "الدولة تتعامل بجدية مع المسؤولين المسلمين الفرنسيين".
ويحتاج منتدى الإسلام، لعامين أو ثلاثة على الأقل لكي يصير فاعلاً. والفرق الأساسي الذي يحمله في الوقت الحالي، هو أنه يضع حداً لدور "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" الذي تأسس عام 2003، وكان المحاور الأساسي للدولة، في المسائل المتعلقة بالعبادة والشعائر الإسلامية، وفق تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
أهداف المنتدى
وفي ورقة نشرها مركز الإمارات للسياسات، كتب الباحث باسم راشد، أن فرنسا تستهدف عددا من الأهداف من وراء منتدى الإسلام، أبرزها وضْع إطار جديد لتنظيم شؤون الديانة الإسلامية؛ وذلك عبر تجديد أساليب الحوار مع مُمثلي الديانة الإسلامية.
يأتي ذلك على خلفية التوترات والسجالات الشديدة التي شهدها العام الماضي بشأن مشروع قانون "ترسيخ مبادئ الجمهورية" أو ما عُرِفَ بقانون "مكافحة الانفصالية"، والانقسام الذي أصاب "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" تجاه القانون.
ووفق الورقة البحثية ذاتها، يستهدف منتدى الإسلام، مُعالجة إخفاقات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، والتي ظهرت بشكل جلي في أزمة مشروع قانون "ترسيخ مبادئ الجمهورية".
وعانى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي تأسس على يد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، من خلافات داخلية بين أعضائه أصابته بحالة من الجمود، فضلاً عن تصاعد الانتقادات له واتهامه بالفشل في تمثيل الجاليات المسلمة المتنوعة في فرنسا، وتأثُّر أجندته بمموِّليه الخارجيين.
وجاء إطلاق منتدى الإسلام في فرنسا لتعزيز نهجٍ لا مركزيٍّ يعكس واقع الجاليات المسلمة المتنوعة في فرنسا، وتحديداً من خلال توسيع نطاق الأطراف المعنية، بدلاً من وجود هيئة مركزية واحدة.
وسبق تأسيس منتدى الإسلام، حوارٌ وطني عُقدت أولى فعالياته في العامين 2016 و2017، وضمت ممثلين مسلمين على المستوى المحلي، ومستوى المقاطعات. وأعقب ذلك اجتماعات إقليمية للإسلام في فرنسا، مهَّدت جميعها لإطلاق المنتدى، بوصفهِ منصةً جديدةً تُعالج الإخفاقات السابقة للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.
مكافحة التطرف
أما ثالث أهداف تأسيس منتدى الإسلام في فرنسا، فيتمثل في مكافحة التطرف والجمعيات المتطرفة على الأراضي الفرنسية، وفق الورقة البحثية ذاتها.
ويمثل "منتدى الإسلام" استكمالاً للجهود الفرنسية لمحاولة تخليص الإسلام الفرنسي من جميع أشكال التطرف والعنف؛ وبرز ذلك في أجندة الهيئة الجديدة، وفي تكوينها نفسه الذي يضم مجموعة متنوعة من رجال الدين والعلمانيين والنساء للمساعدة في قيادة أكبر جالية مسلمة في أوروبا الغربية.
كما أن "منتدى الإسلام" يُعد محاولة واضحة لتخفيف حدة النفوذ الخارجي لبعض الدول على المؤسسات الإسلامية داخل فرنسا، وهو ما عكسته تصريحات سابقة لوزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين أكَّد فيها أن "الواقع قد تغير. فأكثر من نصف المسلمين في بلادنا فرنسيون ولدوا في فرنسا. وقناعتنا العميقة هي أن تنظيم الإسلام يجب أن يتم في فرنسا، ومن أجل مسلمي فرنسا".
دلالة التوقيت
وخلص الباحث باسم راشد في الورقة البحثية، إلى أن المنتدى الجديد يعكس محاولة من الرئيس إيمانويل ماكرون لمغازلة تيارات اليمين المتطرف من ناحية، وبعض المسلمين الرافضين للمجلس الفرنسي السابق من ناحية أخرى، قُبيل الانتخابات الرئاسية الفرنسية، خاصةً أن ظهور المنتدى للضوء بهذه الطريقة كان بمثابة "تطور مفاجئ" للمتابعين لملف الإسلام في فرنسا.
ويتشكل ثُلثا "منتدى الإسلام" من مسؤولي منظمات وأئمة وأشخاص منخرطين في المجتمعات المسلمة المحلية، والثُّلث المتبقي من شخصيات ذات تمثيل على المستوى الوطني، على أن يكون ربع ممثلي المنتدى من النساء.
وتركز ملامح المنتدى الجديد، في تنظيم شؤون الديانة الإسلامية في فرنسا بشكل أفضل، والاستجابة لحالة التنوع الأوسع لدى المسلمين الفرنسيين الذين يصل عددهم إلى 5 ملايين نسمة، ودعم تدريب الأئمة داخل فرنسا بدلاً من جلبهم من الخارج بأيديولوجيات وأفكار لا تتناسب مع قيم النهج العلماني الذي يقوم عليه الدستور الفرنسي.
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjUg
جزيرة ام اند امز