«السيدة الغامضة».. مومياء مصرية تبوح بأسرارها (خاص)

أعاد باحثون من مركز أبحاث المومياوات في وارسو ببولندا رسم ملامح وجه مومياء مصرية شهيرة تُعرف باسم "السيدة الغامضة".
وتُعرض هذه المومياء، التي تحمل الرقم 236805/3 MNW، في المتحف الوطني في وارسو، وتُعد واحدة من أبرز الاكتشافات التي يعمل عليها مشروع مومياء وارسو، حيث سبق وقدموا نظرية أنها كانت حامل وقت وفاتها، وهو ما آثار جدلا علميا انتهي بدحض هذا الاكتشاف.
ويقول الباحث فويتشخ إيجسموند، أحد المشرفين على الدراسة المنشورة في عدد شهر مايو/أيار الماضي من "مجلة العلوم الأثرية" إن "إعادة بناء الوجه لا تهدف فقط إلى عرض وجه محتمل لصاحبة المومياء، بل تسعى إلى إعادة إنسانية الشخص الذي عاش ذات يوم، وتحفيز التعاطف والفهم العاطفي من الجمهور، خصوصاً في السياقات المتحفية".
تفاصيل إعادة بناء وجه السيدة الغامضة
الدراسة سلّطت الضوء على عملية إعادة بناء الوجه ثلاثي الأبعاد، مع التركيز على اختيار سماكة الأنسجة الرخوة فوق الجمجمة، وهي خطوة مؤثرة في تحديد المظهر النهائي.
كما تم الاعتماد على مصادر بصرية ونصوص مكتوبة من الفترة الزمنية التي عاشت فيها السيدة، بهدف خلق صورة "إحصائية" تقريبية تعكس ملامح المجتمع الذي عاشت فيه.
ويؤكد إيجسموند في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الهدف من هذه الجهود هو تجاوز النظرة الشائعة للمومياوات كـ"أشياء غريبة أو محنطة"، والعمل على عرضها كأشخاص حقيقيين عاشوا وتفاعلوا في مجتمعاتهم، مما يعزز البعد الإنساني في العروض المتحفية.
وأشار إلى أن الفريق واجه تحديات في تحديد الأصل العرقي بسبب صعوبة أخذ عينات الحمض النووي القديم دون الإضرار بالمومياء، ما دفعهم للاعتماد على التحليل الأنثروبولوجي فقط، وقد وُصفت السيدة بأنها امرأة في العشرينات من عمرها، تنتمي إلى العرق القوقازي، ذات شعر قصير ومجعد، وبنية جسدية متوسطة.
وتم تنفيذ نسختين من إعادة بناء الوجه، واستخدم الباحثون عدة خيارات لسمك الأنسجة الرخوة بناء على نماذج إحصائية مختلفة، مع طرح تساؤلات حول مدى تمثيل سمات نهر النيل القديمة في سكانه المعاصرين.
وأكد إيجسموند أن "إعادة تخيل وجه هذه المرأة لا يقدم فقط صورة عن شكلها، بل يساهم أيضاً في سرد قصص من الماضي بطريقة تبقى مفهومة ومؤثرة لدى الجمهور اليوم، وتُسهم في نشر المعرفة عن الحضارات القديمة".
وتأتي هذه الدراسة في إطار جهود مشروع مومياء وارسو، الذي يسعى لتقديم منظور جديد حول المومياوات المصرية بوصفها أشخاصاً حقيقيين وليس مجرد بقايا أثرية، مما يعيد ربط الجمهور بتاريخهم الإنساني بشكل أعمق.