نبيل فهمي لـ"العين الإخبارية": قطر وتركيا فشلتا باستغلال ليبيا ضد مصر
نبيل فهمي وزير الخارجية المصري السابق، أكد في حوار مع "العين الإخبارية" أن لجوء قطر إلى تركيا وإيران يبعدها عن الإطار العربي.
قال نبيل فهمي وزير الخارجية المصري السابق، إن قطر وتركيا فشلتا في استخدام الأزمة في ليبيا ضد مصر
وأكد في حوار أجرته "العين الإخبارية"، أن لجوء قطر إلى تركيا وإيران، وتبنيها لسياسات تعارض المصلحة العربية، يبعدها أكثر عن الإطار العربي، مضيفا أن الدوحة وأنقرة ستفشلان في استغلال الأزمة الليبية للإضرار بالمصالح المصرية.
وأشاد فهمي، بالجهود السعودية والإماراتية في المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا، معتبرا أن ذلك يغلق المجال أمام آخرين، للتدخل في منطقة القرن الأفريقي ذات الأهمية الاستراتيجية.
وأضاف وزير الخارجية المصري السابق، أن جهود الإمارات والسعودية في إنهاء عقدين من النزاع بين أديس أبابا وأسمرا، يعد "تحولا إيجابيا لممارسة الدور العربي الدبلوماسي النشط المبادر، بعد مرحلة من الركود والفراغ العربي في القارة السمراء".
واستضافت المملكة العربية السعودية، الأحد الماضي، قمة إثيوبية إريترية للتوقيع على "اتفاق سلام تاريخي" بين البلدين، بحضور العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس.
وكان أبرز ما جاء في الحوار تأكيد وزير خارجية مصر السابق علي ضرورة التوصل لاتفاق واضح وتفصيلي تقره المؤسسات الوطنية لمصر وإثيوبيا والسودان؛ لتبديد المخاوف بخصوص سد النهضة.
وتابع فهمي، أن القاهرة تدعو منذ سبعينيات القرن الماضي إلى حوارات "عربية -أفريقية"، قائلا إن: "التوجه العام للتواجد السعودي الإماراتي في أفريقيا توجه إيجابي بدلا من الفراغ، ونتمنى أن يصب ذلك في صالح مصر، وخاصة فيما يتعلق بسد النهضة".
سد النهضة..قضية أمن قومي
وبخصوص ملف سد النهضة، قال فهمي : "أتحدث بكل صراحة.. إلى أن أرى اتفاقا واضحا ومحددا وتفصيليا يتم إقراره في المؤسسات الوطنية بين الدول الثلاث بخصوص المياه؛ سأظل أشعر بقلق تجاه هذه القضية".
وتابع وزير خارجية مصر السابق أن سد النهضة قضية أمن قومي، ومن ثَمَّ؛ لابد من الاتفاق عليها في شكل قانوني محكم، حتى لا تتأثر بتغيير الأوضاع السياسية والإقليمية في المنطقة.
واعتبر أن تصريحات أبي أحمد رئيس وزراء أثيوبيا الجديد "إيجابية"، داعيا لترجمة تلك التصريحات إلى خطوات محددة باتفاق كافٍ، حول أسلوب إدارة المياه خلال ملء البحيرة خلف السد، وكذلك خلال إدارة مرور المياه في حالة الجفاف والفيضانات.
وأكد فهمي أن الدور المصري في أفريقيا، بدأ مرة أخري في الانتشار خاصة بعد ثورة ٢٠١٣، وبنغمة مختلفة تقوم علي الحديث عن المستقبل والتعاون والبناء، وليس فقط تسجيل المواقف التاريخية المصرية.
وأوضح وزير الخارجية المصري السابق، الذي شغل منصب سفير مصر في واشنطن لنحو 8 سنوات، أن العلاقة بين مصر وأمريكا "ليست على ما يرام"، خاصة وأن الجانب الأمريكي اتخذ عددا من المواقف الحادة التي لا تتسق مع المواقف المصرية، مثل الملف الفلسطيني.
واستدرك أن العلاقات الثنائية بين القاهرة وواشنطن بصفة عامة في تحسن متنامٍ، خاصة مع الإدراة الأمريكية أكثر من الكونجرس.
العلاقات القطرية التركية.. وأزمة أردوغان
وفيما يتعلق بمقاطعة الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب للدوحة، التي تقترب من عامها الثاني، أوضح فهمي أن لجوء قطر إلى تركيا وإيران علي حساب المصالح العربية، يبعدها أكثر عن الإطار العربي.
من ناحية أخري، توقع فهمي أن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا، قد تدفع أردوغان لإعادة النظر في سياساته تجاه المنطقة العربية، بحيث يكون أقل عنفوانا وتدخلا في المنطقة.
وقال فهمي: "أتمني تغيير مواقف أردوغان تجاه الساحة العربية ومع مصر، معتبرا أن "وتيرة الصدام مع دول عربية قلت معدلاتها، لكن لم تتغير السياسات حتى الآن، ولا زالت تركيا تتحدث عن حقوق تاريخية في سوريا والعراق".
واعتبر أن الصراعات في منطقة الشرق الأوسط بين الدول العربية وغير العربية ليست صراعات دينية أو مذهبية أو طائفية، وإنما تنافس "جيوسياسي"، وتنافس بين مصالح الدول.
قطر وتركيا ستفشلان في ليبيا
واستنكر فهمي الدور القطري والتركي في ليبيا، موضحا أنه "لا توجد مصلحة مباشرة للدوحة وأنقرة في ليبيا من قبيل التجارة أو الحدود المشتركة، وإنما هي محاولة للقيام بدور في ساحة صراع وسط العالم العربي؛ للاستفادة منها في تدعيم موقفها في ملفات أخرى وأعتقد أنها ستفشل في ذلك".
وأشار وزير خارجية مصر السابق، إلي أن قطر وتركيا تسعيان لاستخدام ليبيا كورقة نفوذ ضد مصر، لإبراز نفسيهما كلاعبين في ساحة مجاورة لمصر والجزائر، موضحا أنهما سيفشلان في ذلك.
وأعرب عن أمله في إجراء انتخابات في ليبيا قبل نهاية العام، مستبعدا ذلك بالقول: "ستكون مفاجأة إذا نجح المبعوث الأممي غسان سلامة، وهو شخصية ذو كفاءة عالية، من الآن وحتى نهاية العام في تحقيق الانتخابات، خاصة أن الصراعات ما زالت مستمرة بين القيادات الليبية، وكذلك عدم استقرار الأوضاع الأمنية بين الشرق والغرب، فضلا عن الفضاء الموجود في الجنوب الليبي، وهي منطقة لا يسيطر عليها أحد وبها قدر كبير من التطرف".
ودعا فهمي لتمكين السلطات الليبية من ممارسة عملها مثل تمكين الجيش والمؤسسات الأمنية وتمكين السلطات المحلية من ممارسة عملها اليومي، مؤيدا الدور المصري في تأمين الحدود وتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، فضلا عن الدفع بتوافق "ليبي ليبي".
القضية الفلسطينية.. والسلام البعيد في عهد نتنياهو
وحول القضية الفلسطينية، أكد فهمي أن القضية الفلسطينية لم تمت بعد القرارات المتتالية التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لصالح الجانب الإسرائيلي، قائلا إن: "طموح الشعب الفلسطيني في دولة ذات سيادة طموح مشروع، وأن احتمالات الحل السلمي على أساس حل الدولتين برعاية أمريكية لم تعد مجدية".
واعتبر فهمي أن القرارات الأمريكية، من قبيل نقل سفارتها للقدس وخفض موازنتها في الأونروا وللسلطة الفلسطينة، فضلا عن إغلاق مقر السفارة الفلسطينية في واشنطن، أفقدت واشنطن مصداقيتها كراعٍ وحيدٍ لعملية السلام.
ورغم تأييده للتفاوض وحل النزاع بالطرق السلمية، استبعد فهمي أي مجال لعملية سلام فلسطينية إسرائيلية جادة تؤدي لحل الدولتين في ظل رئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو، لأنه غير مؤمن بدولتين، فضلا عن غياب التشجيع الأمريكي بهذا الخصوص.
إيران..كلمة السر في أزمات اليمن والعراق وسوريا
وفيما يتعلق بالأزمة اليمنية، أشار فهمي إلي أنه إذا التزمت إيران بعدم التدخل في اليمن، ستعود المشكلة يمنية يمنية كما بدأت، معتبرا أن الوصول إلي حل للأزمة اليمنية أسهل من خلال جهود مجلس التعاون الخليجي عن الأمم المتحدة بشرط ابتعاد إيران.
وحول سوريا، أشار فهمي إلي "أننا نقترب من إدارة طويلة للنزاع وليس حلا.. الأطراف كلها أرهقت عسكريا وسياسيا. الكل أيقن أنه لا يوجد حل عسكري يرضي الجميع. ما أخشاه أن ينتهي الأمر إلي إدارة الأزمة علي المدي الطويل، ومن ثم تقسيم ضمني وتفاهمات ضمنية لصالح إسرائيل وتركيا وإيران".
وحول التحركات السياسية العراقية في اختيار رئيس البرلمان ورئيس البلاد وتشكيل حكومة، قال "أشعر أن هناك رغبة عراقية في إعطاء صبغة عراقية للأوضاع. لكن من السابق لأوانه استبعاد الدور الإيراني علي المدي القصير".
الحل...تعزيز القدرات والدخول في حوارات
وحول رؤيته لحل الأوضاع المعدقة بالمنطقة، أوضح فهمي أنه لا يوجد حل سريع، وإنما على المدي المتوسط والطويل يتلخص في إعادة توجيه السياسات العربية للاعتماد الأكبر على النفس، ثم التعاون الإقليمي العربي العربي، ثم التعاون العربي كدول مستقلة أو كجماعة مع الأطراف الدولية.
ودعا فهمي لحوارات عربية مع القوي الدولية بخصوص مستقبل المنطقة، معتبرا أن التواجد الأجنبي في المنطقة يملأ الفراغ العربي، داعيا لعدم المبالغة في الاعتماد على القوى الدولية.
كما دعا إلى إجراء حوار عربي مع تركيا وإيران وإسرائيل، مستدركا بالقول: "لكنني لا أرى إمكانية تحقيق ذلك على المدى القصير. مطلوب من هذه الدول إجراءات وخطوات بناء ثقة حتى تكون هناك أي مصداقية للحوار بيننا. ومطلوب من إسرائيل وقف الاستيطان والكف عن تهويد القدس والمضي قدما في عملية السلام".