"ذبحت الإنسانية".. كلمات قاضي "قتل نيرة أشرف" تثلج صدور المصريين
استقبلت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر كلمات قاضي محاكمة "جريمة قتل نيرة أشرف" بحفاوة كبيرة.
وقبل أن تقضي محكمة جنايات المنصورة (دلتا) بإحالة أوراق محمد عادل المتهم بقتل نيرة أشرف طالبة جامعة المنصورة، إلى مفتي الديار لأخذ الرأي الشرعي في إعدامه، ألقى المستشار بهاء الدين المري، رئيس المحكمة، كلمة وجدت طريقها سريعاً إلى صفحات منصات التواصل الاجتماعي.
وقال المستشار بهاء الدين المري في كلمته: "قبلُ النطقِ بما انتهتْ إليهِ المداولةُ، تقدمُ المحكمةِ بكلمةٍ إلى المجتمعِ، تراها في هذا المقامِ واجبةً".
وأضاف: "دنيا مقبلةٍ بزخارفها، وإنسان متكالبٍ على مفاتنها. ماديةً سيطرتْ، فاستلبتْ العقولَ وصارَ الإنسانُ آلةً، يقينٌ غابَ، وباطلٌ بالزيفِ يحيا، وتفاهاتُ بالجهرِ تتواترُ، وبيت غابَ لسببٍ أوْ لآخرٍ، والمؤنساتُ الغاليات صرنَ في نظرِ الموتورينَ سلعةً، والقواريرُ فواخير، ونفس تدثرتْ برداءِ حبٍ زائفٍ مكذوبٍ. تأثرتْ بثقافةِ عصرٍ اختلطتْ فيهِ المفاهيمُ. الرغبةُ صارتْ حباً، والقتلُ لأجلهِ انتصاراً، والانتقامُ شجاعةً، والجرأةُ على قيمِ المجتمعِ وفحشِ القولِ والعلاقاتِ المحرمةِ، تسمى حريةٌ مكفولةٌ".
وتابع: "منْ هذا الرحمِ ولدَ جنينا مشوهاً، وقودُ الأمةِ صارَ حطبها. باتَ النشءُ ضحيةً قدوةً مشوهةً، وثقافاتٌ، مسموعةً ومرئيةً ومقروءةً، هذا هوَ حالها. ومنْ فرطِ شيوعهِ، واعتبارهُ منْ قبلُ كثيرينَ كشفاً لواقعٍ، زينْ لهمْ فرأوهُ حسناً، فكانَ جرمُ اليومِ لهُ نتاجاً. أفتذهبْ نفسنا عليهمْ حسراتٌ؟ إنَ هذا الخللِ، إنَ لمْ نأخذْ على أيدي الموتورينَ ومروجيهِ؛ استفحلَ ضررهُ، وعزَ اتقاءَ شرهٍ، واتسعَ الرتقُ على الراتقْ".
ومضى قائلاً: "ولكلِ ما تقدمَ، تطلقَ المحكمةُ صيحةً، يا كلّ فئاتِ المجتمعِ لا بد منْ وقفةٍ. يا كلّ منْ يقدرُ على فعلِ شيءٍ هلموا. اعقدوا محكمةَ صلحِ كبرى بينَ قوى الإنسانِ المتابينة، لننميَ فيهِ أجملُ ما فيهِ. أعيدوا النشءُ الملتوي إلى حظيرةِ الإنسانيةِ. علموهمْ أنَ الحبَ قرينَ السلامِ، قرينُ السكينةِ والأمانِ، لا يجتمعُ أبداً بالقتلِ وسفكِ الدماءِ. أنَ الحبَ ريحَ منْ الجنةِ، وليسَ وهجاً منْ الجحيمِ. لا تشوهوا القدوةُ في معناها فتنحلّ الأخلاقُ. عظموها تنهضُ الأمةُ. هكذا يكونُ التناولُ، بالتربيةِ، بالموعظةِ الحسنةِ، بالثقافةِ، بالفنونِ، بمنهجِ تكونِ الوسطيةِ وسيلتهُ، والتسامحُ صفتهُ، والرشدُ غايتهُ".
ووجه القاضي حديثه إلى أولياء الأمور قائلاً: "إلى الآباءِ والأمهاتِ نقول: لا تضيعوا منْ تعولونَ. صاحبوهمْ، ناقشوهمْ، غوصوا في تفكيرهمْ، لا تتركوهمْ لأوهامهمْ، اغرسوا فيهمْ القيمُ".
ثم وجّه حديثه إلى المتهم محمد عادل فقال: "وإلى القاتلِ نقولُ: جئتُ بفعلٍ خسيسٍ هزَ أرضاً طيبةً أسرتْ لويسْ. أهرقتْ دماً طاهراً بطعناتِ غدرٍ جريئةٍ. ذبحتْ الإنسانيةُ كلها، يومٌ أنَ ذبحتْ ضحيةً بريئةً. إنَ مثلكَ كمثلِ نبتَ سامٌ في أرضِ طيبةَ. كلما عاجلهُ القطعَ قبلَ أنْ يمتدَ، كانَ خيراً للناسِ وللأرضِ التي نبتَ فيها".
وفي ختام كلمته قال القاضي: "نعودُ إلى الدعوى: بعدٌ مطالعةِ الأوراقِ، وسماعَ المرافعةِ الشفويةِ والمداولةِ، فقدْ اطمأنَ وجدانُ المحكمةِ تمامَ الاطمئنانِ، وبالإجماعِ، إلى أعمالِ نصِ الفقرةِ الثانيةِ منْ المادةِ 381 منْ قانونِ الإجراءاتِ الجنائيةِ. لذلكَ: قررتْ المحكمةُ، إرسالُ أوراقِ القضيةِ إلى فضيلةِ مفتي الجمهوريةِ، لأخذِ الرأيِ في إنزالِ عقوبةِ الإعدامِ بالمتهمِ، وحددتْ للنطقِ بالحكمِ جلسةَ يومِ الأربعاءِ الموافقِ السادسِ منْ شهرِ يوليو 2022".
ولم تحتاج المحكمة إلى أكثر من يومين لإصدار حكمها، إذ بدأت أولى جلسات المحاكمة الأحد.
والأسبوع الماضي، أحال النائب العام المصري حمادة الصاوي الجاني على محكمة الجنايات لاتهامه بـ"قتل الطالبة المجني عليها نيرة (اشرف)، عمدًا مع سبق الإصرار.. وباغتها بسكين طعنها به عدة طعنات، ونحرها قاصدًا إزهاق روحها".
وكان الشاب "أقر بارتكابه جريمة قتل المجني عليها"، بحسب بيان النائب العام.
وأثارت القضية جدلاً وغضباً بين المصريين على منصات التواصل الاجتماعي، وزاد من انتشار القضية وقوع جريمة مماثلة في الأردن بحق طالبة تدعى إيمان رشيد تعرضت للقتل على يد شاب، ما دفع العديد من الأردنيين والمصريين إلى المطالبة بإنزال عقوبة الإعدام على المتهمين في البلدين.
aXA6IDE4LjExOS4xMjQuNTIg جزيرة ام اند امز