"الناقلة المجنزرة" أكبر مركبة أرضية في العالم بوكالة ناسا
الناقلة المجنزرة ستتولى مهمة نقل الصاروخ، الذي يبلغ طوله 98 مترا، من مبنى تجميعه إلى موقع الإطلاق بمركز كينيدي للفضاء.
تعتزم إدارة الطيران والفضاء الأمريكية "ناسا"، خلال العامين المقبلين، إطلاق أول صاروخ من عائلة صواريخ "إس إل إس" التي تشير اختصارًا إلى "منظومة الإطلاق للفضاء"، لتنفيذ أولى مهماته.
وسيقطع الصاروخ مسافة قدرها 384.400 كيلومتر في رحلة غير مأهولة حول القمر، حسب ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وستتولى مهمة نقل الصاروخ، الذي يبلغ طوله 98 مترًا وتكلفته مليارات عديدة من الدولارات، من مبنى تجميعه إلى موقع الإطلاق بمركز كينيدي للفضاء، إحدى أكبر المركبات الأرضية على الإطلاق، يتجاوز عمرها 50 عامًا وتتطلب قيادتها تركيزًا حادًا.
"الناقلتان المجنزرتان" تم تصنيعهما عام 1965، بهدف حمل الصاروخ "ساتورن 5"، الذي نقل رواد الفضاء إلى القمر، وأُدخلت عليهما تعديلات في السبعينيات، بما يلائم حجم المكوك الفضائي الأمريكي، ويتحكم السائقون في المجنزرتين من مقصورتين في الأمام والخلف.
وخضعت إحدى المركبتين، التي يبلغ طولها 40 مترًا وارتفاعها 35 مترًا ووزنها 2.700 طن، لعمليات تجديد ورفع كفاءة، واستبدال أجزائها القديمة بأخرى أكثر متانة، لتتحمل الصاروخ "إس إل إس"، إلا أن تصميمها الأساسي لم يتغير، ويجري الآن فحصها قبل تنفيذ مهمتها.
وستنقل المركبة على سبيل التجربة عوارض خرسانية وزنها يعادل وزن الصاروخ الجديد للتأكد من دقة الحسابات.
وقال بوب مايرز، أحد أمهر سائقي الناقلتين المجنزرتين: "نتباهى أحيانًا بأن هاتين المجنزرتين صنعهما المهندسون بأيديهم، وفقًا لحسابات وقياسات متناهية الدقة، ولم يستعينوا بالكمبيوتر".
وأضاف: "صُنعت الناقلتان بعناية وإتقان فائقين، ولهذا فهما أكثر متانة من الكثير من المركبات الأخرى الموجودة اليوم".
وكان مايرز قد أسندت إليه مهمة قيادة المجنزرة لنقل المكوك الفضائي إلى موقع الإطلاق عام 1982، ووصف التجربة بأنها "كانت منهكة للأعصاب".
وتابع: "تشعر بالرهبة في البداية، لأن الخطأ له تبعات وخيمة، ويستغرق القائد وقتًا طويلًا ليعتاد على هذا الضغط العصبي والنفسي".
وتضم كل ناقلة 8 جنازير، وفي كل زاوية من الزوايا الأربعة جنزيران، وكل جنزير مكون من 57 حلقة، فيما تدار بمحركي ديزل يشغلان مولدات تمدّ 13 محرك جر تعمل بالكهرباء.
ويحتوي الجزء العلوي من المجنزرة على أجهزة استشعار ودعامات لتثبيت المنصة المتنقلة التي ستحمل الصاروخ في مكانها أثناء الرحلة إلى موقع الإطلاق، وستمر على منحنيات تتطلب تحكما فائقا في المركبة للحفاظ على توازن الجنازير.
وقال جون غايلز، مدير مشروع المجنزرات: "لدينا فريق من المقاولين يمهدون الطريق لمرور المجنزرة قبل كل مهمة، فعندما تسير المجنزرة في الطريق المخصص لها تسحق الصخور وتتطاير الشظايا في كل اتجاه".
ولا يتعدى قطر عجلة القيادة بالمركبة 15 سنتيمترًا، كما أن عداد السرعة ودواسة المكبح لا تختلف في مقصورة القيادة عنها في السيارات العادية.
وتُرسل جميع الأوامر من أجهزة التحكم البسيطة إلى جهاز الكمبيوتر، المطور حديثا، لضمان سلاسة تشغيل المضخات الهيدروليكية التي تدير عناصر ميكانيكية صنعت منذ ستينيات القرن المنصرم.
ويستغرق نقل الصاروخ الضخم من مبنى التجميع إلى موقع الإطلاق 7 ساعات على الأقل، ويتناوب السائقون على قيادة المجنزرة كل ساعتين، ولكن المجنزرة تواصل السير أثناء نقل القيادة.
وعلّق مايرز الذي يقود الناقلتين المجنزرتين منذ أكثر من 35 عامًا: "قيادة هذه المركبة أصعب مما تبدو عليه، ويتضمن الطريق كثيرا من المنحنيات، وبعض المناطق تتطلب تخفيف السرعة، ولكن إذا كنت تتمتع بالخبرة الكافية وتتبع إرشادات المراقبين فستتمكن من قيادة المركبة".
وأوضح مايرز أن المركبة لا تتوقف على الإطلاق حتى يستقر الصاروخ في مكانه، مؤكدًا أن نجاح هذه المهمة لا يعتمد على سرعة الناقلة، بل يعتمد على مدى قدرتها على السير بأقل سرعة ممكنة.
وأشار إلى أن دور المجنزرة لا يتوقف عند نقل المنصة المتنقلة التي تحمل الصاروخ فحسب، بل ستضعها بأمان وتثبتها بموقع الإطلاق بدقة بالغة.
يذكر أنه على مدار 50 عامًا قطعت المجنزرتان نحو 3.000 كيلومتر، وتتوقع "ناسا" أن تظل المجنزرتان في الخدمة لثلاثة عقود مقبلة على الأقل.