عشية عيد الميلاد.. مسبار ناسا يستعد لـ«تحليق ملحمي» قرب الشمس
في ليلة عيد الميلاد، ستنطلق مركبة باركر الشمسية التابعة لوكالة ناسا في مسار تاريخي عندما تقترب من سطح الشمس.
وذلك على بُعد 3.8 مليون ميل (6.1 مليون كيلومتر)، بسرعة مذهلة تبلغ 430,000 ميل في الساعة (690,000 كيلومتر في الساعة)، محطمةً بذلك الأرقام القياسية التي حققتها سابقا لأسرع وأقرب اقتراب من نجمنا.
وكانت المركبة، التي تساوي حجم سيارة صغيرة تقريبا، قد أكملت الشهر الماضي آخر مرور لها بجانب كوكب الزهرة، مما وضعها على مسار يجعلها تقترب من الشمس أكثر من أي جسم صنعته يد الإنسان من قبل.
وفي 24 ديسمبر/ كانون الثاني من المتوقع أن تقطع مركبة باركر الشمسية طريقها عبر سحب من البلازما التي ما زالت مرتبطة بالشمس، وقد تمر عبر جزء من انفجار شمسي، في مشهد يشبه السباحة تحت موجة عاتية.
في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، دخلت الشمس في أكثر مراحلها اضطرابا خلال الدورة الشمسية التي تستمر 11 عاما، مما يعني أن المركبة ستتمكن قريبا من دراسة الانفجارات الشمسية القوية التي تحدث بشكل متتابع، مما يوفر للعلماء بيانات مباشرة حول هذا السلوك العنيف لنجمنا.
وقال نور رويفي، العالم المسؤول عن المشروع، في تصريحاته خلال الاجتماع السنوي للجمعية الجيوفيزيائية الأمريكية في 10 ديسمبر: "نحن على استعداد لصناعة التاريخ". وأضاف: "مركبة باركر الشمسية تفتح أعيننا على واقع جديد عن نجمنا"، مؤكدا أن البيانات التي سترسلها المركبة ستستغرق عقودا من الزمن لفحصها.
ومن المتوقع أن تحدث هذه المناورة التاريخية في تمام الساعة 6:40 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (1140 بتوقيت جرينتش)، ولكن سيكون الاتصال مع المركبة مقطوعا في تلك اللحظة.
وقبل وبعد الاقتراب الأكثر من المتوقع، في 21 و27 ديسمبر/ كانون الأول، سيبحث العلماء عن إشارات من المركبة تؤكد سلامتها. وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فمن المحتمل أن تصل أولى الصور بعد الاقتراب مع بداية العام الجديد، تليها البيانات العلمية في الأسابيع التالية.
ومنذ إطلاقها في 2018، ساعدت مركبة باركر الشمسية في فك العديد من الألغاز التي طالما حيرت العلماء بشأن نجمنا، وأبرزها كيفية ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي الخارجي الرقيق للشمس، المعروف بالتاج الشمسي، إلى مئات المرات أكثر سخونة كلما ابتعد عن سطح الشمس.
وفي عام 2022، وبفضل محاذاة نادرة مع المركبة الأوروبية "سولار أوربيتر"، تمكن العلماء من دراسة نفس جزء الرياح الشمسية، مما كشف كيف تُسرع الموجات البلازمية المعبأة بالطاقة الرياح الشمسية إلى سرعات غير متوقعة.
ومن بين الاكتشافات الأخرى، قدمت مركبة باركر الشمسية أول دليل قاطع للمنطقة الخالية من الغبار حول الشمس، والتي تُخلق نتيجة لحرارة ضوء الشمس التي تحول الغبار الكوني إلى غاز.
ويعد أحد الأسباب الرئيسية للحفاظ على صحة المركبة لمدة ست سنوات حتى الآن هو الهندسة الاستثنائية التي صممتها فريق المهمة، بما في ذلك الدرع الحرارية المخصصة ونظام مستقل يحمي المركبة من غضب الشمس حتى أثناء توجيهها نحو النجم للسماح للمادة التاجية بالتماس مع المركبة.
وخلال أقرب اقتراب لها من الشمس، من المتوقع أن تصل درجة حرارة الجهة الأمامية للدرع الحرارية إلى 1,800 درجة فهرنهايت (982 درجة مئوية). وعلى الرغم من أن هذه درجة حرارة مرتفعة، إلا أن فريق المهمة واثق من أن المركبة وأجهزتها قادرة على تحمل درجات حرارة تصل إلى 2,500 درجة فهرنهايت (1,371 درجة مئوية).
وقالت إليزابيث كونجدون، المهندسة الرئيسية لنظام الحماية الحرارية للمركبة: "إنه أمر رائع حقا أن نرى جميع الاكتشافات العلمية التي تم تمكينها بفضل استعدادنا المفرط". وأضافت أن الطلاء الأبيض المصمم خصيصا سيعكس جزءا كبيرا من الحرارة إلى الفضاء، مما يضمن أن المركبة ستظل في درجات حرارة مريحة نسبيا.
aXA6IDEzLjU5LjY5LjEwOSA=
جزيرة ام اند امز