تعزيز الهوية الوطنية الإماراتية.. توجيهات القيادة ترسم ملامح المستقبل
"سيبقى تاريخنا وهويتنا وموروثنا الثقافي جزءاً أساسياً في خططنا إلى المستقبل".
كلمات للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وجهها في 13 يوليو/تموز الماضي خلال أول خطاب شامل يتناول فيه رؤيته لسياسة دولة الإمارات الداخلية والخارجية منذ توليه مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار الماضي.
تعهد من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كقائد ورئيس لدولة الإمارات بالتمسك بالتاريخ وتعزيز الهوية الوطنية والموروث الثقافي ليكون جزءا أساسيا في تشكيل المستقبل.
تعهد القيادة بمثابة توجيهات لمؤسسات الدولة وخطوط ترسم ملامح سياستها وخططها، لذلك جاء توجيه الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، السبت، بتعزيز الهوية الوطنية والقيم الثقافية واللغة العربية في المؤسسات التعليمية، مؤكدا أن الهوية الوطنية والثقافة الإماراتية واللغة العربية والحفاظ عليها وترويجها من أهم أولويات القيادة في دولة الإمارات.
مبادئ الخمسين
تعهد وتوجيه يتوافقان مع روح وثيقة "مبادئ الخمسين" التي تعد خارطة طريق استراتيجية تحدّد توجهات الإمارات للخمسين سنة المقبلة، والتي أكدت أن منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على احترام الهوية الوطنية.
مبدأ هام من 10 مبادئ أساسية تضمنتها الوثيقة التي ترسم المسار الاقتصادي والسياسي والتنموي والعلمي والاجتماعي لدولة الإمارات، وصولا لتحقيق هدفها في "مئوية الإمارات 2071" بأن تكون دولة الإمارات أفضل دولة في العالم، وأكثر الدول تقدماً.
وينص المبدأ الثامن من تلك المبادئ على أن منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على احترام الهوية الوطنية: "منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة، وحفظ الكرامة البشرية، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية".
ضمن هذا السياق يمكن فهم توجيه الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، جميع المؤسسات التعليمية في الدولة بما فيها الحكومية والخاصة بكافة المراحل، بتكثيف الجهود لتعزيز الهوية الوطنية والثقافة الإماراتية والقيم الإيجابية واللغة العربية لدى الطلبة.
ضمن هذا السياق أيضا يمكن فهم سر انطلاقة الإمارات نحو صناعة المستقبل على أسس متينة وقوية بعد أن وضعت القيادة تعزيز الهوية الوطنية على رأس أولوياتها.
تعريف الهوية الوطنية
والهوية الوطنية الإماراتية تتكون من مجموعة السمات والخصائص التي تميز الشخصية الإماراتية عن غيرها، والمستمدة من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وأصالة اللغة العربية وتاريخ الدولة العريق والعادات والتقاليد المتوارثة عبر أنماط التنشئة، والتي تعمل على ترسيخ اعتزاز المواطن الإماراتي بذاته وانتمائه لوطنه وولائه لقيادته شعوراً وسلوكاً.
ورغم أن الإمارات أخذت منذ وقت مبكر العمل على تعزيز الهوية الوطنية، وأنشأت العديد من المؤسسات لمتابعة هذا الأمر، وعلى رأسها المجلس الاتحادي للتركيبة السكانية ووزارة الثقافة والشباب، إلا أن القيادة الإماراتية حريصة دائما على إعطاء الزخم لتلك الجهود، وتطويرها ودفعها دائما للأمام.
وحرصا على تعزيز الهوية الوطنية على أسس علمية، تم إعداد مقياس مؤشر الهوية الوطنية من قبل مكتب رئاسة مجلس الوزراء وفريق متخصص في جامعة الإمارات، وقامت وزارة الثقافة والشباب في الإمارات بتعديله ثم تطبيقة كمسح ميداني شامل بالتعاون مع مراكز الإحصاء في الدولة ومختصين في جامعة الشارقة وباحثين ميدانيين.
ويعرّف المؤشر بأنه مؤشر وطني خاص بدولة الإمارات يقيس الهوية الوطنية من أربعة أبعاد أساسية (القيم الإيجابية والمعتقدات – الانتماء الوطني – التسامح والتجانس الثقافي – التراث والرموز الوطنية). يتم تطبيقه على مواطني دولة الإمارات من سنّ 18 سنة فما فوق.
وقد ارتفع مؤشر الهوية الوطنية من 82% عام 2012 إلى 97.8% في 2020، وسط جهود لرفع النسبة لـ100%.
توجيه هام
يأتي على رأس تلك الجهود توجهه الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، السبت، جميع المؤسسات التعليمية في الدولة بما فيها الحكومية والخاصة بكافة المراحل، منذ مرحلة التعليم المبكر إلى مرحلة التعليم العالي، بتكثيف الجهود لتعزيز الهوية الوطنية والثقافة الإماراتية والقيم الإيجابية واللغة العربية لدى الطلبة، وضمان تكاملها مع المناهج والبرامج التعليمية وطرق التدريس والأنشطة والفعاليات والمبادرات التي تقوم بها المؤسسات.
وأكد، خلال اجتماع مجلس التعليم والموارد البشرية الذي عقد عبر تقنية الاتصال المرئي عن بعد، السبت، أن الهوية الوطنية والثقافة الإماراتية واللغة العربية والحفاظ عليها وترويجها من أهم أولويات القيادة في دولة الإمارات.ووضع الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ملامح هامة لتطبيق توجيهات القيادة بتعزيز الهوية الوطنية على أرض الواقع، بالاستعانة بتاريخ دولة الإمارات ورموزها وتراثها وثقافتها وعاداتها وقيمها المجتمعية التي تعزز التعاون والتعاضد والتسامح وحب الخير وتعلي قيمة الاتحاد والوحدة وتعزيز الانتماء والولاء للوطن والقيادة.
مناهج تعزيز الهوية
وقال في هذا الصدد إن التاريخ الوطني للدولة مليء بالإنجازات والتجارب وقصص النجاح التي يمكن أن تثري معرفة الطلبة، وتزودهم بالدروس والقيم الإيجابية والمهارات والحكمة في اتخاذ القرارات ليكونوا قادة للمستقبل وعناصر فعالة في المجتمع الإماراتي.
وأشار إلى أهمية الاستفادة من تجارب وخبرات الشخصيات الوطنية البارزة التي لديها وعي بتاريخ دولة الإمارات ومعرفة بالهوية والثقافة الإماراتية والعادات والتقاليد والقيم الإيجابية، وإبراز دورهم في إعداد جيل يحمل الراية ويتمسك بالهوية ويشارك في رسم مستقبل الوطن.
حدد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إطار عام يمكن تعزيز الاستفادة منه وتكثيفه في مناهج المؤسسات التعليمية وفعالياتها، موجها إياها بأن تنهل من تاريخ الإمارات وتجارب وخبرات الشخصيات الوطنية البارزة وثقافة وتراث الدولة والقيم الإيجابية في المجتمع بما يحقق هدف تعزيز الهوية الوطنية.
مسؤولية مجتمعية
ورغم أن التوجيه للمؤسسات التعليمية في الطولة سواء حكومية أو خاصة، إلا أن تنفيذه كان مسؤولية مجتمعية يجب أن يشارك الجميع فيها.
لذلك شدد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان على دور جميع أفراد المجتمع، والمربين والإعلاميين في التصدي للأفكار التي تسعى لهدم كيان الأسرة، وترويج الممارسات الخارجة عن نهج المجتمع، وتؤدي لتدهور ترابطه وتشويه نشأة الأجيال الجديدة، فتطرح أنساقا اجتماعية تخالف الفطرة الإنسانية السوية وتؤدي لتردي الأخلاق والقيم الراسخة.
وخلال الاجتماع ذاته، استعرضت نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب في دولة الإمارات، الإطار الوطني للأنشطة الثقافية الإماراتية في المدارس والذي يتضمن مجموعة من السياسات والمعايير المدرسية للأنشطة الثقافية الإماراتية التي تتكامل مع المناهج الأكاديمية.
ويهدف الإطار إلى تنمية الهوية الوطنية الإماراتية والقيم الثقافية والسمات الإيجابية لدى الطلبة والحفاظ عليها وتعزيزها من خلال مجموعة من الأنشطة والمسابقات والفعاليات والرحلات والورش التي سيشارك فيها الطلبة خلال وخارج أوقات الدوام المدرسي، يتم تنظيمها بالتنسيق مع جميع الجهات المعنية.
وأشارت الكعبي إلى أن الإطار يستهدف موضوعات متنوعة في التراث الإماراتي بما فيها التقاليد والقيم والأنشطة الاجتماعية واللغة العربية والتعبيرات المحلية والفنون الشعبية والرياضات التقليدية، إلى جانب تعزيز المعرفة والوعي بجغرافيا الدولة والفنون والأدب الإماراتي، وبعض التجارب الناجحة في تاريخ الدولة.
وتُعنى وزارة الثقافة والشباب بنشر الوعي الثقافي، والحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز مقوماتها، وتعزيز الشعور بالانتماء إلى الوطن، وصقل مواهب وقدرات الشباب الإماراتي.
تقدم وزارة الثقافة والشباب في الإمارات من خلال مكتباتها ومراكزها الثقافية مجموعة واسعة من الخدمات، والبرامج الثقافية التي تهدف إلى خلق مجتمع فكري وإبداعي، قادر على تطوير إمكانيات الشباب، وتعزيز شعورهم بالهوية الوطنية.