قمة الناتو بمدريد.. ممَّ يتكون حلف شمال الأطلسي وأبرز مهامه؟
تتجه الأنظار على مدار ثلاثة أيام إلى العاصمة الإسبانية، مدريد، التي تستضيف قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في خضم أكبر أزمة تواجهها أوروبا.
وتحظى القمة بمشاركة واسعة من زعماء الحلف وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، إضافة إلى مشاركة رئيس وزراء اليابان، فوميو كيشيدا، في سابقة لرئيس حكومة ياباني وكذلك الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك-يول، في خطوة غير مسبوقة أيضا.
وتتناول القمة العديد من الملفات يأتي على رأسها "دعم أوكرانيا وحزم المساعدات الجديدة"، و"سبل تصدير الحبوب من أوكرانيا وفتح الطرق البحرية"، و"إنهاء أزمة انضمام فنلندا والسويد للناتو"، و"الإرهاب في أفريقيا"، و"رفع القوات القتالية في أوروبا الشرقية"، إضافة إلى تسمية روسيا باعتبارها التهديد الأكثر أهمية والمباشرة لأمن الحلف.
ما هو وممَّ يتكون؟
هو تحالف دفاعي أوروبي وأمريكي شمالي تم إنشاؤه لتعزيز السلام والاستقرار وحماية أمن أعضائه، وكان ذلك مع تصاعد الحرب الباردة، ويقع مقره في العاصمة البلجيكية بروكسل.
وقعت 12 دولة مؤسسة، هي الولايات المتحدة، وكندا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، و8 دول أوروبية أخرى، معاهدة شمال الأطلسي عام 1949، متعهدين بحماية بعضهم البعض بالوسائل السياسية والعسكرية، وعلى مر العقود منذ ذاك الحين، نما الحلف ليشمل إجمالي 30 عضوا.
وبترتيب الأبجدية الإنجليزية، فإن الدول الثلاثين هي: ألبانيا، بلجيكا، بلغاريا، كندا، كرواتيا، جمهورية التشيك، الدنمارك، إستونيا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، المجر، أيسلندا، إيطاليا، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبرج، الجبل الأسود، هولندا، مقدونيا الشمالية، النرويج، بولندا، البرتغال، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، إسبانيا، تركيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة.
وأوكرانيا ليست عضوا بالناتو، لكن لطالما أملت في الانضمام للتحالف. وهذه نقطة حساسة بالنسبة إلى روسيا، التي تنظر إلى الناتو باعتباره تهديدا لها وتعارض الخطوة بشدة وأعلنت أن عمليتها العسكرية جاءت لهذا السبب.
ولطالما تمتع الحلف بـ"سياسة الباب المفتوح"، التي تنص على أن أي دولة أوروبية مستعدة وراغبة في الاضطلاع بالتزامات وتعهدات العضوية فيرحب بتقدمها بطلب العضوية. ويجب الموافقة على أي قرارات بشأن التوسع بالإجماع.
وقبل نحو 25 عاما وفي قمة بمدريد أيضا 1997، رحب الناتو بالتوسع شرقا حيث دعيت جمهورية التشيك والمجر وبولندا لبدء محادثات الانضمام.
ومنذ ذاك الوقت، انضمت أكثر من 12 دولة من الكتلة الشرقية السابقة، بما في ذلك ثلاث جمهوريات سوفيتية سابقة، إلى التحالف.
المادة الخامسة
وبالرغم من التغييرات الجيوسياسية الكبيرة منذ تأسيس الناتو، ظل هدفه المعلن كما هو. والمبدأ الأساسي الذي يقوم عليه التحالف هو مبدأ الدفاع الجماعي: "سيعتبر أي هجوم مسلح ضد واحدة أو أكثر منهم (الدول الأعضاء) في أوروبا أو أمريكا الشمالية هجوما ضدهم جميعا".
وتحدد المادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي مبدأ الدفاع الجماعي، وتضمن أن موارد الحلف بأكمله يمكن استخدامها لحماية أي دولة عضو، وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة لعديد من الدول الصغيرة التي ستصبح دون دفاعات بدون حلفائها، فأيسلندا، على سبيل المثال، ليس لديها جيش نظامي.
وبما أن الولايات المتحدة هي أكبر وأقوى عضو بالناتو، تخضع أي دولة في الحلف فعليا لحمايتها.
وفي حقيقة الأمر، كانت المرة الوحيدة التي استشهد فيها بالمادة الخامسة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول لعام 2001 على الولايات المتحدة، ونتيجة لذلك، انضم حلفاء الناتو لغزو أفغانستان.
ومع ذلك، اتخذ الناتو إجراءات في مناسبات أخرى أيضا؛ حيث اتخذ تدابير جماعية عام 1991 عندما نشر صواريخ باتريوت خلال حرب الخليج، وفي عام 2003 خلال الأزمة في العراق، وفي 2012 استجابة للوضع في سوريا، أيضًا بصواريخ الباتريوت.
شروط الانضمام
لا يتطلب الناتو من الدول تبني تشريعات معينة في قوانينها المحلية كشرط للانضمام للحلف، على غرار ما يحدث في الاتحاد الأوروبي.
وتؤكد المادة 10 من معاهدة واشنطن أنه يجوز للحلفاء أن يدعوا بالإجماع "أي دولة أوروبية أخرى في وضع يمكنها من تعزيز مبادئ هذه المعاهدة والمساهمة في أمن منطقة شمال الأطلسي".
وقال التقرير إن الحصول على العضوية هو "إلى حد كبير مسألة تقديرية سياسية، وقبل كل شيء يخضع لرغبة الولايات المتحدة، أكبر مساهم في الحلف والضامن النهائي له، والتي توسع ردعها النووي من خلاله".
واليونان وتركيا، على الرغم من حكمهما في أوقات مختلفة من قبل المجالس العسكرية، كانا عضوين منذ عام 1952. ولكن مع انضمام إسبانيا ما بعد فرانكو في عام 1982، أصبحت عضوية الناتو أكثر تشابكًا مع التحول الديمقراطي في أوروبا، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
ولكن في عام 1995، وضع الحلف بعض المعايير لقبول العضويات الجديدة مثل: سياسة "الباب المفتوح" التي يتبعها الناتو، التي بموجبها يقدم الحلف آفاق العضوية لجميع الدول الأوروبية الراغبة والقادرة على الانضمام، بالإضافة إلى بعض المتطلبات الأخرى مثل وجود نظام سياسي ديمقراطي فاعل يعتمد على اقتصاد السوق، والمعاملة العادلة للأقليات، والالتزام بالحل السلمي للنزاعات، والقدرة والاستعداد لتقديم مساهمة عسكرية لحلف الناتو، والسيطرة المدنية على القوات العسكرية.
وبعد انضمام بولندا وهنغاريا وجمهورية التشيك في عام 1999، أطلق الناتو "خطة عمل العضوية" (MAP) لمساعدة الطامحين الآخرين. بالنسبة للعديد من البلدان، أصبحت عضوية الناتو، في الواقع، خطوة نحو عضوية الاتحاد الأوروبي.
الإنفاق العسكري
يعتمد الناتو على دوله الأعضاء المساهمة بقوات، ما يعني أنه بنفس قوة القوات الفردية لكل دولة. ويصب هذا في مصلحة التحالف بأكمله للتأكد من أن كل دولة تضع ما يكفي من الموارد للدفاع عنها.
وكانت هذه إحدى النقاط الشائكة في التحالف، حيث غالبا ما تنتقد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الدول الأعضاء الآخرين لعدم وضع حصتهم العادلة.
لطالما تجاوز الإنفاق العسكري الأمريكي ميزانيات الحلفاء الآخرين منذ تأسيس الناتو في عام 1949، لكن اتسعت الفجوة كثيرًا عندما عززت الولايات المتحدة إنفاقها بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
وبموجب المبادئ التوجيهية للناتو، يجب أن تنفق كل دولة 2% من إجمالي ناتجها المحلي على الدفاع، لكن لا تصل معظم الدول لذلك الهدف.
وطبقًا لآخر التقديرات الصادرة عن الناتو، حققت سبع دول، هي: اليونان، والولايات المتحدة، وكرواتيا، والمملكة المتحدة، وإستونيا، ولاتفيا، وبولندا، وليتوانيا، ورومانيا، وفرنسا، هدف الـ2% عام 2021. ويعد هذا تحسنا كبيرًا؛ إذ إنه في 2014، أنفقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليونان فقط أكثر من 2%.
مهام أخرى
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، تطور الناتو وتوسع. وبمرور السنوات منذ ذاك الوقت، شارك أعضاؤه في حفظ السلام في البوسنة، حيث حاربوا الاتجار في البشر، وأرسلوا لاعتراض اللاجئين في البحر المتوسط.
ويستجيب التحالف أيضًا للطرق الجديدة التي تتكشف بها الصراعات، على سبيل المثال، من خلال إنشاء مركز دفاع سيبراني في إستونيا.