«عيون الناتو في السماء».. حراسة «مشددة» وثغرة المسيرات تثير القلق

في طائرة مراقبة تابعة لحلف شمال الأطلسي على ارتفاع نحو 10 آلاف متر فوق شرق بولندا، مسح عناصر قوات جوية الشاشات بحثا عن أي علامة على خرق لحدود التحالف، في مهمة تأتي بعد انتهاك مقاتلتين روسيتين أجواء إستونيا لمدة 12 دقيقة.
برز التهديد، الجمعة، عندما انتهكت طائرتان مقاتلتان روسيتان المجال الجوي الإستوني لمدة 12 دقيقة، ما أثار ذعرا في جميع أنحاء أوروبا وأجبر حلف شمال الأطلسي على إرسال طائرات مقاتلة. الآن، تبدو الأجواء أكثر هدوءا، لكن الطاقم يبقى يقظا.
وقال المقدّم الألماني مايك بيليزير لمراسلي وكالة فرانس برس الذين حصلوا على الحق الحصري للانضمام إلى الرحلة، "إذا كان هناك أي تهديد جوي للناتو، نريد التأكد من اكتشافه في أسرع وقت".
وأضاف: "مهمّتنا هي توفير إنذار مبكر حتى نمنح مزيدا من الوقت للقادة المخوّلين اتخاذ قرار بشأن كيفية الرد".
وكان اختراق الأجواء الإستونية الأحدث في سلسلة حوادث أدت إلى تزايد المخاوف من أنّ الحرب في أوكرانيا قد تمتدّ إلى حدود الحلف.
وقبل ذلك بأيام، أسقطت طائرات الحلف مسيّرات روسية فوق بولندا، في سابقة بالنسبة للتحالف العسكري الغربي.
الحارس الشرقي
وفي إطار الرد على «الاختراق» الروسي، أمر القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي بمهمة جديدة هي Eastern Sentry (الحارس الشرقي)، لتمتين دفاعات الحدود الشرقية للحلف التي تمّ تعزيزها منذ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في العام 2022.
ولذلك، أُرسلت طائرات مقاتلة من دول مثل فرنسا وألمانيا، إلى بولندا.
وقال قائد طائرة المراقبة الكابتن البلجيكي جويل الذي ذكر اسمه الأول فقط: "ننفذ مهمات في بولندا منذ حوالى عامين لحماية دول حلف شمال الأطلسي".
وتدارك: "لكن ما حصل في بولندا يذكّر الجميع في الواقع، بأنّ شيئا ما يمكن أن يحدث، ولهذا السبب نحن هنا مجددا اليوم، لإلقاء نظرة على ما يحصل، وللتأكد من أنّ أجواء الناتو محمية".
وكانت الرحلة التي استغرقت ثماني ساعات من قاعدة في ألمانيا للدوران فوق بولندا هي الأولى التي تقوم بها إحدى طائرات أواكس الـ14 التابعة لحلف الناتو، تحت مظلة «الحارس الشرقي».
ويصل مدى الرادار الضخم الموجود على الطائرة، الذي يُطلق عليه اسم "عيون حلف شمال الأطلسي في السماء"، إلى نحو 500 كيلومتر، ما يمنح الطاقم القدرة على الرؤية عبر الأراضي المعادية في بيلاروسيا ومنطقة كالينينغراد الروسية.
ويمكن للطائرة أن ترصد أشياء بحجم عصفور كبير. وقال جويل "إنها الفيزياء بشكل أساسي، عندما تكون في الأعلى يمكنك الرؤية لمسافة أبعد"، مضيفًا: "هذا يعني أنّه يمكننا أن نقدّم أكثر بكثير مما تقدّمه أنظمة على الأرض".
في الأثناء، ظهرت عشرات الصور الوامضة على شاشات الطائرة. وبدا فيها نشاط جوي في منطقة تمتد من جنوب السويد إلى غرب أوكرانيا.
وقال آرون بيس مشغّل المراقبة من القوات الجوية الأمريكية، إنّ الأمر يستغرق أقل من 30 ثانية لتقييم ما إذا كان جسم غير معروف على الرادار يمثل تهديدا محتملا. وفي حال رصد تهديد وشيك، يتم إرسال التحذير إلى قادة الناتو على الأرض لاتخاذ قرار بشأن كيفية الرد.
تحدي المسيرات
ويؤكد حلف شمال الأطلسي أنّه يملك صورة واضحة من الأجواء الشرقية، بفضل طائراته من طراز أواكس وقدراته الاستخبارية الأخرى.
غير أنّ المسيّرات المنخفضة التكلفة التي أصبحت شائعة في حرب أوكرانيا وعبرت إلى بولندا مؤخرا، تمثل مشكلة بالنسبة إلى التحالف.
وقال الرقيب بيس "إنها تحلّق بطريقة مختلفة".
وأضاف "صُمّمت طائرات أواكس لتعقّب طائرات تحلّق على ارتفاعات أعلى وبسرعة أكبر، لذا تشكّل هذه الأجسام الأصغر والتي تتحرّك بشكل أبطأ، تحدّيا أمام تعقّبها وتحديد هويتها. لكننا نستطيع رؤيتها".
ورغم أنّ حلف شمال الأطلسي ربما يكون قادرا على مراقبة ما يحصل، فإنّ تساؤلات أُثيرت بشأن ما إذا كان يملك المعدّات المناسبة لمواجهة المسيّرات التي تهيمن على ساحة المعركة في أوكرانيا.
ففي بولندا، استخدم طائراته إف-35 الأكثر حداثة، لإطلاق صواريخ باهظة الثمن بهدف إسقاط المسيّرات.
وقال مسؤول في الناتو، مشترطا عدم الكشف عن هويته: "ندرك أنّ أفضل طريقة لهزيمة المسيّرات لا تكمن في صاروخ باهظ جدا تطلقه طائرة باهظة الثمن".
وأضاف أنّ التحالف يتطلّع إلى تسريع "أساليب جديدة وفعّالة من حيث التكلفة" لمواجهة هذا التهديد.
وتابع: "بالتأكيد سيكون لدينا المزيد لنقوله بهذا الشأن في الأسابيع المقبلة".