قمة "ساخنة" للناتو في ليتوانيا.. القادة تحت تأثير الـ"كومبوتاس"
على ضفاف البلطيق في العاصمة الليتوانية فيلنيوس، تختلط نسائم البحر العليل بعبق العصور الوسطى، في هدوء لا تكسره سوى دفاعات الناتو على أبواب روسيا.
ففي ليتوانيا ، إحدى دول البلطيق الثلاث التي عاشت تحت الحكم السوفياتي لعقود وكانت من بين أولى دول الناتو التي أرسلت أسلحة إلى كييف بعد العملية العسكرية الروسية، ستحتضن عاصمتها، اليوم الثلاثاء، وعلى مدار يومين متتاليين، القمة السنوية للناتو.
وتتصدر أوكرانيا جدول أعمال قادة حليف شمال الأطلسي، حيث من المقرر أن تناقش الدول الأعضاء المزيد من المساعدات العسكرية والدعم السياسي لكييف التي تطمح بحلم أكبر من السلاح، وهو العيش في كنف الحلف.
ولكن مع وجود إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بين أولئك الذين يحجمون عن وضع شروط مسبقة واضحة لأوكرانيا أثناء الحرب مع روسيا ، فإن السؤال الرئيسي بالنسبة للتحالف الدفاعي قد يكون ما الذي يمكن أن يتفاوض بشأنه خلال القمة، لطمأنة كييف وإرسال خطاب لا لبس فيه. رسالة إلى موسكو.
ورغم تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، بأن قادة الدول الأعضاء في الناتو، سيوجّهون خلال لقائهم رسالة "واضحة" و"إيجابية" إلى أوكرانيا حول انضمامها إلى الحلف، فإن أعضاء آخرين في الحلف ما زالوا يتخوفون من هذه الخطوة، تحسبا لجر الحلف إلى نزاع أكبر.
لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ، فهم الرسالة على ما يبدو، مكتفيا بإشارة واحدة، وهو ما ترجمته تصريحاته التي أدلى بها عشية اللقاء: "أوكرانيا تستحق أن تكون في التحالف. ليس الآن لأن هناك حربا جارية، لكننا في حاجة إلى إشارة واضحة".
في غضون ذلك، تعرضت كييف للهجوم الروسي للمرة الثانية هذا الشهر ، بينما يقول الجيش الأوكراني إن القوات الروسية نفذت 334 غارة جوية على أرجاء البلاد، في الأسبوع الماضي.
قمة "تاريخية" قبل أن تبدأ
وفي تعزيز للتحالف سبق لقاء اليوم، تخلت تركيا عن معارضتها لعضوية ستوكهولم في الناتو عشية القمة ، مما مهد الطريق لإدراج السويد في نهاية المطاف كدولة تحمل رقم 32 في الكتلة.
فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنهى أشهرا من الجمود بالموافقة على إحالة طلب السويد لعضوية الناتو إلى برلمانه للموافقة عليه.
وربط أردوغان عضوية السويد في الناتو بإعادة الاتحاد الأوروبي إطلاق مفاوضات انضمام بلاده إلى التكتل.
ويعد استكمال انضمام السويد إلى الناتو خطوة تاريخية تفيد أمن جميع حلفاء الناتو في هذا الوقت الحرج.
وقال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ في وقت مبكر من اليوم الثلاثاء: "هذه القمة تاريخية بالفعل قبل أن تبدأ".
كما سيلتقي بايدن نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في القمة، بحسب ما أعلن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان للصحفيين، اليوم.
استعراض قوة يخفي انقساما
ويرى مراقبون أن قمة فيلنيوس، من المفترض أن تكون استعراضا للوحدة الغربية ضد روسيا، لكن هناك انقسامات بين الحلفاء بشأن ترشيح أوكرانيا لعضوية الناتو ، فضلا عن بعض المعارضة لقرار الولايات المتحدة بتزويد كييف ذخائر عنقودية مثيرة للجدل.
ويتوقع من قمة ليتوانيا أن يقدم الناتو دعمه الكامل لأوكرانيا، للانتصار في الحرب.
لكن الدول الأعضاء منقسمة حول مسألة إلى أي مدى يجب المضي في السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى صفوفه.
فالدول المجاورة دفعت أوكرانيا من أجل تحديد جدول زمني واضح، فيما الدول ذات الوزن الثقيل في التحالف مثل الولايات المتحدة وألمانيا، ما زالت مترددة في ذلك.
وعشية القمة، قال الرئيس الأمريكي إنه لا يوجد اتفاق لمنح كييف عضوية في التحالف، فيما تحتدم الحرب مع روسيا لأن من شأن ذلك أن يجر الناتو مباشرة إلى الصراع.
لكن البيت الأبيض، أعلن، الثلاثاء، أن الناتو سيعرض مسارا يتيح في نهاية المطاف انضمام أوكرانيا إلى صفوفه، دون تحديد "جدول زمني" لذلك.
شيفرة المادة الخامسة
رئيس ليتوانيا غيتاناس ناوسيدا، شدد من جهته، على أن بند الدفاع المشترك الذي تنص عليه المادة الخامسة للناتو "يمكن أن يوفر ضمانات أمنية حقيقية من شأنها ردع روسيا عن أي عدوان في المستقبل".
وفي الرابع والعشرين من فبراير/شباط 2022، شنت روسيا عملية عسكرية ضد أوكرانيا، وصفت بأنها أكبر حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
عمليةٌ دفعت الناتو إلى أكبر عمليات إصلاح لدفاعاته منذ نهاية الحرب الباردة، حيث يفترض أن توقع الدول الأعضاء في قمة اليوم، خططا إقليمية جديدة للحماية من أي هجوم روسي محتمل والموافقة على تعزيز أهداف الإنفاق الدفاعي.
وهو ما ترجمته تصريحات رئيس وزراء لاتفيا كريسيانيس كارينس "على جانبنا من السياج، علينا أن نواصل الاستعداد وأن نبقي أعيننا مفتوحة".
في المقابل، هناك من يعتقد أن السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى حلف الناتو ما زال خطوة بعيدة جدا في الوقت الحالي.
وفيما يجتمع قادة الناتو، تحت حراسة ألمانية من أنظمة صواريخ باتريوت، وطائرات مقاتلة فرنسية، لن تمنع الأجواء المسلحة القادة من ارتشاف شاي "كومبوتاس" الليتواني، أو حتى التلذذ بـ"سيبليناي" الطبق الوطني في هذا البلد.