"المجنسون".. تناقضات تثير الانقسام في قطر
تثور ثائرة الدوحة، حين يدور تشكيك حول مواطنة المجنسين، لكن حين النزول إلى الواقع، يظهر ازدواج معايير تعامل النظام القطري مع الملف.
ويدور هذه الأيام في قطر جدل حول ملف المجنسين، وذلك في أعقاب فوز الربّاع القطري من أصل مصري، فارس حسونة، والقطري من أصل سوداني معتز عيسى برشم، بأول ميداليتين ذهبيتين في تاريخ مشاركات قطر في الألعاب الأولمبية.
لكن نصر "المواطنين القطريّين" يأتي بعد أيام من إصدار قانون لانتخابات مجلس الشورى في قطر يمنع حسونة وبرشم وأمثالهما من القطريين المجنسين من المشاركة في الانتخابات سواء كمرشحين أو ناخبين، وكأن لسان حال الدوحة يخاطب "البطلين": "خذ خيرهما ولا تجعلهما وطنا".
وتوج حسونة بالميدالية الذهبية في منافسات رفع الأثقال للرجال وزن 96 كيلوجراما، فيما توج برشم بالميدالية الذهبية في الوثب العالي، ضمن منافسات أولمبياد طوكيو 2020.
وعقب تتويجهما غرد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مهنئا، حيث قال: "نبارك للبطل فارس إبراهيم بالفوز بالميدالية الذهبية.. فخورين فيك".
وفي تغريدة أخرى، قال: "تهانينا لبطلنا معتز برشم ولقطر بهذا الفوز. أنت نموذج للجد والمثابرة للشباب القطري".
تهاني أمير قطر لحسونة وبرشم وإعرابه عن الفخر بهما، واعتبارهما نموذجا للجد والمثابرة للشباب القطري، جاءت بعد أيام من إصداره قانون انتخابات مجلس الشورى الذي يشترط من يشارك في الانتخابات سواء كناخب أو كمرشح أن تكون جنسيته الأصلية قطرية.
ازدواجية التعامل
ورغم التهاني الرسمية للفائزين، فإن ذلك لم يخفِ ازدواجية تعامل نظام الدوحة مع ملف التجنيس، فرغم إبداء أعضاء في الأسرة الحاكمة عدم التفريق بين مواطن ومجنس، فإن قادة قطر اختاروا مع سبق إصرار وترصد منع المواطنين المفترضين من حق الانتخاب وطموح الترشح، في عنصرية، يقول متابعون.
وأثارت ازدواجية تعامل نظام الدوحة مع ملف التجنيس جدلا حادا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط استغراب من الفخر بالمجنسين إذا حققوا إنجازا لقطر، وانتقاد كل من يحاول التقليل منه باعتبار أن من حققه لاعبون مجنسون، وفي نفس الوقت التقليل من المجنسين ومنعهم حتى من حق الانتخاب وليس الترشح فقط.
ضمن هذا الجدل غردت مريم آل ثاني- من الأسرة الحاكمة في قطر- قائلة: "الحديث عن مواطن (أصلي) و(مجنس) حديث ناقص، وينم عن قصور ونقص ومرض في نفس المتحدث! نفتخر بجميع أهل قطر سواء كان مواطنًا بالأصل أو التجنيس! لا عيب في ذلك، جميعنا إخوة في الله، وهذه تعاليم وأخلاق ديننا الحنيف!".
ولكن مغردا يحمل اسم "علي" رد عليها متهما النظام بالمسؤولية عن الأمر بسبب تناقضاته، قائلا: "ولكن الدولة لها رأي ثان عكس رأيك الشخصي أختي مريم، ورأيها ظهر بوضوح في هذه الانتخابات".
متفقا معه، قال مغرد يحمل اسم "Top_dr": "هذا الكلام الصح، ولكن ما نراه اليوم من تفرقة في حق الانتخاب بناءً على ذلك مع أن الجواز واحد هو الذي فجر هذا النقاش، ما في دخان من غير نار، إتمنى التراجع عن هذا القرار لأن عواقبه غير محمودة وتدمر اللحمة الوطنية ".
مختلفا مع الآراء السابقة، قال مغرد يحمل حسابه اسم "khalijona1_":"من وجهة نظري المواطن الأصيل أكثر صدقا على مصالح وقوانين الدولة من المتجنس حيث المتجنس سيحن يوما ما إلى دولته الأصل وسيتكلم في أمور تهم من بني جنسيته وهكذا لكل قطري بالتجنس وبذلك ليس عيبا أن يعترف إنه من أصل دولة أخرى وأن قطر احتضنته ليعيش العيش الكريم ولكن ليس كالمواطن الأصيل".
من جهته، قال خالد المريخي: "أنا مع أن (المرشح) عضو مجلس الشورى يكون قطري أصلي ، لكن الناخب ، المفروض يكون قطري وخلاص مب لازم جده مواليد قطر".
إثارة العنصرية
مغردون آخرون انتقدوا الجدل الدائر حول الأمر، محذرين من أنه يثير العنصرية.
وفي هذا السياق، قالت د. أمينة العمادي: "هذه هي الدنيا فانية نسأل الله حسن الخاتمة وفي ناس لحد (إلى) الآن يتهاوشون هذا قطري أصلي، وهذا قبيلي، وهذا عبد أسود، كلنا لآدم ، وآدم من تراب ".
منتقدا من يقلل من شأن القطريين المجنسين، قال مغرد يحمل حساب باسم "Qatari Mothers ":"ممكن كل قطري أصلي يقولنا إنجازاته وإنجازات أجداده الأصليين لا أحد يقول بنوا البلد ويسكت لآن بناء البلد بفضل الله رزقنا البترول.. وضحوا إنجازاتكم في الرياضة والعلم وعلاج الأمراض واكتشافات فادت العالم والسفر للفضاء وتصنيع السيارات الطائرات القطارات احمدوا الله وخلوا (اتركوا) العنصرية".
جدل دائم
ويثير ملف التجنيس جدل دائم في قطر وفي بلاد الدول الأصلية للمجنسين، يتجدد غالبا خلال البطولات الرياضية الكبرى.
ورغم أنها هذه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها ملف التجنيس في قطر، إلا أن هذه تعد من أبرز المرات التي تظهر فيها ازدواجية تعامل الدوحة في هذا الملف.
وسبق أن أثار منتخب قطر لكرة اليد ذو الـ11 جنسية من 4 قارات جدلا واسعا خلال كأس العالم لكرة اليد 2015 التي استضافتها الدوحة، وحل فيها في المركز الثاني.
كما سبق أن تعرض مدافع منتخب قطر بسام الراوي نجل مدافع منتخب العراق هشام علي، لانتقاد كبير بعد أن سجل هدف الفوز ضد بلده الأصلي، وأخرجه من البطولة خلال دور الـ16 من كأس آسيا 2019 لكرة القدم، وذلك لاحتفاله المبالغ به بفوز قطر على بلد جذوره بدلا من الاقتداء على الأقل باللاعبين الذين يواجهون أنديتهم السابقة.
ويحذر القطريون الأصليون من مخاطر التوسع في التجنيس كونها تهدد بتغيير التركيبة الديموغرافية في قطر، بما يشكله ذلك من خطر كبير على عادات وقيم وتقاليد وأخلاقيات المجتمع، وتضاؤل فرص ترقي واكتشاف مواهب المواطنين القطريين وتنميتها في ظل تكريس استقطاب المواهب من الخارج وتجنيسها والاعتماد عليها.
ويرون أنه يدمر مفهوم المواطنة أحد أبرز أسس وقواعد الدولة الحديثة وينشر ثقافة بيع وشراء الولاء والانتماء بالمال بما يشكل ذلك خطورة على الهوية الوطنية.
وفيما يرى فريق أن التجنيس ليس حكرا على قطر، وليست بدعة منها، وأن من حقها ذلك طالما ترعى الرياضيين وتوفر لهم فرص النجاح، يتهم فريق من أبناء دول المجنسين الدوحة بإغراء مواطنيهم بالمال لاستقطاب كل شخص سيحقق فائدة من أي نوع، مستغلة أوضاعهم وظروفهم في دولهم الأصلية.
aXA6IDMuMTUuMjM5LjAg جزيرة ام اند امز