نداي مولامبا.. هداف ذهبي قتله النسيان
بداية صعبة وتوهج كبير وسقوط مدوٍ في كأس العالم لنداي مولامبا لاعب وأسطورة منتخب الكونغو الديمقراطية السابق.. طالع التفاصيل
يمتلك نداي مولامبا لاعب وهداف منتخب الكونغو الديمقراطية السابق، سجلا مميزا خلال مشاركاته في بطولات كأس الأمم الأفريقية، ونجح في قيادة زملائه لاعتلاء منصة التتويج باللقب، خلال نسخة مصر 1974.
مصر احتضنت المسابقة التي شهدت مشاركة 8 منتخبات، وتوج الكونغو "زائير آنذاك" باللقب، في بطولة شهدت تسجيل مولامبا 9 أهداف، كأكبر عدد من الأهداف للاعب واحد في نسخة واحدة.
انطلاقة من رحم المعاناة
نداي مولامبا ليس فقط هدافا خطيرا أو لاعب كرة مميزا، بل هو تجربة إنسانية فريدة من نوعها تستحق أن تكون نموذجا للمعاناة التي يعيشها أبناء القارة السمراء.
عاش مولامبا حياة تشبه الملاحم التراجيدية الأغريقية، وهو ما حمس المخرج الكونغولي ماكيلا بولولو على تحويل تلك القصة العجيبة إلى فيلم وثائقي يحمل عنوان "الذهب المنسي" تم عرضه قبل 9 سنوات.
ولد مولامبا عام 1948 في إحدى مدن الكونغو، وكانت وقتها تحت الاحتلال البلجيكي، ومع بلوغه سن الثانية عشرة نالت بلاده استقلالها وتغير اسمها إلى جمهورية الكونغو الشعبية الديمقراطية.
كان جورج مولامبا، والد نداي، لا يحب كرة القدم ويراها مفسدة، إلا أن ظهور الابن بمستوى مميز في مباراة للناشئين حضرها أول رئيس للبلاد بعد الاستقلال، وهو جوزيف كازافوبو، جعل الأب غير قادر على منع ابنه من الاستمرار في اللعب، فانبهار الرئيس بموهبة نجله جعل المسؤولين في المدينة يضغطون عليه بقوة ليسمح له بالانضمام إلى فريق كاساي سنترال.
وخلال رحلة تألق مولامبا مع فريقه، كان المشهد السياسي يشهد صعود موبوتو سيسي سيكو لسدة الحكم، وفي عام 1965 قاد انقلابا عسكريا استولى به على السلطة، وبعدها بأعوام قليلة قام بتغيير اسم البلاد إلى "زائير"، وغير كذلك فريق نداي مولامبا.
بداية الحلم
"انضمامك لفريق فيتا كلوب، سيجعلك فتى زائير الأول".. هذا كان نص رسالة الجنرال موبوتو إلى مولامبا، والتي أرسلها له مع أحد رجاله المقربين.
ومثلما كان أول رئيس للبلاد سببا مباشرا في احترافه كرة القدم، كان الرئيس الثاني سببا في انتقاله لأحد أندية القمة ومنه إلى منتخبه الوطني.
مولامبا يصنع المجد
عام 1974م كان مشهودا وفارقا في حياة مولامبا، حيث سافر بصحبة بعثة منتخب بلاده إلى مصر للمشاركة في النسخة التاسعة من البطولة الأفريقية، وأسفرت القرعة عن وقوع زائير في المجموعة الثانية بالإسكندرية، وضمت منتخبات الكونغو "برازفيل"، وغينيا وموريشيوس.
فاز رفاق مولامبا في مبارتين وخسروا واحدة، وصعدوا كوصيف للمجموعة، وسجلوا 7 أهداف منها ثلاثية لمولامبا، بواقع هدفين أمام غينيا وآخر ضد موريشيوس.
وأرسل الرئيس مندوبا عنه لملاقاة البعثة في مصر، وقدم لهم مكافأة سخية ومعها رسالة مفادها؛ أن كل هذه الهداية لهم بشرط العودة بالكأس، لافتا في الوقت نفسه إلى أن خسارة اللقب تعني عدم عودتهم لأرض الوطن مرة أخرى.
وكان التحدي الأصعب بالنسبة لمولامبا ورفاقه، يتمثل في مواجهة مصر صاحبة الضيافة في الدور نصف النهائي، وازدادت الأمور تعقيدا بعد التأخر بهدفين دون رد في الشوط الأول، قبل العودة بقوة وتسجيل 3 أهداف، منها ثنائية لنداي.
شاهد أهداف المباراة:
اضطر المنتخب الكونغولي لخوض نهائي نسخة 1974 أمام زامبيا مرتين، الأولى انتهت بالتعادل 2-2 وسجل له مالامبا بالتخصص، وفاز في الثاني 2-0 بهدفين لنفس اللاعب، الذي خطف الأنظار من الجميع، بتسجيل 9 أهداف في 6 مباريات فقط.
أهداف المباراة النهائية:
مولامبا لم يكتف بالتوهج فقط مع منتخب بلاده والسيطرة جميع الألقاب الفردية بجانب كأس الأمم، بل امتد تألقه مع فيتا كلوب وقاد الفريق لاعتلاء منصة التتويج بكأس أفريقيا للأندية الأبطال (دوري أبطال أفريقيا حاليا)، بجانب الثنائية المحلية.
مشوار كارثي بالمونديال:
يذكر بطل "الذهب المنسي" أنه ورفاقه عند عودتهم مكللين بلقب أمم أفريقيا تم استقبالهم استقبال الأبطال واستضافهم الرئيس شخصيا في القصر الرئاسي، حيث تم تكريمهم وحصلوا على المزيد من الهدايا والمكافآت.
كيف لا وهم أبطال القارة شتاءً وفي صيف العام ذاته سيكونون ممثليها في المونديال العالمي، فقد نجحوا قبل بطولة الأمم، في التفوق على منتخب المغرب في آخر محطات التصفيات المؤهلة بثلاثية دون رد.
ألمانيا استضافت النسخة العاشرة من المونديال، وأوقعت القرعة ممثل أفريقيا الوحيد في المجموعة الثانية برفقة البرازيل ويوغسلافيا واسكتلندا، ولكن المحصلة النهائية كانت 3 هزائم لزائير ولم يسجل لاعبوها أي هدف واستقبلوا 14 هدفا.
الطريف أن مولامبا تعرض للطرد، خلال ثاني مباريات منتخب بلاده بالمونديال، بعد التأخر برباعية أمام يوغسلافيا، في المباراة التي انتهت بفوز الأخير بنتيجة 9-0.
تكريم واغتيال
قرر الاتحاد الأفريقي تكريم مولامبا بوصفه صاحب الرقم القياسي للتهديف في بطولة واحدة، وتم ذلك بالفعل على هامش النسخة رقم 19 من البطولة القارية والتي نظمتها تونس عام 1994.
بعد عودة مولامبا من تونس بعدة أسابيع، اقتحمت مجموعة عسكرية مدججة بالسلاح منزله، وأبلغوه بطلب الرئيس موبوتو أن يسلم لهم الميدالية التي حصل عليها وأي أموال متعلقة بها بحجة أنها مِلك لزائير، وانتهت تلك الزيارة بإطلاق النار على قدم مولامبا وقتل ابنه.
هروب مولامبا
خلال فترة احتجاز مولامبا في المستشفى لعلاج قدمه، وصلته رسالة من قائد المعارضة يخبره بأن هناك خطة لتهريبه خارج البلاد، وتم تنفيذ نصف الخطة والخاص بتهريبه عبر الحدود البرية إلى أنجولا، لكنه اختفى قبل إتمام المهمة بسفره إلى جنوب أفريقيا، وفقا لـ "الذهب المنسي".
خلال نسخة بوركينا فاسو 1998، ترددت أنباء عن العثور على جثة مولامبا ضمن ضحايا انهيار أحد مناجم الفحم في أنجولا، وبدأت عدة مباريات بالوقوف دقيقة صمت تكريما له.
عودة بشكل مفاجئ
مع مطلع الألفية الثالثة فاجأ مولامبا العالم بأنه ما زال على قيد الحياة، وذلك عن طريق إحدى الصحف بجنوب أفريقيا، قالت إنه حي ويعيش هناك منذ عام 1995، حيث يعمل كحارس في جراج سيارات بمدينة "كيب تاون".
تلقف "ماكيلا بولولو" الحوار الصحفي لينطلق إلى جنوب القارة للبحث عن "الذهب المنسي"، وشرع لفوره في الإعداد للفيلم الذي عرض لأول مرة عام 2010؛ نفس العام الذي احتضنت فيه القارة السوداء المونديال العالمي للمرة الأولى، وحضر مولامبا حفل الافتتاح كأحد كبار المدعوين وتم تكريمه كأحد نجوم اللعبة في أفريقيا.
مع بداية العام الحالي وقبل شهور من انطلاقة النسخة الحالية من بطولة الأمم الأفريقية غادر مولامبا عالمنا، رحل ورقمه ما زال صامدا منذ 45 عاما وحتى الآن.
aXA6IDMuMTYuNjkuMjQzIA==
جزيرة ام اند امز