هل يعود رأس نفرتيتي إلى مصر؟.. مسؤولة ألمانية تجيب
الملكة نفرتيتي تشاركت حكم مصر مع زوجها الملك إخناتون في الفترة من 1336 إلى 1353 قبل الميلاد، أي في ظل الأسرة الثامنة عشر.
"ملكة برلين".. هكذا يعرف رأس نفرتيتي بين الألمان رغم أنها لم تكن ألمانية يوما، ويحتفي بها الجميع وتملأ صورها محطات القطارات والشوارع رغم أنها تنتمي لحضارة أخرى تبعد آلاف الأميال عن العاصمة الألمانية.
وفي قلب المتحف الجديد في جزيرة المتاحف ببرلين، ينتصب رأس نفرتيتي محاطا بغطاء زجاجي قوي، وحراسة خاصة من شركة أمن يتعاقد معها المتحف.
ورأس نفرتيتي هو القطعة الوحيدة في المتحف التي تحظى بكل هذا التأمين، ويحظر تصويرها أو لمس العلبة الزجاجية المحيطة بها.
ويعتبر الرأس هو درة مجموعة من الآثار المصرية يبلغ عددها المئات، تتواجد في قسم الحضارة المصرية القديمة في المتحف الجديد في برلين.
والملكة نفرتيتي تشاركت حكم مصر مع زوجها الملك إخناتون في الفترة من 1336 إلى 1353 قبل الميلاد، أي في ظل الأسرة الثامنة عشر.
وحفظت الملكة الحسناء العرش للملك الصغير توت عنخ آمون بعد وفاة زوجها.
وكان للملكة نفرتيتي دور بارز في التاريخ المصري القديم؛ إذ انتزعت مكانة دينية متميزة عندما نصبت كاهنة تقدم القرابين للإله آتون، والذي بعد خمس سنوات من حكم إخناتون، أصبح هو المعبود الأكثر شعبية بين المصريين القدماء.
كيف وصل التمثال برلين؟
القصة بدأت عام 1912، عندما قامت بعثة أثرية ألمانية برئاسة عالم المصريات لودفيج بورشاردت بزيارة القاهرة وتولت أمر الحفريات الأثرية في منطقة تل العمارنة بموجب عقد مع الحكومة المصرية.
وبالفعل، عثر بورشاردت ومساعده هيرمان رانك على التمثال النصفي لنفرتيتي في منطقة كانت معروفة قديما بورش النحت، قرب تل العمارنة، في ٦ ديسمبر 1912.
ووفق الرواية الألمانية، منح التمثال النصفي لنفرتيتي وبعض المكتشفات الأخرى إلى الفريق الألماني بموافقة غوستاف ليفبفر، المفتش المسؤول عن مصلحة الآثار في مصر الوسطى في ذلك الوقت.
وتتابع الرواية الألمانية المنشورة على موقع المتحف الجديد "كان رجل الأعمال الألماني جيمس سايمون الممول الرئيسي لأعمال التنقيب عن الآثار في تل العمارنة، لهذا السبب انتقلت القطع المكتشفة ومنها رأس نفرتيتي إلى حوزته، ومنحها بدوره للسلطات الألمانية".
على الجهة المقابلة، قال وزير الآثار المصري الأسبق زاهي حواس في تصريحات صحفية سابقة إن تمثال الملكة نفرتيتي جرى تهريبه من مصر بواسطة بورشاردت عام 1913، الذي أخفى قيمة التمثال الحقيقية بتغطيته بطبقة من الطين.
وبعدها، ظل التمثال مختفيا عن الأنظار، حتى عرض لأول مرة للعامة في المعارض والمتاحف الألمانية في ١٩٢٣، وبدأ الجدل حول استرداد مصر له.
مفاوضات لم تكتمل
ووفق بوابة مدينة برلين على الإنترنت، بدأت مصر في ذلك الوقت مفاوضات لإعادة التمثال، وعرضت مبادلته مع تمثال فرعوني لأمير مصري. وبعد سنوات من الشد والجذب، انهارت المفاوضات في ١٩٣٣.
ومع اشتداد الضربات على برلين إبان الحرب العالمية الثانية، وبالتحديد في 1943، نقلت السلطات الألمانية رأس نفرتيتي إلى منطقة كايزرودا، إلا إن الجيش الأمريكي صادره في 1945 مع سيطرته على مناطق واسعة من ألمانيا.
ووضعت السلطات الأمريكية التمثال في مستودع مركزي في فيسبادن غربي ألمانيا حتى عام 1952، حين أعيد عرض رأس نفرتيتي في متحف نفس المدينة. ثم عاد إلى برلين في 1952، وعرض في متاحفها.
ومع افتتاح المتحف الجديد في برلين في أكتوبر 2009، احتل رأس نفرتيتي مكانه في قلبه حتى اليوم.
وخلال التسعين عاما الماضية، لم يحتاج التمثال إلا لعمليات ترميم محدودة ليكون في حالة جيدة، ولا يزال يتمتع بلونه الأصلي المضيء.
وخضع التمثال لأشعة سينية وتصوير مقطعي لكشف طلاسمه، وخلصت السلطات الألمانية في النهاية إلى أنه مصنوع من كتلة من الحجر الجيري جرى استكمالها في بعض الأماكن بطبقة سميكة من الجص.
ويقول محمد حسين (٢٤ عاما)، وهو طالب مصري مقيم في برلين، في حديث لـ"العين الإخبارية": "عندما وصلت هنا قبل عامين، حرصت على زيارة نفرتيتي"، مضيفا "لم أكن أتخيل هذا القدر الكبير من الجمال والعظمة".
وتابع "هذا التمثال أهم القطع الفنية القديمة، وأحد أهم إنجازات فن النحت في العصر الفرعوني، والألمان يحتفون به بشكل غير عادي، وينشرون صوره في كل مكان، ويلقبون نفرتيتي بملكة برلين".
ومضى قائلا "لكني أشعر بغصة كلما رأيت هذا التمثال هنا، وليس في مصر، وأتمنى أن يعود يوما للقاهرة".
هل يعود التمثال لمصر؟
ليس محمد حسين وحده الذي يمني النفس بإعادة رأس نفرتيتي رمز الجمال، إلى مصر؛ إذ قال زاهي حواس في تصريحات، نوفمبر ٢٠١٩، إنه يجهز فريق من المثقفين لمطالبة ألمانيا بإعادة التمثال إلى مصر.
في المقابل، قالت بريجيت جوبتسل، مسؤولة الصحافة والإعلام في مؤسسة التراث الثقافي المسؤولة عن شؤون المتاحف الحكومية في برلين، في تصريحات لـ "العين الإخبارية": "لم تتقدم مصر بأي طلب رسمي لاستعادة رأس نفرتيتي منذ سنوات طويلة للغاية".
وتابعت "بالتالي، لا توجد أي مفاوضات حالية مع مصر لإعادة التمثال"، مضيفة "نحن منفتحون دائما على المشاورات مع مصر لكن التمثال ملك للمتحف الجديد في برلين".
ومضت قائلة "رغم ذلك، نمتلك علاقة جيدة بالسفارة المصرية في برلين وندعم المتاحف المصرية في كثير من الأمور مثل تنسيق عروض مشتركة للآثار".
aXA6IDE4LjE4OC4yMjcuMTkyIA==
جزيرة ام اند امز