لافروف وتيلرسون.. مفاوضات الدبلوماسي ورجل الأعمال
المفاوضات الأولى التي تجمع واشنطن وموسكو يديرها الدبلوماسي المخضرم لافروف، مع رجل الأعمال الذكي تيلرسون.
وصل وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، الثلاثاء الماضي، إلى العاصمة الروسية موسكو، في أول زيارة رسمية له في هذا المنصب، ليلتقي بنظيرة الروسي سيرغي لافروف، لبحث الأزمة السورية التي تصاعدت عقب الضربة الأمريكية لمطار الشعيرات في إدلب.
مائدة المفاوضات الأولى التي تجمع بين الجانبين، يديرها السياسي البارع والمفاوض القوي لافروف، مع رجل الأعمال وصاحب الصفقات التجارية الناجحة تيلرسون، التقرير التالي يرصد جولة الدبلوماسي مع رجل الأعمال.
لافروف
سيرغي فيكتوروفيتش لافروف، من مواليد 21 مارس/آذار 1950، دبلوماسيًا سوفيتيًا بارزًا، خريج معهد موسكو للدراسات الدولية عام 1972، عام 1981 أرسل كمستشار بارز في بعثة الاتحاد السوفيتي لدى الأمم المتحدة في مدينة نيويورك وعمل هناك حتى العام 1988، ثم عمل لصالح وزارة الخارجية الروسية حتى عام 1994، بعد ذلك عاد مجددًا للعمل في الأمم المتحدة بصفة سفير روسيا الدائم.
ترأس مجلس الأمن عدة مرات منها في ديسمبر/كانون الأول 1995، يونيو/حزيران 1997، يوليو/تموز 1998، أكتوبر/تشرين الأول 1999، ديسمبر/ 2000، أبريل/نيسان 2002 ويونيو/حزيران 2003.
9 مارس/آذار 2004 عينه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزيرا لخارجية روسيا، ويعتبر نهج لافروف دبلوماسيا بارعا، يصفه الخبراء الدبلوماسيين بأنه "شخص صعب ومفاوض من الدرجة الأولى".
لعب لافروف دورًا مهمًا في الأزمة السورية، فهو ممسك بالملف السوري منذ بداية اندلاع الثورة، دخل في الكثير من المفاوضات الدولية للدفاع عن نظام الأسد الذي تدعمه روسيا بقوة.
تيلرسون
ريكس تيلرسون ، ولد في 23 مارس/آذار 1952، رجل أعمال أمريكي بارز، حصل على بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة تكساس في أوستن عام 1975، رئيس مجلس الإدارة السابق لمجموعة أكسون موبيل سابقًا، سادس أكبر شركة في العالم من حيث الإيرادات.
عام 2013، حصل على وسام الصداقة من روسيا، ومنحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوسام شخصيًا، حيث أمضى أكثر من 40 عامًا في العمل لشركة إكسون.
لم يشغل تيلرسون أي منصب سياسي من قبل، أثنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تيلرسون ووصفه بأنه واحد من أبرع مبرمي الصفقات في العالم، وأنه سيساعد في تغيير مسار سنوات من السياسة الخارجية الخاطئة، والأفعال التي أضعفت أمريكا، وسيروج (تيلرسون) للاستقرار الإقليمي ويركز على المصالح الأساسية للأمن القومي للولايات المتحدة.
منتصف فبراير/شباط الماضي، وفي مدينة بون الألمانية عقد الاجتماع الوزاري لمجموعة العشرين، وكان هذا اللقاء الأول الذي جمع بين الدبلوماسي البارع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مع رجل الأعمال الشهير ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكية.
لقاء وصفته الخارجية الروسية حينها بأنه يأتي في الوقت الذي وصلت فيه العلاقة بين البلدين إلى طريق مسدود مع الإدارة الأمريكية السابقة".
السياسي ورجل الأعمال وجهًا لوجه
لقاء مهم في توقيت صعب، فبعد اشتعال الموقف بين موسكو وواشنطن، بسبب الضربة العسكرية التي قامت بها الأخيرة في سوريا، وقصف مطار الشعيرات بعد هجوم حليف موسكو الأسد علي مدينة خان شيخون وقصفها بالكيماوي.
مائدة مفاوضات جمعت بين الرجلين لساعات من أجل فتح باب جديد حول الأزمة السورية، حيث قال الدبلوماسي البارع لافروف إنه خلال مباحثاته مع نظيره الأمريكي بشأن الملف السوري حاول أن يستعرض معه "وقائع تاريخية لمناقشتها" لكنه وجد أمامه سدا منيعا.
وأضاف أن "تيلرسون قال لي إنه حديث العهد (في الدبلوماسية) وأنه يفضل عدم الغوص في التاريخ والاهتمام بدلا من ذلك بمشاكل الحاضر"، "ولكن العالم يسير على قاعدة إذا لم نتعلم من دروس الماضي فإننا نحكم على أنفسنا بالفشل في الحاضر".
نتائج المفاوضات ولقاء بوتين
"تقدم جزئي".. هكذا وصف لافروف لقاءة مع تيلرسون في المباحثات حول الملف السوري، مؤكدًا على مواصلة التعاون لمحاولة إيجاد حل سياسي وإنشاء مجموعة عمل مشتركة خاصة بتسوية الخلافات بين البلدين.
حيث جدد تيلرسون التأكيد على موقف بلاده حول مسؤولية نظام الأسد عن الهجوم الكيماوي على خان شيخون في إدلب، في حين رفض لافروف الاتهامات الأمريكية وأكد على وجوب إجراء تحقيق دولي للتثبت من صحة الاتهامات.
وقال تيلرسون إن حكم عائلة الأسد شارف على الانتهاء، وعلى موسكو أن تسهم في عملية إخراج الأسد من السلطة.
وأضاف تيلرسون، أن "مستوى الثقة بين بلدينا متدنٍ.. ولا يمكن أن تكون العلاقة بين أقوى قوتين نوويتين في العالم في هذا الشكل".
وقال لافروف إن لا مشاكل بين واشنطن وموسكو لا يمكن حلّها، وأضاف إن موسكو مستعدة لاحياء التنسيق بين القوات الجوية الأمريكية والروسية لتجنب تصادم مقاتلات الطرفين في سوريا.
وأكد لافروف انفتاح موسكو على تحسين العلاقات مع واشنطن، وقال: "رغم كم المشاكل الحالية.. هناك إمكانات كبيرة للعمل المشترك"، مؤكداً أن "روسيا منفتحة على ذلك ومنفتحة على الحوار مع الولايات المتحدة في مختلف المجالات، وليس فقط الحوار بل العمل المشترك الهادف إلى تحقيق نتائج في المجالات التي تخدم مصالح البلدين".
وفي تعديل على جدول الزيارة، الذي كان يقتصر على لقاء بين تيلرسون ولافروف، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تيلرسون، وكان بوتين قد استبق اللقاء مع تيلرسون في الكرملين بالتعبير عن أسفه لتدهور العلاقات الروسية الأمريكية منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فوصف زيارة وزير خارجيته إلى موسكو بالسارة، وتسير بشكل جيد جداً.
هل تيلرسون أقوى من كيري؟
كشف مصدر دبلوماسي روسي حضر مباحثات لافروف مع تيلرسون في موسكو، عن جانب من الانطباعات التي تركها تيلرسون؛ حيث قال الدبلوماسي الروسي، بحسب تصريحاته لوكالة نوفيستي الروسية، إن تيلرسون مفاوض لامع ويتمتع بقدر عالٍ من الجاذبية، الأمر الذي يجعل سلفه جون كيري يبدو أضعف بكثير منه.
وأضاف أنه يترك انطباعًا قويًا لدى محادثيه، لكنه لا يفضل الحديث للصحفيين وحوارهم، فيما يبلي بلاء حسنا في التفاوض بفضل الجاذبية التي يتمتع بها".
aXA6IDE4LjIwNy4xNjAuMjA5IA== جزيرة ام اند امز