قبضة نتنياهو على السلطة تتهاوى.. هل ينقذه ترامب؟

ترتبط كل خطوة بطريق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، برغبته في البقاء في السلطة، ومراوغة محاولات إبعاد حكومته اليمينية.
وخلال الأشهر المتبقية من العام الحالي، سيخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حملة إعادة انتخابه في اقتراع سيجري على الأرجح في أوائل عام 2026.
ويواجه نتنياهو العديد من الأزمات الداخلية مثل التجنيد الإجباري لليهود المتشددين، وهي القضية التي هزت الائتلاف الحاكم في السابق.
لكن هناك عنصرًا واحدًا في مساعي نتنياهو لإعادة انتخابه، وهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ووفق مجلة فورين بوليسي الأمريكية، قد لا يكون ترامب العامل الوحيد الذي يشكل مستقبل نتنياهو السياسي، لكنه بلا شك عاملا مهما، ما يمنح الملياردير الأمريكي نفوذا كبيرا، فبإمكانه أن يساعد أو يُضر بمساعي رئيس الوزراء لتوسيع هيمنته على المشهد السياسي الإسرائيلي.
والسؤال الآن: هل سيواصل ترامب دعمه لنتنياهو أكثر من معارضته؟
ومن المنتظر أن تحدد الإجابة على هذا السؤال كيفية استجابة الرجلين لتحديات غزة وإيران والتقلبات السياسية في إسرائيل خلال الأشهر المقبلة.
ويُعرف النظام البرلماني في إسرائيل باضطرابه، إذ يذهب الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع كثيرا، ومع ذلك، حققت الحكومة الحالية إنجازا مثيرا حيث تقترب من عامها الثالث رغم صدمات العامين الماضيين.
والحكومة الحالية هي الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، وهي نتاج تحالف بين حزب الليكود بزعامة نتنياهو، والأحزاب الحريدية المتطرفة، والقوميين المتطرفين بقيادة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
وهناك دلائل على أن الائتلاف قد لا يصمد حتى خريف 2026، إذ غرقت حكومة نتنياهو في أزمة التجنيد العسكري للحريديم، الذين يعترضون على الخدمة العسكرية الإلزامية ويطالبون بمشروع قانون يعفيهم رسميًا.
والأسبوع الماضي، قدم وزراء من حزبين أرثوذكسيين متطرفين استقالاتهم بسبب جمود مشروع القانون، مما ترك نتنياهو فعليًا مع حكومة أقلية تحظى بدعم 50 مقعدًا في الكنيست (من أصل 120).
ونظرًا لأن الكنيست يبدأ عطلة صيفية لمدة 3 أشهر في 27 يوليو/تموز، فإن نتنياهو آمن نسبيًا في السلطة حاليا، لكن الوقت يمر ويجهز نتنياهو خطوته التالية، ساعيًا إلى صياغة برنامج يضمن إعادة انتخابه وبقائه السياسي.
وفي حين منحت حرب إيران دفعة متواضعة في استطلاعات الرأي لائتلاف نتنياهو، إلا أنه لا يزال من المتوقع أن يفشل في تحقيق الأغلبية.
ولتحسين فرصه، لدى نتنياهو خيارات مثل صفقة لتحرير الرهائن، وخطة لليوم التالي تنزع سلاح حماس وتخرج العديد من الفلسطينيين من غزة، واتفاقية مع سوريا، وهي أمور بعيدة المنال يتطلب تحقيقها دعم ترامب.
وفي إدارته الأولى، أمطر ترامب، نتنياهو بخطوات سياسية مفيدة؛ فاعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، واعترف بسيادة إسرائيل على الجولان وأعلن خطة أبقت المستوطنات على حالها ومنحت إسرائيل 30% من أراضي الضفة الغربية.
وفي ولاية ترامب الأولى، ارتبطت شعبية نتنياهو غالبًا بتحركات الرئيس الأمريكي في السياسة الخارجية. وعندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018، ارتفعت شعبية حزب الليكود في استطلاعات الرأي.
ويتمتع ترامب بشعبية هائلة في إسرائيل، إذ أظهر استطلاع لمركز "بيو" للأبحاث أنه يحظى بتأييد 69% من الإسرائيليين مما يمنحه سلطة لتحديد مصير السياسة الإسرائيلية ومصير نتنياهو نفسه.
وبعد 6 أشهر من ولايته الثانية، بدا أن ترامب يريد نتنياهو كشريك، حيث قام بتسليم إسرائيل شحنات القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل والتي أوقفتها الإدارة السابقة، وألغى العقوبات المفروضة على المستوطنين في الضفة.
ومع ذلك، فإن وجهة نظر ترامب تجاه نتنياهو معقدة، وترتبط بأمور معاملاتية وظرفية، وأيضا بما قد يكسبه.
ولم يُخفِ ترامب شعوره بأن نتنياهو تلاعب به بشأن إيران خلال ولايته الأولى، واعتبر الأخير جاحدًا عندما تقرب من الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.
واتخذ ترامب مؤخرا، عددًا من الإجراءات التي همشت نتنياهو، إذ فتح حوارا مع حماس، وأبرم صفقة مع الحوثيين وأعلن عن مفاوضات مع إيران ورفع العقوبات عن سوريا.
وتردد أن ترامب كان غاضبًا عندما قصفت إسرائيل الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة، مما دفع نتنياهو إلى تقديم اعتذار.
وأشارت تقارير إلى أن البيت الأبيض يعتقد أن نتنياهو خارج عن السيطرة بعد قصفه لسوريا مؤخرا.
وإلى جانب شعبية ترامب في إسرائيل، فإن واشنطن تلعب دورًا محوريًا في إضفاء الشرعية على رواية نتنياهو فيما يتعلق باثنين من أهم إنجازاته في الأمن القومي، وهما مواصلة حرب غزة ومواصلة الضغط على إيران.
ووفق فورين بوليسي، إذا غيّر ترامب مساره بالضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب أو إعادة الانخراط في الدبلوماسية مع إيران، فقد يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه في مأزق.
في هذا السياق، من المرجح أن يُعطي نتنياهو ترامب نصرًا آخر بموافقته على الاقتراح الأمريكي بإطلاق سراح المزيد من الرهائن مقابل وقف إطلاق نار لمدة شهرين، وإيصال المساعدات. كما لن يكون هناك خلاف بينهما حول إيران إلا إذا كانت واشنطن قريبة من التوصل لاتفاق نووي مع طهران.
داخليا، قد يكون أكتوبر/تشرين الأول المقبل حاسما؛ فإذا تم التوصل لاتفاق حول تجنيد الحريديم، فستصمد الحكومة. أما إذا فشل التوصل لاتفاق، سيتم تحديد موعد لانتخابات مبكرة.