فلسطين وإيران وأوكرانيا.. نتنياهو يرسم خطط المواجهة في الملفات "المفخخة"
من المشهد السياسي داخل إسرائيل مرورا بالسلام مع الفلسطينيين واتفاقيات إبراهيم، وصولا إلى إيران وأوكرانيا، رسم نتنياهو خطط المواجهة في الملفات المفخخة.
السلام مع الفلسطينيين
في مقابلة أجرتها معه قناة "سي إن إن" الأمريكية، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "الناس يمكن أن يعلقوا على مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، بالقول إنني تبنيت نهجا مختلفا".وأضاف "عندما ينتهي الصراع العربي الإسرائيلي بشكل فعال، أعتقد أننا سوف نعود إلى الفلسطينيين ونحصل على سلام عملي معهم".
وردا على سؤال بشأن مخاوف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من أن المستوطنات في الضفة الغربية يمكن أن تؤدي إلى تفاقم التوترات، أشار نتنياهو إلى نجاح اتفاقات إبراهيم في عهد سلفه دونالد ترامب والتي أدت إلى قيام علاقات بين إسرائيل وعدة دول عربية.
وفي هذا الصدد، تابع "تجولت حولهم (الفلسطينيين)، وذهبت مباشرة إلى الدول العربية بمفهوم جديد للسلام، لقد أقمت أربع اتفاقيات سلام تاريخية، اتفاقيات إبراهيم، وهو ضعف عدد اتفاقيات السلام التي سبق وأن أُبرمت في 70 عاما".
وتأتي تصريحات نتنياهو بشأن الصراع مع الفلسطينيين، في وقت يشهد فيه الجانبان توترا متصاعدا، أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، وسط مخاوف من خروج الوضع عن السيطرة.
وشكّل الخميس الماضي، أكثر الأيام دموية للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ما يقرب من عامين، حين سقط تسعة قتلى في اقتحام مخيم جنين، تلاه إطلاق نار بالقرب من كنيس يهودي في القدس ليلة الجمعة، والذي اعتبرته إسرائيل إحدى أسوأ الهجمات في السنوات الأخيرة.
عندما سئل عن مخاوف الولايات المتحدة من أن توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية يمكن أن يعوق آفاق السلام، قال نتنياهو: "حسنًا، أنا أختلف تمامًا".
عندما سُئل نتنياهو عن التنازل الذي ستمنحه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، أجاب: "حسنا، أنا بالتأكيد على استعداد لأن يكون لديهم (الفلسطينيون) كل السلطات التي يحتاجونها لحكم أنفسهم. لكن لن نمنحهم أيا من السلطات التي يمكن أن تهددنا، وهذا يعني أن إسرائيل يجب أن تتحمل المسؤولية الأمنية المطلقة".
إيران.. موقف ثابت
بين بايدن ونتنياهو علاقة معقدة، خاصة فيما يتعلق بإيران، حيث اشتبك الثاني مع الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما بشأن المفاوضات مع الفلسطينيين، ثم مرة أخرى بشكل أكثر صراحة بشأن الاتفاق النووي الإيراني، الذي يود بايدن الدخول فيه من جديد.
ففيما يتعلق بإيران، جدد نتنياهو موقفه خلال مقابلته مع القناة الأمريكية: "إذا كانت لديك أنظمة مارقة (تعتزم الحصول على) أسلحة نووية ، ويمكنك توقيع 100 اتفاقية معها، فهذا لا يساعد".
وقال: "أعتقد أن الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها وقف أو الامتناع عن الحصول على أسلحة نووية هي مزيج من العقوبات الاقتصادية، ولكن الشيء الأكثر أهمية هو تهديد عسكري موثوق به".
وتقول طهران إن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط، وإنها أوقفت رسميا برنامج أسلحتها، لكن المسؤولين الأمريكيين حذروا من أن أنشطة تخصيب اليورانيوم الإيرانية تجاوزت بكثير معايير الاتفاق النووي لعام 2015 والذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق ترامب.
والأسبوع الماضي، حذر رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، من أن طهران جمعت ما يكفي من المواد لـ"عدة أسلحة نووية" وحث على استئناف الجهود الدبلوماسية لمنع مثل هذا السيناريو.
أوكرانيا.. عقدة الحليف
ومن نقاط الخلاف الأخرى بين حلفاء الولايات المتحد، موقف إسرائيل المتناقض بشأن أوكرانيا.
فمنذ الحرب التي اندلعت في الـ24 من فبراير/شباط العام الماضي، تقوم إسرائيل بعمل توازن دبلوماسي في العلاقات مع روسيا.
وعلى الرغم من إدانتها للعملية العسكرية الروسية رسميا وإرسال مساعدات منتظمة إلى أوكرانيا، إلا أن إسرائيل لم ترسل الأسلحة الأوكرانية بعد، وتعرضت لانتقادات، لأنها لم تكن أكثر شدة في انتقادها لروسيا.
وفي هذا السياق، أبدى نتنياهو استعداده للنظر في التوسط بين روسيا وأوكرانيا إذا طلب منه البلدان والولايات المتحدة ذلك.
وقال:"إذا طلب مني جميع الأطراف المعنية ذلك فسأفكر بالتأكيد، لكنني لا أفرض نفسي"، مشيرا إلى أن ذلك يجب أن يكون في "الوقت المناسب والظروف المناسبة".
ويقول محللون، إن إسرائيل لا تريد إثارة غضب روسيا عندما يرغب سلاح الجو الإسرائيلي لضرب أهداف عبر الحدود في سوريا، إذ شنت تل أبيب مئات الضربات على جارتها في السنوات الأخيرة، وكان معظمها يهدف إلى تعطيل تزويد إيران بتكنولوجيا الصواريخ الدقيقة الموجهة إلى حزب الله اللبناني.
وهنا، أشار نتنياهو إلى هذا السيناريو المعقد، بقوله: "إسرائيل تتخذ إجراءات ضد تطوير أسلحة معينة في إيران"، رافضا تأكيد أو نفي ما إذا كانت تل أبيب وراء هجمات الطائرات بدون طيار على مصنع عسكري في مدينة أصفهان بوسط إيران خلال عطلة نهاية الأسبوع.
لكنه اكتفى بالقول: "أنا لا أتحدث أبدا عن عمليات محددة.. وفي كل مرة يحدث فيها انفجار في الشرق الأوسط، يتم إلقاء اللوم على إسرائيل أو تحمل المسؤولية - في بعض الأحيان لا نكون كذلك".
حكومة نتنياهو.. مخاوف تبددها عجلة القيادة
على الصعيد الداخلي، تطرقت المقابلة إلى المخاوف بشأن حكومة نتنياهو، الموصوفة بأنها الأكثر يمينية في تاريخ البلاد، والتي واجهت بالفعل توترات داخلية واحتجاجات عامة واسعة النطاق.
نتنياهو رفض المخاوف بشأن الخطاب التحريضي وأفعال عدد من أعضاء الائتلاف الحكومي، قائلا: "لقد وضعت يدي على عجلة القيادة".
واتهم نتنياهو منتقديه بالنفاق وعدم وضع عدسة مماثلة أمام أسلافه، مضيفا: "انظر، أنا أسيطر على الحكومة، وأنا مسؤول عن سياساتها، والسياسات عاقلة ومسؤولة، وما زلت كذلك".