نتنياهو بين مطرقة الداعين لاستمرار الحرب وسندان أهالي الرهائن
وقع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بين مطرقة رفاقه المؤيدين لاستمرار الحرب وسندان أهالي الأسرى في غزة.
ويقول رفاق نتنياهو إنه لا سبيل لإعادة الـ136 رهينة من غزة سوى استمرار الضغط العسكري، فيما يقول أهالي الرهائن إنه من أجل إعادتهم أحياء فيجب التوصل إلى صفقة تبادل مع حماس.
وبين هذا وذاك تضغط الإدارة الأمريكية على نتنياهو للانتقال إلى مرحلة أقل كثافة من الحرب، ولكن رفاق له في الحكومة يدعونه إلى عدم التراجع ما تسبب بصدع داخل تشكيلته.
وبدأت عائلات الرهائن اعتصامها المفتوح أمام منزل رئيس الوزراء في قيساريا، داعية الإسرائيليين للانضمام إليها.
وقال منتدى عائلات الرهائن في بيان: "يجب على مجلس الوزراء الحربي ألا يفوت أي فرصة للتوصل إلى اتفاق يعيدهم جميعا".
وأضاف: "سنكون هنا خارج منزل رئيس الوزراء حتى يأتي إلينا رئيس الوزراء ويتعهد بقيادة جهد دولي بمشاركة كافة الدول المعنية بالأزمة حتى يتم حلها وإعادة جميع المختطفين إلى ديارهم".
وقال دورون زاكسر، في رسالة من أهالي المختطفين: "لقد انتظرنا الحكومة بما فيه الكفاية. أحباؤنا يُقتلون كل يوم. ليس لديهم الوقت".
مطالب حماس الأربعة
وكان جدعون ساعر، الوزير في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت"، أشار إلى أن حماس وضعت 4 مطالب من أجل الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين.
وأشار إلى أن هذه المطالب هي: الوقف الكامل للحرب على غزة، الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من القطاع، ضمانات دولية بعدم التعرض لحماس، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية بمن فيهم الأسرى من أصحاب الأحكام العالية.
وذكر ساعر أن إسرائيل لا تقبل بهذه المطالب.
وكانت إسرائيل أبدت الاستعداد لعملية تبادل أسرى تشمل هدنا إنسانية لفترات ولكن ليس الوقف الكامل لإطلاق النار.
العائلات تضغط
وفي محاولة للضغط أكثر فأكثر عليه فإن عشرات آلاف الإسرائيليين انضموا إلى أهالي الرهائن وبات شعارهم أيضا دعوة نتنياهو وحكومته للاستقالة والذهاب لانتخابات مبكرة.
وخلال في مظاهرة في تل ابيب مساء السبت، قال يوناتان شمريز، شقيق ألون شمريز الذي قُتل بطريق الخطأ بنيران الجيش الإسرائيلي أثناء محاولته الهروب من قطاع غزة، موجها كلامه لنتنياهو: "ليس لديك أي تفويض عام وأخلاقي للبقاء في السلطة ليوم آخر. ليس لديك تفويض لاتخاذ القرارات. ليس لديك تفويض لتحديد الحاضر، وليس لديك تفويض للتخطيط للمستقبل. أعيدوا الولاية إلى الناس".
أما عاموس ألون من كيبوتس بئيري فقال في مظاهرة أمام منزل رئيس الوزراء في قيساريا: "أنا مجرد مواطن آخر يحتج ضد الحكومة. حقيقة أنني من سكان بئيري الذين نجوا من مجزرة لا تمنحني أي معرفة أو خبرة خاصة.. حقيقة أنني فقدت عائلتي وأصدقائي، وأن منزلي احترق وتحول إلى رماد، وأن مجتمعي انهار، لا يمنحني الحق في الادعاء بأنني أعرف ما الذي سيفيد بلدنا، لكني أعرف من يؤذيها، ومن يؤذيها هو بنيامين نتنياهو".
وأضاف: "أدعو الجميع، يمينًا ويسارًا، للانضمام إلينا! دعونا نحول الحزن إلى غضب سيطرده أخيرًا من حياتنا حتى نتمكن من البدء في التعافي وإعادة بناء هذا البلد حقًا".
وكتب مستشار الاتصالات اتسيك الروف في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقا): "لتذكير أهالي المختطفين: حملتكم لا تساعد حماس، إنها هراء. هذه رسالة قذرة كتبها المستشارون الإعلاميون الذين باعوا أرواحهم للشيطان".
وأضاف: "إن حملتكم من أجل عودة المختطفين هي أساس القيمة التي قامت عليها دولة إسرائيل - فبدون عودة المختطفين، ليس لدولة إسرائيل الحق في الوجود".
وتابع الروف: "إن الحكومة نفسها التي تخلت عن المختطفين في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تدير حالياً حملة دعائية كاذبة وخسيسة ضدهم. الجمهور معكم في المعركة".
وكان آلاف الإسرائيليين تظاهروا مساء السبت في تل أبيب وقيساريا والقدس الغربية للمطالبة بالتوصل إلى صفقة لتبادل الرهائن والأسرى.
التصفية التامة
وبالتزامن ما زالت تتواصل الخلافات داخل الحكومة بشأن استمرار الحرب وإعادة الرهائن، إذ في حين يؤيد عضوا المجلس الوزاري الحربي بيني غانتس وغادي آيزنكوت وقفا للنار للتوصل إلى صفقة فإن نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت يعارضان ويصران على استمرار الضغط العسكري.
ويقول الخبراء الإسرائيليون إن نتنياهو يخشى حقيقة انسحاب الوزيرين إيتمار بن غفير، زعيم حزب "القوة اليهودية"، وبتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب "الصهيونية الدينية"، من الحكومة ما يعني انهيارها.
وقال الوزير السابق من حزب "العمل" حاييم رامون بمقال في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية: "الآن تتعاظم الضغوط على القيادة السياسية لوقف القتال حتى قبل تحقيق الهدف المركزي للحرب – إسقاط حكم حماس من ناحية عسكرية ومدنية".
وأضاف في مقال تابعته "العين الإخبارية" إن "غير قليل من السياسيين، وأكثر من هذا من الجنرالات في الاحتياط يقترحون العمل على صفقة مخطوفين تتضمن وقف القتال ويؤيدون هجر الهدف الحيوي المتمثل بإسقاط حماس ويشرحون لنا أن إسرائيل ستعالج قضيتها في وقت ما، في موعد غير معروف".
واستدرك: "من المهم أن نفهم أن صفقة تحرير مخطوفين تتضمن وقفا للقتال وتحرير آلاف القتلة، معناها واحد ووحيد وهو هزيمة لم تتكبد إسرائيل مثيلا لها وانتصار هائل لـحماس".
وتابع رامون: "سأوضح وأقول، إنه ليس لي ذرة احتجاج على عائلات المخطوفين. لو كنت مكانهم لفعلت بالضبط ما يفعلون، بل وربما أكثر، وإنما جدالي هو مع أولئك الجنرالات في الاحتياط والسياسيين الذين يفهمون جيدا معنى التنازل عن هدف إسقاط حكم حماس".
واعتبر رامون أنه "بالطبع لا يجب وقف الجهود لإعادة المخطوفين إلى الديار، لكن من المحظور بأي حال التنازل عن التصفية التامة لحكم حماس، من ناحية عسكرية ومدنية. وحتى ذلك الحين، لا يجب وقف مرحلة القتال الشديد ولا حتى للحظة".
خطر غياب القرار
ومن جهته، قال المعلق البارز في صحيفة "يديعوت احرونوت" ناحوم بارنياع، في مقال تابعته "العين الإخبارية": "نحن عالقون في المخطوفين، فقد تبنى الجيش الإسرائيلي المفهوم الذي يقول، إنه كلما استخدمنا قوة أكثر، سنحصل على مخطوفين أكثر".
واستدرك: "كان هذا مريحا لكن ليس بالضرورة صحيحا. بعض من المخطوفين قتلوا من أعمال الجيش الإسرائيلي، ما يسميه رجال القانون بتعبير لا يطاق، "جوانب هامشية" لأعمال الجيش. ولا توجد أدلة على أن الضغط العسكري يلين (يحيى) السنوار (زعيم حماس في غزة)، وبالتأكيد ليس الآن".
واستنتج بارنياع أنه: "لكل قرار تتخذه إسرائيل يوجد ثمن لكن عدم (اتخاذ) القرار هو القرار الأخطر. لشدة الأسف عدم القرار هو الطبيعة، الجوهر، الاستراتيجية لرئيس وزراء إسرائيل".