عملاق البث نتفليكس.. قصة كفاح انطلقت من تأخير "أبولو 13"
حتى عام 2007 لم تدخل نتفليكس إلى عالم البث عبر الإنترنت Streaming، هذه الخطوة التي حولت الشركة من لاعب صغير إلى تهديد حقيقي للمنافسين
أصبحت شركة نتفليكس Netflix من أشهر مزودي خدمة البث عبر الإنترنت في العالم، خصوصا بعدما ارتبط اسمها ببرامج ومسلسلات شهيرة مثل House of Cards، وLe Casa De Papel إلى أن أصبح شعارها جزءًا من حياتنا اليومية.
ورغم شهرة نتفليكس في خدمات البث على الإنترنت، إلا أن الكثير منا لا يعرفون قصة كفاح الشركة التي بدأت من 40 دولارا تسببت في غضبت ملاك الشركة، فدفعتهما إلى امتلاك عملاق البث عبر الإنترنت Netflix والتي تقدر قيمتها السوقية بنحو 183 مليار دولار.
البداية
في عام 1997 تأخر ريد هاستينجز ومارك راندولف في إرجاع فيلم Apollo 13 إلى المتجر وفوجئوا بإلزامهم بسداد غرامة تأخير 40 دولارًا، وهي غرامة باهظة جدا في ذلك الوقت، الأمر الذي دفعهم لتأسيس شركتهما.
بدأت نتفليكس كشركة متواضعة لتأجير اسطوانات DVD عام 1998، وبعد عام واحد أطلقت الشركة خدمة الاشتراكات، وأتاحت خدمة تأجير DVD غير المحدود عبر اشتراك شهري وبأسعار مخفضة بلغت نحو 16 دولارا.
وحتى عام 2007 لم تدخل نتفليكس إلى عالم البث عبر الإنترنت Streaming، هذه الخطوة التي حولت الشركة من لاعب صغير إلى تهديد حقيقي للمنافسين، بحسب فوربس.
من القاع إلى القمة
من المثير للاهتمام في قصة نتفليكس، تنافسها مع اللاعب الأكبر في العالم حينها، شركة Blockbuster - بلوكباستر، فقصة المنافسة هذه أشبه بالعبرة التي تستحق أن تُشارك لكثرة الدروس بها.
ارتبط اسم شركة Blockbuster في أمريكا بأشرطة الأفلام، وكانت اللاعب الأكبر في خدمات تأجير الفيديو، في ذروة توهجها امتلكت 9 آلاف فرع حول العالم، وكانت بلا منافس حقيقي يهدد عرشها.
عام 2000، وبعد صعوبات في العمل، عرض مُلّاك نتفليكس Netflix شركتهم للبيع إلى بلوكباستر مقابل 50 مليون دولار، لكن العرض قوبل بالرفض، وكذلك بالسخرية. فحينها كان دخل الشركة السنوي لعملاق الفيديو يتخطى 4.5 مليار دولار، أي أن مبلغ 50 مليون دولار تقريبا يمثل 1.1% من مبيعات الشركة السنوية.
هذا الرفض كان من أصعب اللحظات في تاريخ نتفليكس، وحينها لم يكن أمام المؤسسين إلا خيار واحد، وهو منافسة زعامة بلوكباستر بكل طريقة ممكنة.
في غضون 3 سنوات، حققت نتفليكس أول ربح لها، وبدأت في مراحل النمو، وطرحت أسهمها للاكتتاب في بورصة ناسداك عام 2002.
وبحلول عام 2010 أعلن المنافس العملاق بلوكباستر إفلاسه.
نجحت نتفليكس خلال 10 سنوات في التخلص من أكبر منافس لها في تأجير الأفلام، هو أعلن إفلاسه، واستمرت هي في زيادة حصتها السوقية.
نقطة تحول
بعد إطلاق نتفليكس لخدمة البث عبر الإنترنت، أو Streaming، عام 2007 لاحظت أن تكلفة شراء حقوق المحتوى المرئي من المسلسلات والأفلام عالية إلى حد كبير.
مما اضطرها إلى اتخاذ قرار استراتيجي غيّر من توجهها وطبيعة عملها إلى الأبد.
عام 2013، قررت نتفليكس الدخول إلى مجال إنتاج المحتوى عبر إطلاق مسلسلاتها الخاصة تحت اسم Netflix Originals، كان أول مسلسل تم اطلاقه هو House of cards، وهو مسلسل سياسي شهير حصد 9 ترشيحات لجائزة Emmys. وهو أول مسلسل في التاريخ يبث فقط عبر الإنترنت ويحصد مثل هذا الترشيح. وبالفعل تمكن المسلسل من حصد ثلاث جوائز إيمي برايم تايم في ذلك الوقت، لكن منذ عرضه وحتى عام 2019 حصد المسلسل 56 ترشيحًا وفاز بسبعة جوائز إيمي.
هذا النجاح لأول عملية إنتاج زاد من حماس الشركة لضخ المزيد من الأموال في صناعة المحتوى.
وهو تحول في نموذج العمل من بيع الأفلام والمسلسلات وتأجيرها إلى صناعتها والدخول في تنافس مباشر مع الاستديوهات وشركات الإنتاج.
الدخول في صناعة المحتوى أعطى نتفليكس ميزة تنافسية وهي الحصرية، بمعنى أنه يتوجب الاشتراك بخدمة نتفليكس كشرط لمشاهدة هذه المسلسلات المتوفرة فقط من خلالها.
اليوم، تسيطر نتفليكس على صناعة المحتوى بتفوق واضح على الاستديوهات التقليدية. تحقق دخلًا أعلى، وتزيد إنفاقها على المحتوى الحصري.
منافسو نتفليكس
نجاح نتفليكس في عالم صناعة المحتوى جلب لاعبين جدد غير تقليديين مثل Hulu, Amazon Prime، Apple وDisney+، ومعظمها شركات تقنية عملاقة لم تفكر سابقاً في الدخول لهذه السوق، التي اخترعتها نتفليكس.
لكن، بلغت ميزانية نتفليكس لصناعة المحتوى العام الماضي 16 مليار دولار، وهو ما يمثل أكثر من ضعف أقرب منافسيها، فقد رصدت أمازون 7 مليارات دولار، وأبل 6 مليارات دولار، وHulu نحو 3 مليارات دولار، وديزني 1.5 مليار دولار.
وبالنظر أيضًا لمقياس آخر لأداء الشركة، أعني النمو السنوي لعدد المستخدمين، فأيضا تتفوق نتفليكس مع أكثر من 183 مليون مستخدم، بينما يبلغ عدد مشتركي خدمات أمازون 150 مليون مشترك، وأكثر من 50 مليون مشترك لخدمات ديزني.
تُظهر نتفليكس سيطرة على صناعة المحتوى بتفوق واضح على منافسيها.
اليوم ومخاطر المستقبل
تحولت نتفليكس من شركة تحاول بيع نفسها مقابل 50 مليون دولار إلى شركة تفوق قيمتها السوقية 183 مليار دولار. مما يعني معدل نمو 3600 ضعف خلال 20 عامًا فقط.
اليوم، التنافس مختلف؛ لأن المنافسين أكبر حجمًا، ويأتون من صناعات أخرى مثل ،التقنية متمثلين في Apple وAmazon، ولديهم قوة مالية أعلى، وكذلك هم أكبر حجمًا في الأسواق الأمريكية.
وهو ما جعل أغلب مخاوف المحليين تجاه نتفليكس تتمثل في ديونها العالية، ومعدل حرق النقد Burn-rate العالي. فرغم زيادة ربحية الشركة سنويا بمعدل 300% منذ 2017 ووصولها إلى 1.9 مليار دولار في 2019 إلا أن معدل حرق النقد بنهاية 2019 وصل إلى 3.3 مليار دولار وهو ما يزيد نحو 65 % عن عام 2017 عند 2 مليار دولار.
ختامًا قصة نتفليكس منذ التأسيس بغرض حل مشكلة بسيطة، وحتى الدخول في صناعات متعددة والسيطرة عليها، تمثل واحدة من أعظم قصص التنافس والنجاح في التاريخ. أكبر دليل على هذا النجاح هو حضور الشركة بشكل يومي في حياة الكثيرين منا.خصوصًا في الآونة الأخيرة مع التزام المنازل لاحتواء انتشار وباء كوفيد-19.
aXA6IDMuMTQ0LjQzLjE5NCA= جزيرة ام اند امز