خبراء لـ«العين الإخبارية»: فرنسا تعتبر الإخوان أكثر من مجرد تهديد أمني

تتبع السلطات الفرنسية ما يبدو أنه "استراتيجية طويلة الأمد" لمكافحة الإخوان، بعد أن وضعت يدها على شبكة الجماعة وتحركاتها وخطرها.
وقال خبراء فرنسيون متخصصون في الإسلام السياسي في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، إن السلطات الفرنسية باتت تعتبر جماعة الإخوان، "أكثر من مجرد تهديد أمني، بل مشروع فكري موازٍ للجمهورية".
ورأى الخبراء، أن السلطات الفرنسية لم تعد تكتفي بمواجهة التهديدات الأمنية التقليدية ومقاربة أمنية تقليدية تجاه الإسلام السياسي، إذ بدأت تفكك بشكل ممنهج البنية المؤسسية والفكرية المرتبطة بالإخوان، في محاولة للحدّ من انتشار تأثيرهم في المجتمع الفرنسي.
ومع تصاعد الإجراءات الإدارية والقانونية ضد شخصيات محورية داخل اتحاد "مسلمي فرنسا"، تلوح في الأفق مرحلة جديدة من المواجهة المفتوحة مع الجماعة التي تتهمها باريس بـ"بثّ خطاب انفصالي وتقويض قيم الجمهورية".
خطر الإخوان
من جانبه، حذر مدير الدراسات في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، فرانك فريجوسي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، من "الغموض الاستراتيجي في خطاب جماعة الإخوان المسلمين"، ويرى أن التنظيم يعمل باستخدام أدوات قانونية للتأثير داخل المجتمعات الأوروبية على المدى الطويل.
ومضى موضحا: "الإخوان المسلمون في أوروبا لا يطرحون أنفسهم كتنظيم سياسي مباشر، بل كحركة إصلاح ديني، ما يُعقّد مهمة التعرف على خطابهم الحقيقي"، متابعا "مشروعهم يقوم على التدرج والتكيف، وليس على المواجهة الصريحة، لكن ذلك لا يلغي طابعه السياسي أو طموحه المجتمعي."
وأشار إلى أن "اتحاد مسلمي فرنسا هو الوريث التاريخي لشبكة الإخوان في فرنسا، ويحمل في بنيته وتكوينه المرجعية الفكرية والتنظيمية ذاتها، حتى لو تموّه ذلك بعبارات مثل الحوار أو التعايش أو محاربة الإسلاموفوبيا".
تحركات متسارعة
ووفق تقارير فرنسية، فإن الحكومة الفرنسية بدأت مؤخرا تفكيك البنية المؤسسية والفكرية المرتبطة بالإخوان، في محاولة للحد من تأثيرهم في المجتمع الفرنسي، لاسيما بين الشباب والمساجد.
وتشمل الإجراءات الفحص والمراقبة والتفكيك التدريجي للبنية التنظيمية للتنظيم في فرنسا.
في هذا السياق، قالت صحيفة "لا كروا" الفرنسية، إن السياسة الفرنسية كثفت تحركاتها ضد الإخوان في السنوات الأخيرة. ففي عام 2023، وبعد معركة قضائية طويلة، تم ترحيل الداعية حسن إيقيوسن، أحد الوجوه البارزة في "مسلمي فرنسا"، ووصفته السلطات بأنه "شخصية مؤثرة تقوم بنشر أفكار محافظة في أوساط المسلمين الفرنسيين".
ولفتت "لا كروا" إلى أنه في عام 2024، استهدفت السلطات أحمد جاب الله، أبرز الوجوه الفكرية في الاتحاد، حيث صدر بحقه أمر بمغادرة الأراضي الفرنسية، في خطوة عكست تصعيداً سياسياً مباشراً ضد الإخوان.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية، أن هذه الخطوات لا تأتي بمعزل عن السياق العام الذي تسير فيه الحكومة الفرنسية، خاصة في عهد وزير الداخلية برونو ريتايو، الذي عبّر مراراً عن رغبته في "تطهير البيئة الإسلامية من كل من يحمل خطاباً انفصالياً أو غير متوافق مع قيم الجمهورية".
استراتيجية طويلة الأمد
من جهته، قال لوران أوبيرين، الباحث في العلوم السياسية والاجتماعية، المتخصص في الإسلام السياسي في فرنسا لـ"العين الإخبارية"، إن جماعة الإخوان "تمثل خطراً ناعماً وتدريجياً على المجتمع الفرنسي، لأنها توظف خطاب الضحية، وتغلف مشروعها السياسي بثوب ديني واجتماعي مقبول".
ورأى أن الإخوان في فرنسا "لا يسعون إلى الاندماج، بل إلى بناء مجتمع داخل المجتمع".
من جانبها، قالت آني لوران خبيرة في قضايا الإسلام السياسي ومؤلفة كتب عديدة حول الإسلام السياسي في أوروبا لـ"العين الإخبارية"، إن تمدد الإخوان في أوروبا جاء نتيجة "تساهل الحكومات الأوروبية معهم منذ عقود".
وأشارت إلى أن خطر الإخوان "لا يكمن فقط في المساجد، بل في الجامعات، الجمعيات، والمجالس الاستشارية، حيث يزرعون خطابًا مزدوجًا لا يمكن كشفه بسهولة."
واعتبرت لوران أن "جماعة الإخوان في فرنسا ليست فقط شبكة دعوية، بل مشروع سياسي متكامل يحاول بناء مجتمع موازٍ داخل المجتمع الفرنسي، عبر أدوات قانونية وثقافية ناعمة".
ولفتت إلى أن "ما يحدث اليوم هو انتقال فرنسا من منطق التساهل مع الإسلام السياسي إلى منطق المواجهة المباشرة".
ورأت أن حملة السلطات الفرنسية ضد "مسلمي فرنسا" والإخوان لم تعد إجراءً مؤقتاً بل أصبحت استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تفكيك ما تعتبره باريس "مشروعاً مضاداً لقيم الجمهورية".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTE1IA== جزيرة ام اند امز