أزمة الصومال وولاياته.. محادثات كيسمايو تفتح «نافذة حل» رغم التعثر

اختتمت المرحلة الأولى من محادثات كيسمايو بين الحكومة الصومالية وإدارة ولاية جوبالاند، بنتيجة مربكة، رغم توفر إرادة كسر الجمود.
ودارت المحادثات بين الطرفين، حول تنظيم العلاقة بين الحكومة الفيدرالية والولاية، وحل الخلاف حول إجراء انتخابات جديدة في جوبالاند، لكنها لم تسفر عن اتفاق.
ووُصف ختام المحادثات، بأنه جمع بين التعثر المؤقت وفتح نوافذ جديدة للتفاهم والتنسيق المستقبلي.
وعلى الرغم من وجود خلافات جوهرية، أظهرت الجولة إرادة مشتركة لكسر الجمود المتراكم، ووضع أسس لإعادة هندسة العلاقة بين المركز والولايات بما يضمن استقرار النظام الفيدرالي الصومالي، وفق مراقبين.
خطوة استراتيجية
وتأتي هذه الجولة من المحادثات في وقت تشهد فيه البلاد تحديات سياسية ودستورية متعددة، وخلافات بين الإدارة الفيدرالية وبعض الولايات.
وعلى الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق شامل في محادثات كيسمايو بين الرئيس حسن شيخ محمود، وأحمد مادوبي رئيس ولاية جوبالاند، يقول مراقبون إن اللقاء نجح في إبراز استعداد كلا الطرفين للحوار والتفاهم، وهو ما يعتبر مؤشرا إيجابيا على إمكانية بناء مسارات أكثر توافقا في الجولات المقبلة.
وأعرب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عن شكره لإدارة وشعب جوبالاند عقب ختام محادثاته، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، مؤكدا أن الهدف من الزيارة هو تعزيز التعاون الوطني وترسيخ مبادئ التكامل بين الحكومة الفيدرالية والولايات الأعضاء، وفق بيان صادر عن الرئاسة الصومالية.
جوهر الخلافات
ووفقا لما نقلته "العين الإخبارية" عن مصادر مطلعة، أبلغ الرئيس حسن شيخ محمود، أحمد مادوبي، بأن الحكومة الفيدرالية تنوي تنظيم انتخابات جديدة في الولاية، مع التأكيد على مشاركة جميع الناخبين والمرشحين، بما فيهم مادوبي نفسه، وأنها ستحرص على الشفافية وضمان تمثيل جميع الأطراف.
في المقابل، تمسك رئيس جوبالاند، بشرعية الانتخابات التي أجراها البرلمان الإقليمي في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، مشددا على أن أي محاولة لإلغائها يجب أن تراعي الشرعية الدستورية للولاية ومصالحها.
واعتبر أن اقتراح إشراف لجنة انتخابية فيدرالية مقرها مقديشو يمثل تحديا لاستقلالية الولاية، لكنه أيضا نقطة يمكن التباحث حولها للوصول إلى توافق يعزز النظام الفيدرالي بدلا من تقويضه.
جهود الوساطة
وشهدت المحادثات، بحسب المصادر، حضور وسطاء من أجهزة المخابرات الكينية والإثيوبية، الذين لعبوا دورا مهما في فتح قنوات تواصل وتخفيف حدة التوتر بين الطرفين.
ورغم أن المحادثات لم تسفر عن اتفاق نهائي، يرى مراقبون أن التعثر الحالي يمكن اعتباره فرصة لكسر الجمود وتحديد الأسس لإعادة التوازن بين المركز والأقاليم، مما يمهد الطريق لجولات قادمة أكثر فاعلية وبناءً على تفاهم مشترك.
كما شملت المحادثات دعوة مادوبي للعودة إلى المجلس الاستشاري الوطني، إلا أن الولاية رأت أن المجلس بحاجة لإعادة هيكلة ليصبح منصة فعالة لتعزيز التوافق الفيدرالي بعيدا عن التوجهات الحزبية.
والمجلس الاستشاري الوطني في الصومال هو هيئة تنسيقية عليا بين الحكومة الفيدرالية ورؤساء الولايات الإقليمية، ويُعد منصة أساسية لإدارة الأزمات الوطنية والتوافق على القرارات المصيرية، مثل الانتخابات أو التحديات الأمنية.
انعكاسات إيجابية
وعلى الرغم من التحديات والخلافات التي صاحبت أول جولة محادثات بين محمود ومادوبي، فإنها تمثل خطوة مهمة نحو إعادة بناء الثقة وإعادة هندسة العلاقة بين الحكومة الفيدرالية والولايات.
إذ يرى مراقبون أن المحادثات سمحت لكلا الطرفين بالتعبير عن مواقفهما بشكل واضح، وفي الوقت نفسه، وضعت الأساس لجولات حوارية مستقبلية يمكن أن تؤدي إلى توازن أكبر، واستقرار سياسي أقوى، وتعزيز الشراكة بين المركز والولايات في إطار النظام الفيدرالي الصومالي.