خبراء: الإخوان يغيرون تكتيكهم داخل فرنسا بعد الضربات المتتالية
غيّرت جماعة الإخوان، استراتيجيتها بفرنسا، من العمل داخل الجمعيات والمنظمات، إلى محاولة بناء نفوذ داخل الأحزاب السياسية، خاصة اليسارية.
جاء ذلك بعد تقارير إعلامية عن وجود شخصيات قريبة من الإخوان، في فريق السياسي في حركة فرنسا الأبية "أقصى اليسار"، بمدينة موبيج الفرنسية، عبدالله بوغازي.
وقال خبراء فرنسيون إن ما يجري داخل حزب "فرنسا الأبية"، خصوصاً بعد الجدل الذي انفجر في مدينة "موبيج"، يعكس تحولاً كبيراً في استراتيجية جماعة الإخوان، يتمثل في الانتقال من العمل داخل الجمعيات والمنظمات، التي أصبحت تحت رقابة الدولة، إلى محاولة بناء نفوذ داخل الأحزاب السياسية، خاصة اليسارية.
وأثار قضية بوغازي جدلاً واسعاً داخل اليسار، وانتقادات من تيار يرى أن "الإسلام السياسي يستغل القوائم المحلية" في الأحزاب،
قضية موبيج
وبدأ الجدل عندما نشرت وسائل إعلام محلية، تقارير تشير إلى أن أشخاصاً "معروفين بقربهم من الإخوان المسلمين" حضروا إعلان ترشح بوغازي للانتخابات البلدية المقبلة.
وقالت صحيفة "لوبسيرفاتور" الفرنسية، إن الأمر يثبت وجود "اختراق منظم" عبر ما يسمونه "قوائم مجتمعية"، بينما يرى داعمو المرشح أن الأمر لا يتعدى حضور أفراد من المجتمع المحلي، دون أي صلة تنظيمية.
وهزت القضية اليسار في المدينة الصغيرة، وتحولت إلى مادة لتجاذب سياسي، خصوصاً بعد انتشار تصريحات تزعم أن الهدف هو التأثير على ملفات محلية تتضمن ملف الحجاب، وتعبئة الرأي العام عبر القضية الفلسطينية.
من جانبه، قال الباحث السياسي الفرنسي ألكسندر دلفال المتخصص في الإسلام السياسي في أوروبا، لـ"العين الإخبارية"، إن التحول في تكتيكات الإخوان واضح منذ 2022.
وأوضح: "الجماعة في فرنسا فهمت أن الجمعيات والمساجد أصبحت تحت رقابة الدولة، لذلك انتقلت إلى استراتيجية جديدة، وهي بناء نفوذ داخل الأحزاب، خصوصاً الأحزاب اليسارية التي ترفع شعارات العدالة الاجتماعية ومكافحة العنصرية".
ويرى دلفال، أن حالة موبيج "تشبه سوابق شهدتها مدن أخرى في العقد الأخير، حيث تسعى شبكات قريبة من الإخوان، إلى التأثير عبر قوائم الانتخابات المحلية التي لا تخضع للرقابة السياسية الصارمة الموجودة على المستوى الوطني".
وأضاف: "لا يمكن القول إن فرنسا الأبية مخترقة، لكن بعض فروعها المحلية هي بيئة خصبة لثقافة سياسية ذات حساسية دينية قوية، وقد تستغلها مجموعات منظّمة".
محاولات تأثير
بدوره، قال الباحث الفرنسي في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية الفرنسي، ماثيو جيديير، لـ"العين الإخبارية"، إنه "لا توجد أدلة على توجيه إخواني مباشر داخل حزب فرنسا الأبية. لكن هناك سعي من أفراد قريبين من الحركة لتشكيل تأثير داخل بعض القوائم، خصوصاً في المناطق التي تضم كثافة مسلمة كبيرة"، ومن ثم استغلال ذلك سياسيا.
وأضاف: "خطاب فرنسا الأبية حول الحجاب، والتمييز ضد المسلمين، يجعل الحزب جذاباً لبعض القوى الإسلاموية، لكن الجاذبية شيء، والسيطرة شيء آخر تماماً".
ورأي أن "قضية موبيج، تعد مؤشرا على توتر أعمق في العلاقة بين الإسلام السياسي والأحزاب اليسارية في فرنسا".
وفي مايو/أيار 2025، نشرت وزارة الداخلية تقريرها الذي أثار جدلاً كبيراً بعنوان، "الإخوان المسلمون والإسلام السياسي في فرنسا".
وأكد التقرير أن الإخوان يعتمدون ما يسمّى «الاختراق من الأسفل" عبر: العمل في البلديات، والقوائم المحلية، وشبكات الدعم الاجتماعي، واستخدام خطاب مكافحة العنصرية لكسب الشرعية.
وأشار إلى أن الجماعة تمتلك "قدرات عالية في التغلغل الهادئ"، وأن عدد المساجد التي تُعتبر قريبة من الفكر الإخواني يتراوح بين 130 و140 مسجداً.
ولم يتهم التقرير حزب فرنسا الأبية بشكل مباشر، لكنه حذر من "قابلية بعض الأحزاب اليسارية للاختراق بسبب خطابها".
تعاطف أم استغلال متبادل؟
الأكثر من ذلك، أشار جيديير، إلى 3 سيناريوهات محتملة في علاقة الإخوان باليسار، إما التقارب الأيديولوجي غير المباشر، وإما اختراق محلي محدود، وإما توظيف سياسي من الطرفين.
وأضاف أن حزب فرنسا الأبية يتبني خطاباً حول فلسطين والتمييز ضد المسلمين، وهو ما يجعل بعض أنصار الإخوان يلتفون حول الحزب، دون علاقة تنظيمية مباشرة.
وأشار إلي أن التقرير الاستخباراتي الفرنسي، قد أكد وجود محاولات فردية من أشخاص قريبين من الإخوان للانخراط في القوائم البلدية، خاصة في المدن الصغيرة.
قبل أن يقول إن "حزب فرنسا الأبية يستفيد من الأصوات المسلمة، بينما تستفيد شبكات إسلاموية في المقابل، من حماية سياسية أو شرعية اجتماعية".
جيديير تابع أن قضية موبيج، "ليست دليلاً على "اختراق كامل" لكنها أول ناقوس خطر حقيقي منذ نشر تقرير وزارة الداخلية".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTUg جزيرة ام اند امز