حرب السودان.. كيف يفتح الفراغ الأمني الباب أمام الإرهاب؟

وسط حرب مستمرة، تبقى أبواب السودان، مفتوحة على مصراعيها للتنظيمات الإرهابية، إذ يخلق القتال فراغا أمنيا تستغله هذه الجماعات.
ففي عام 2024، حذّر تقرير لوكالة الاستخبارات الأمريكية من خطر تحول السودان إلى بيئة مثالية لشبكات الإرهاب والإجرام الدولية.
ومع توسع رقعة الحرب في أطراف السودان البعيدة، فإن موقع البلاد الجغرافي يجعل منها بوابة محتملة لربط محاور النشاط الإرهابي في شمال ووسط وشرق أفريقيا، فضلاً عن مناطق الساحل وغرب القارة، وفقًا لمراقبين.
ويتقاسم السودان حدوده مع 7 دول، معظمها دول هشة تعاني من نشاط جماعات متطرفة، إذ يقع في قلب منطقة تحتوي على عدد كبير من ممرات التهريب، نظرًا لشواطئه الممتدة على البحر الأحمر.
تمدد الإرهاب
ويقول المستشار السابق لرئيس الوزراء السوداني، فائز الشيخ: "مؤكد أن الفراغ الأمني في أي بلد يفتح الأبواب واسعة لنمو وتمدد الإرهاب، وذلك لغياب الرقابة وضعف دور السلطات الأمنية مع وجود عوامل نفسية واجتماعية واقتصادية أخرى".
وأوضح الشيخ في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "السودان يعد من أكثر البلدان قابلية لنمو الإرهاب الديني لجملة من الأسباب والظروف مثل موقعه الجغرافي في القرن الأفريقي المتاخم للبحر الأحمر، وحدوده المتداخلة مع 8 دول بينها دول تعاني من اضطرابات أمنية وحروب مثل ليبيا وأفريقيا الوسطى والكونغو، فضلاً عن امتداد الحدود المفتوحة مع تشاد وغرب أفريقيا".
وأضاف: "أيضاً وجود البيئة السياسية المحفزة على الإرهاب، حيث ظل الإسلامويون مسيطرين على السودان منذ عام 1989، بالإضافة إلى رعايتهم لجماعات إرهابية مثل القاعدة وبوكو حرام في نيجيريا ومالي، الشباب في الصومال، داعش في بلاد الشام وليبيا".
وأوضح: "يشكل وضع السودان الحالي بيئة مثالية لتصاعد الإرهاب وحاضنة ممتازة لدخول عناصر وجماعات من كل العالم".
الشيخ قال أيضاً إن "الحرب وانتشار السلاح وانهيار الدولة وسهولة التسلل من وإلى السودان بسبب حالة الفوضى والسيولة الأمنية، تجعل من البلاد بيئة مغناطيسية لجذب الإرهاب داخلياً وفي ذات الوقت تصديره خارجياً لتصبح الحرب عابرة الحدود ومهددة لأمن مصر وإثيوبيا وإريتريا وتشاد".
استغلال الفوضى الأمنية
من جهته، يقول القيادي في التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود"، محمد عبدالحكم: "أفرزت حرب 15 أبريل (نيسان) في السودان، واقعاً بالغ السوء على مستويات الحياة كافة، خاصة التدهور الكارثي للوضع الإنساني، لكن الأكثر سوءا هو فتحها الأبواب على مصراعيها لدخول المجموعات الإرهابية للبلاد".
وأضاف "السيولة الأمنية أصبحت أمرًا واقعًا في السودان، ومعلوم أن هذه السيولة تنتج بيئة غير مستقرة تتيح للجماعات المتطرفة استغلال الفوضى الأمنية لتحقيق أهدافها. كما تعتبر عاملًا رئيسيًا يسهم في تيسير وتسهيل دخول الجماعات الإرهابية إلى البلاد، خاصة مع سيادة خطاب الكراهية والتطرف، وصعود مجموعات الحركة الإسلامية القتالية، التي تنافس تنظيم داعش في التوحش".
وأوضح عبدالحكم في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الأوضاع المضطربة في السودان في وقتنا الراهن تعتبر بيئة خصبة لنمو الحركات المتطرفة، كما حدث في دول الساحل الأفريقي، ومن ثم الانطلاق من السودان لتهديد أمن الإقليم كليًا، خاصة مع وجود حركات تطرف نشطة في المنطقة، مثل حركة الشباب الصومالي، وتنظيم الإسلاميين في إريتريا".
وأضاف: "يمثل الوضع السوداني الأمني بيئة مثالية من شأنها توطين المجموعات الإرهابية وتصدير التوحش للمنطقة العربية والأفريقية المتاخمة للسودان، ما يقتضي من الدول الفاعلة دوليًا وإقليميًا العمل بجهد أكبر لإنهاء حرب السودان تجنبًا لتنامي التطرف ووقف نموه وبالتالي كبح تمدده".
حواضن الإرهاب
من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي، محمد المختار: "ما يحدث في السودان هو أن الحركة الإسلامية بوصفها من أهم الحواضن الرئيسية للإرهاب في المنطقة العربية والأفريقية قد وفرت فعلًا البيئة التي تحتاجها الجماعات الإرهابية للانخراط فيها جنبًا إلى جنب معهم كرد دين لما ظلوا يقدمونه لهم من دعم ورعاية فكرية وملاجئ آمنة خلال فترة حكم الرئيس المعزول عمر البشير".
ونبه المختار في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "السيطرة شبه الكاملة للكتائب الإسلاموية على المشهد العسكري والسياسي في السودان، جعلت عددا من الدول تعيد حساباتها فيما يتعلق بتعريف الصراع في السودان".
aXA6IDMuMTI5LjEyOC4xNzkg
جزيرة ام اند امز