فريق ترامب وملامح سياسته.. غموض وتشدد ومؤهلات كبيرة
يفعل دونالد ترامب، بالضبط، ما خوّله فوزه الكاسح في الانتخابات، من خلال البناء المنهج لفريق الحكم على "أفكاره المتشددة" داخليا وخارجيا.
ما قد ينتهي به الأمر إلى أن يكون الجناح الغربي (جناح الإدارة في البيت الأبيض) الأكثر يمينية في العصر الحديث، سيستهدف النخب في واشنطن والمهاجرين غير الموثقين، وسيقول لبقية العالم إنه من الآن فصاعدًا: "أمريكا أولًا"، وفق شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
وبدأت ملامح إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الثانية في الظهور من منتجع مارألاغو، حيث يحتفي به أعضاء النادي وسط أجواء يحييها حضور أغنى رجل في العالم، إيلون ماسك.
وعلى حد قول "سي إن إن"، كانت كل اختيارات الرئيس المنتخب للوظائف العليا "كافية لإرسال القشعريرة إلى أسفل العمود الفقري لليبراليين".
أسماء المرشحين
من المتوقع أن يتم تعيين ستيفن ميلر، الذي شوهد آخر مرة في العلن يتحدث عن أن ”أمريكا للأمريكيين والأمريكيين فقط“، نائبًا لكبير موظفي البيت الأبيض لشؤون السياسات، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن"، وهو منصب من المرجح أن يخطط فيه لعمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين.
ويتمتع توم هومان، الذي تم اختياره لمنصب ”قيصر الحدود“، بشخصية تناسب الرئيس المنتخب الذي يحب الرجل القوي.
ولعب هومان أمس الإثنين على نفس النمط من خلال ظهوره على قناة "فوكس نيوز"، وتحذيره المحافظين والديمقراطيين الذين يحاولون عرقلة عمليات الترحيل بـ”أن يبتعدوا عن الطريق“.
ووفق "سي إن إن"، فإن اختيارات الرئيس المنتخب في مجال الأمن القومي حتى الآن تشير إلى نهج أكثر تركيزا على السياسة الخارجية، من تلك الخاصة بالهجرة.
وبات ماركو روبيو المرشح الوحيد لوزارة الخارجية، أما خيار ترامب لمنصب سفير الأمم المتحدة فهو النائبة، إليز ستيفانيك، التي قفزت مسيرتها المهنية بعد أن تخلت عن التيار المحافظ السائد لتصبح واحدة من كبار المدافعين عن ترامب.
ومساء الإثنين، قالت مصادر إن ترامب طلب من النائب عن ولاية فلوريدا مايك والتز أن يكون مستشاراً للأمن القومي في خطوة من شأنها أن ترسل موجات صادمة عبر المحيط الأطلسي نظراً لتحذير الرجل، هذا العام من أنه ”حان الوقت للحلفاء للاستثمار في أمنهم“، وأن دافعي الضرائب الأمريكيين قد تحملوا ”الفاتورة لفترة طويلة جداً“.
ويعد كل من روبيو ووالتز وستيفانيك من الصقور المتشددين تجاه الصين، ويقدم اختيارهم مؤشرًا واضحًا على كيفية تطور سياسة ترامب تجاه منافس أمريكا الجديد على قيادة العالم.
شيء مشترك
كل اختيار أو حتى توقع للوظائف العليا حتى الآن يشترك في شيء واحد: الولاء الشديد لترامب، خاصة خلال فترة ما بعد فترة رئاسته الأولى التي عجت بالاتهامات.
ومن المعروف عن كل شخص من المرشحين للمناصب، أنه يبالغ في الإشادة التي يعشقها الرئيس المنتخب.
ويمكن أن يكون ذلك نابعا من شعور ترامب المتكرر بالخيانة في ولايته الأولى، عندما كان أعضاء الحكومة يعطون الأولوية لقسمهم للدستور، على الولاء للرئيس، كما كان الحال مع رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي وكثر آخرين.
ويشير الإعلان المتتالي عن الاختيارات الحكومية العليا إلى مستوى من التخطيط والتنظيم لم يكن موجوداً في الفترة الانتقالية الأولى لترامب في عام 2016، ما قد يعكس تأثير رئيسة موظفي البيت الأبيض القادمة، سوزي وايلز، التي أدارت حملة انتخابية فعالة أعادت ترامب إلى البيت الأبيض.
ومع ذلك، من السابق لأوانه القول ما إذا كان النهج الحالي سيتكرر في البيت الأبيض، وفق "سي إن إن".
لكن الولاء ليس العنوان الوحيد، إذ أن معظم المرشحين بارعون ضمن معايير الأشخاص الذين يتم اختيارهم عادةً للإدارات.
وعلى سبيل المثال، روبيو، المرشح الرئاسي السابق، معروف في جميع أنحاء العالم، وهو عضو في لجنتي العلاقات الخارجية والاستخبارات في مجلس الشيوخ.
أما ستيفانيك فهي خريجة جامعة هارفارد، ومساعدة سابقة للرئيس الأسبق جورج دبليو بوش في الجناح الغربي وواحدة من أعلى النساء الجمهوريات رتبة في مجلس النواب.
أما والتز فقد حصل على 4 نجمات برونزية نتيجة خدمته العسكرية وعمل مع وزيري الدفاع السابقين دونالد رامسفيلد وروبرت غيتس.
هومان، بصفته القائم السابق بأعمال مدير إدارة الهجرة والجمارك، منغمس في قضايا الحدود، حتى لو كان خصومه يعتبرون أسلوبه قاسياً إلى حد ما.
ولخصت أليسا فرح غريفين، التي عملت مديرة اتصالات في البيت الأبيض في ولاية ترامب الأولى، اختيارات الرئيس المنتخب حتى الآن، بأنها تشمل ”أشخاصا يملكون بلا جدال المؤهلات التي تؤهلهم للتواجد هناك“.
إلى أي مدى سيذهب ترامب؟
يشير اختيار ترامب لميلر وهومان إلى أنه لا تراجع عن تعهداته خلال الحملة الانتخابية بإطلاق عملية ترحيل واسعة النطاق للمهاجرين غير الشرعيين.
وسُئل هومان في مقابلة أُجريت مؤخرًا في برنامج ”60 دقيقة“ على شبكة "سي بي إس"، عما إذا كان هناك بديل لفصل المهاجرين القصر عن آبائهم، وهي السياسة التي أثارت ضجة خلال ولاية ترامب الأولى. ”بالطبع هناك بديل. يمكن ترحيل العائلات معًا“.
وكان ميلر مساعداً قوياً في البيت الأبيض في فترة ولاية ترامب الأولى، حيث قام بكتابة العديد من خطابات الرئيس.
ولكن على الرغم من هذه الرؤى الصارمة، إلا أن هناك حالة من عدم اليقين حول المدى الذي سيذهب إليه ترامب في برنامج الترحيل وما إذا كان يتطابق مع خطاباته.
ويتمتع الرئيس المنتخب برفاهية عدم ترشحه لإعادة انتخابه في عام 2028، لذا فمن الناحية النظرية ليس لديه ما يخسره. لكنه امتنع في بعض الأحيان عن اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى تهديد شعبيته.
ملامح السياسة الخارجية
يحيط غموض مماثل بسياسة ترامب الخارجية في ولايته الثانية، خاصة بعد اختياراته للمناصب في هذا الملف.
فعلى عكس ترامب، لم يكن روبيو صديقًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الرغم من أنه دافع مؤخرًا عن موقف الرئيس المنتخب بضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا.
فيما كان والتز معارضًا لمحاولات إدارة بايدن للتوسط في وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس.
هذه المواقف بعيدة كل البعد عن العديد من السياسات النمطية لحلفاء أمريكا الغربيين وبعض قادة الحزب الديمقراطي. لكنها تتماشى مع أرثوذكسية الحزب الجمهوري والملايين من ناخبيه.
كما أن روبيو ووالتز أكثر تقليدية في السياسة الخارجية من بعض الأعضاء الأكثر انعزالية في تحالف ترامب الأوسع.
وفيما يتعلق بالمسألة الحرجة المتعلقة بأوكرانيا، انتقد والتز سياسة إدارة بايدن المتمثلة في تسليح قوات الرئيس فولوديمير زيلينسكي لصد الهجوم الروسي ووصفها بأنها ”قليلة جدًا ومتأخرة جدًا“.
لكنه أيد أيضًا مواقف ترامب هذا العام بأن الوقت قد حان لتتحمل أوروبا عبء دعم أوكرانيا لأن الولايات المتحدة بحاجة إلى التركيز على حدودها.
وفي كل إدارة رئاسية جديدة، يكون التوظيف مهمًا، ويوفر دلائل أيديولوجية على الطريقة التي سيتصرف بها البيت الأبيض. ومع ذلك، وبالنظر إلى سجل ترامب في التبديل الاستثنائي لمعاونيه، قد لا يكون هناك شيء دائم، وفق "سي إن إن".
aXA6IDMuMTM4LjMyLjE1MCA= جزيرة ام اند امز