فيضان إشعارات الأخبار.. كيف غيّر الذكاء الاصطناعي مشهد الإعلام؟

في عصر تزداد فيه وتيرة تدفق المعلومات، بات الذكاء الاصطناعي عنصراً محورياً في إعادة تشكيل الطريقة التي نستهلك بها الأخبار.
ورغم ما يقدمه الذكاء الاصطناعي من إمكانات للوصول الفوري والفردي إلى المستجدات، إلا أن هذا التحول الرقمي يثير تساؤلات حول الموثوقية، وحجم المعلومات التي يتلقاها المستخدمون يومياً.
استطلاع معهد رويترز للأخبار الرقمية لعام 2025 حاول الإجابة عن هذه التساؤلات، كاشفاً عن أبرز ملامح التحوّل في سلوك الجمهور الإخباري حول العالم.
إرهاق رقمي بسبب الإشعارات
أفاد عدد متزايد من مستخدمي الهواتف الذكية بأنهم يشعرون بالإرهاق جراء سيل التنبيهات الإخبارية التي يتلقونها يومياً من التطبيقات والمنصات الرقمية، بحسب التقرير. هذا التدفق المستمر للمحتوى يدفع كثيرين إلى إعادة التفكير في علاقتهم بالأخبار.
- تقنية ذكاء اصطناعي تفيد مرضى الشلل بالصين
- شركات التكنولوجيا الصينية تدشن الكفاح الأكبر.. ذكاء اصطناعي بلا «إنفيديا»
روبوتات المحادثة تدخل على الخط
تؤكد نتائج الاستطلاع أن أدوات الذكاء الاصطناعي، خصوصاً روبوتات المحادثة، بدأت تكتسب مكانة ملحوظة كمصدر للأخبار. ففي الهند، أشار 18% من المشاركين -الذي يقارب عددهم 100 ألف شخص- إلى أنهم يستخدمون هذه الروبوتات للحصول على الأخبار، بينما بلغت النسبة 15% بين من هم دون الخامسة والعشرين.
ورغم هذا التقدم، ما تزال الثقة بها محدودة، إذ عبّر معظم المستجيبين عن شكوكهم تجاه مصداقية المعلومات التي تقدمها تلك الأدوات.
إشعارات غير مرحب بها
كشف الاستطلاع أن نحو 79% من المشاركين لا يتلقون إشعارات إخبارية على الإطلاق، وأن 43% منهم أوقفوها عمداً، إما لكثافتها أو لأنهم وجدوها غير مفيدة أو مؤثرة سلباً على صحتهم النفسية. واشتكى البعض من العناوين المضللة التي تستخدمها بعض المؤسسات الإعلامية لجذب الانتباه.
تفاوت في وتيرة الإشعارات
تحاول بعض وسائل الإعلام التخفيف من وتيرة إرسال التنبيهات خشية فقدان المستخدمين، بينما لا تزال مؤسسات أخرى تتبع نهجاً مفرطاً. فعلى سبيل المثال، يسجّل تطبيق "بي بي سي نيوز" متوسط 8.3 إشعار يومياً، مقابل 10 إشعارات لـ"نيويورك تايمز"، في حين ترتفع وتيرة التنبيهات بشكل ملحوظ لدى شبكة NDTV الهندية إلى 29.1 إشعار، وتبلغ ذروتها لدى "جيروزاليم بوست" بـ38.7 إشعاراً في اليوم.
المنافسة تنتقل إلى شاشة الهاتف
تراجع الاعتماد على التلفزيون والصحف كمصادر رئيسية للأخبار، لتأخذ المنصات الرقمية زمام المبادرة. لكن المنافسة لم تختفِ، بل انتقلت إلى ساحة جديدة: شاشة الهاتف الذكي. وهنا يواجه الناشرون معضلة مستمرة: تقليل عدد الإشعارات لتجنب إزعاج المستخدم، أو زيادتها للمحافظة على التفاعل، مع خطر فقدان الجمهور.
التقرير يشير إلى أن الحل الأمثل يكمن في تقديم إشعارات "ذكية" وذات طابع شخصي. تجربة "فايننشال تايمز" مثال على ذلك، إذ تتيح للمستخدمين تخصيص التنبيهات حسب اهتماماتهم.
مصادر الأخبار تتغير حسب الجغرافيا
تختلف عادات استهلاك الأخبار من بلد لآخر. في بريطانيا، لا تزال المنصات الرقمية تحتل الصدارة. أما في أستراليا والبرازيل، فقد أصبح البودكاست من المصادر الأساسية. في فرنسا، يبرز تزايد الاعتماد على إنستغرام وتيك توك ويوتيوب، خاصة بين فئة الشباب، وهي ظاهرة تتكرر في عدد كبير من الدول.
بين الذكاء الاصطناعي وإنهاك الإشعارات
يفتح الذكاء الاصطناعي آفاقاً واسعة لتطوير تجربة الأخبار الرقمية، لكنه أيضاً يفرض على المؤسسات الإعلامية مسؤولية إعادة النظر في كيفية توصيل المحتوى. فالمستخدمون باتوا أكثر انتقائية، وأكثر حساسية تجاه الإفراط في الإشعارات. ويبقى التحدي الأكبر هو تحقيق توازن ذكي بين الفورية والجودة، بين التفاعل والراحة النفسية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTY4IA== جزيرة ام اند امز