مواقف ومخاوف ومخاطر.. "العين الإخبارية" تتعقب أوراق "إيكواس" بالنيجر
تمسكت بالدبلوماسية لكنها أبقت خيار التدخل وناورت بمخرجات تنذر بالقوة، مترجمة ارتباكا داخليا تفرضه المواقف والمخاوف والمخاطر.
هكذات بدت مخرجات القمة الطارئة الثانية بشأن انقلاب النيجر، والتي عقدتها دول مجموعة غرب أفريقيا "إيكواس" في أبوجا النيجيرية، متأرجحة على حبال عوامل تكبل التكتل على المضي نحو الخيار العسكري وتجبره على ورقة التفاوض، وأحيانا على التلويح بالاثنين.
"إيكواس" بين ملاذ القوة وسلاح الدبلوماسية.. "العين الإخبارية" ترصد ما وراء المسار
"إيكواس" تتوعد النيجر بالعقوبات.. وترفع سقف الضغوطات
وأظهرت مخرجات القمة التمسك بالدبلوماسية مع قادة الانقلاب في النيجر، مع الإبقاء على خيار التدخل العسكري من خلال التلويح بتفعيل القوة الاحتياطية لتنفيذ أي تحرك عسكري محتمل.
لكن خبراء يرون أن حظوظ خيار العملية العسكرية ضد انقلابيي النيجر تتراجع بسبب عدم وجود إجماع حوله بين أعضاء "إيكواس"، وكذلك معارضة دول الجوار وغموض الموقف الأمريكي.
ارتباك
في البيان الختامي للقمة، شددت دول إيكواس على "إدانة الانقلاب والاعتقال غير المشروع لرئيس النيجر" محمد بازوم والذي أطاح به الجيش بانقلاب عسكري في 26 يوليو/تموز الماضي.
ودعت "إيكواس" الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لدعم جهود المجموعة لضمان عودة الوضع الدستوري في النيجر، كما ناشدت دعم كل الدول لاستعادة الشرعية في النيجر.
وأمر التكتل بوضع قوته الاحتياطية في حالة تأهب ردا على الانقلاب في النيجر، مجددا التلويح بالتدخل العسكري الذي سبق أن هدد به.
تأهب أم تدخل بالنيجر؟.. الرئيس الإيفواري يفجر مفاجأة عن إيكواس
وشدد على أن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة من أجل حل الأزمة في النيجر".
ووفق البيان نفسه، فإن المجموعة "ستنفذ جميع الإجراءات مثل إغلاق الحدود وحظر السفر الصارم وتجميد أصول الأفراد مما يعيق استعادة النظام الدستوري" في النيجر.
ولاحقا، قال عمر تواري رئيس مفوضية "إيكواس"، في تصريحات إعلامية، أن المنظمة قررت نشر "القوة الاحتياطية" التابعة لها لاستعادة النظام الدستوري في النيجر.
اللافت أنه قبل ذلك بوقت قصير، أكد الرئيس النيجيري -رئيس إيكواس- بولا تينوبو "نمنح أولوية للمفاوضات الدبلوماسية والحوار كأساس لنهجنا".
ووجهت المجموعة رسالة لقادة الانقلاب بعدم اعترافها بالحكومة الانتقالية التي تشكلت الأربعاء، إذ مثل نيامي في القمة وزير الخارجية المقال حسومي مسعودو.
لكن البيان الختامي للقمة تحاشى هذه المرة الدعوة صراحة إلى عودة محمد بازوم إلى منصبه، واكتفى بالتأكيد على عودة الوضع الدستوري في النيجر.
مواقف ومخاوف ومخاطر
يرى الصحفي والمحلل السياسي محمد ويس من دولة مالي المجاورة للنيجر، أن "التدخل العسكري فشل بالأيام الماضية، خاصة بعد تصويت البرلمان في نيجيريا برفض إعطاء موافقة لرئيس البلاد والجيش في نيجيريا بالتدخل".
وفي حديث لـ"العين الإخبارية" يقول ويس إن نيجيريا التي كان من المفترض أن تكون نقطة انطلاق العملية العسكرية، أعلنت أنها تبحث عن طرق دبلوماسية للأزمة.
ويضيف: "كما تم الإعلان عن إيجاد هيكلة جديدة لهذه القوات، وأعلنوا أنهم قاموا بتكوين 25 ألف جندي للتدخل العسكري، ولكن هناك انقسام داخل منظمة غرب أفريقيا وأيضا مواقف دولية رافضة أثرت على المخطط العسكري".
ويقدم الخبير سببا آخر لتريث "إيكواس"، وهو تهديد المجلس العسكري في نيامي باستهداف الرئيس بازوم حال تدخل التكتل عسكريا في النيجر.
غموض
بحسب ويس، فإن "موقف الجزائر، الجارة الشمالية للنيجر التي حذرت من التدخل، كان له تأثير، كما أن الموقف الأمريكي أربك الجميع، حيث جاء غامضا وهذا ما جعل إيكواس تتأخر وتتريث وتتمسك بالخيار السلمي".
وحذر الخبير من أن التدخل العسكري يعني بشكل كبير نتائج كارثية، خاصة أن ذلك حدث سابقا في ليبيا وكانت له تداعيات على دول الجوار.
من جهته، يقول المحلل السياسي التشادي عيسى جبرين إن ما تم تداوله حول نشر القوة الاحتياطية لمجموعة "إيكواس" يبدو غير دقيق كون البيان الختامي للقمة نص على وضعها في حال تأهب، وتفضيل الحلول السياسية على العسكرية.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، أعرب جبرين عن اعتقاده بأن "ما تم تداوله هو معلومات للضغط على قادة الانقلاب" في النيجر.
وتابع أن "المؤكد حاليا هو أنه لا يمكن فتح جبهة عسكرية أخرى في منطقة غرب أفريقيا"، مشيرا إلى أن "واشنطن تفضل على ما يبدو الحل الدبلوماسي".
وختم بالقول: "وأكثر من ذلك قد تكون زيارة فيكتوريا نولاند (نائبة وزير الخارجية الأمريكي) إلى نيامي محطة عقدت فيها واشنطن صفقة سرية مع المجلس العسكري الجديد".