فرار إرهابيين من سجن بالنيجر.. لغز التمرد وشبح «الانتقام»
سجن شبيه بحصن منيع لطالما كان عتيا على محاولات الاختراق، ومع ذلك تمكن العشرات من الإرهابيين المسجونين فيه من الهروب محملين بالسلاح.
حدث ذلك في سجن كوتوكاليه شديد الحراسة، القريب جدا من نيامي عاصمة النيجر، في عملية هروب أجمعت الصحافة المحلية على وصفها بـ«اللغز الغريب».
وفي ذلك السجن الرابض على بعد كيلومترات فقط من نيامي، يحتجز المئات من الإرهابيين بالإضافة لمجرمين وتجار مخدرات، ما يعني أن المساجين هناك على درجة كبيرة من الخطورة.
بدأت العملية بتمرد أعلنه السجناء في وضح النهار، ولم ينتبه حراس السجن لما يحدث إلا حين دوت الطلقات النارية والانفجارات.
ووفقا لمصادر أمنية، فإن المتمردين سرعان ما اكتسبوا اليد العليا، وتمكن العديد منهم من عبور الأبواب المدرعة والأسلاك الشائكة والخنادق الواسعة المحيطة بالسجن.
وبعبورهم لتلك الحواجز، وجد الإرهابيون الفارون أنفسهم خارج السجن قبل أن يختفوا في البرية ومعهم كميات كبيرة من الأسلحة والمركبات المسروقة.
وسرعان ما أعلنت إدارة السجن حالة التأهب القصوى، وبدأت القوات بمطاردة الفارين، لكن دون تحقيق نتائج إيجابية حتى الآن، وفق إعلام محلي.
وعلى الفور، وجه وزير الداخلية النيجري رسالة عبر الإذاعة الرسمية إلى جميع المحافظين بشأن فرار الإرهابيين، تضمنت نداء إلى رؤساء القرى المجاورة والزعماء الدينيين للإبلاغ عن أي شخص مشبوه.
كما تم وضع منطقة نهر النيجر بأكملها في حالة تأهب، خاصة منطقتي نيامي وتيلابيري، إذ تم فرض حظر التجول في المدينة التي تحمل الاسم نفسه.
«لغز»
لا أحد يعلم حتى اللحظة كيف تمت عملية الهروب، ما يراكم التساؤلات والتكهنات.
فسجن كوتوكالي هو حصن معروف بأنه "منيع"، وسبق أن حاول إرهابيون من الحدود مع مالي مرتين تحرير رفاقهم لكنهم كانوا دائما يفشلون.
فكيف يمكن إذن أن يقع هذا السجن شديد الحراسة تحت سيطرة نزلائه الذين تمكنوا من الحصول على الأسلحة والتغلب على سجانيهم قبل الفرار؟
البعض يعتقد أن النيجر يختبر نفس السيناريو الذي سبقته إليه بوركينا فاسو المجاورة وحتى مالي.
فبعد انتفاضة 2015 في بوركينا فاسو والإطاحة بالرئيس السابق بليز كمباوري، تحول البلد الأفريقي لمسرح للإرهابيين، وفي مالي أيضا، لا يزال الإرهاب ونعرات الانفصال تحاصر هذا البلد المضطرب الذي فشل في الخروج من أزمته الأمنية المستمرة منذ 2012.
ومؤخرا، وبعد طرد القوات الفرنسية من البلاد عقب وصول العسكر للحكم، تواترت الهجمات الإرهابية وتجدد القتال في منطقة أزواد الانفصالية، في حيثيات يعتقد خبراء أن يد الغرب تقف وراءها.
وفي النيجر، يبدو أن الطرح نفسه يتكرر، إذ يكابد هذا البلد في تطويق الإرهاب المستشري على أراضيه علاوة على ظهور بوادر تمرد تنذر بتحويله لبؤرة مضطربة.
فبعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم في 26 يوليو/تموز الماضي، طالب النظام العسكري الجديد في النيجر بسرعة رحيل قوات فرنسا، القوة الاستعماريّة السابقة.
ولوحِظ خصوصا تقارب بين النظام العسكري النيجري وروسيا، على غرار ما حصل في مالي وبوركينا فاسو المجاورتين اللتين يحكمهما الجيش أيضا.
ولاحقا، وتحديدا في مارس/آذار الماضي، انسحبت النيجر من اتّفاقية تعاون عسكري موقعة عام 2012 مع الولايات المتحدة، معتبرة أن واشنطن "فرضتها أحاديا"، وأنّ الوجود الأمريكي بات بالتالي "غير شرعي".
وعلّقت الولايات المتحدة معظم تعاونها، بما في ذلك التعاون العسكري، مع النيجر بعد الانقلاب الذي أطاح ببازوم.
وكان الجنود الأمريكيون في النيجر يشاركون في القتال ضد الإرهابيين في منطقة الساحل، ولديهم قاعدة كبيرة للمُسيرات في أغاديز (شمال) بُنيت بكلفة قدرها مئة مليون دولار.
aXA6IDMuMTMzLjEzNy4xMCA= جزيرة ام اند امز