موجة الحر الأشد.. العرب يواجهون القبة الحرارية
سجلت السعودية ومصر والعراق ولبنان والأردن وبلاد المغرب العربي، درجات حرارة قياسية، متأثرة بما يطلق عليه خبراء الطقس والمناخ "القبة الحرارية"، وهي عبارة عن كتلة هوائية حارة تندفع لشمال شبه الجزيرة العربية مصحوبة بمرتفع الجوي في طبقات الجو العليا.
ووصلت درجات الحرارة لأرقام قياسية جديدة هذا الصيف في عدة دول بينها الصين وإيطاليا والولايات المتحدة.
موجة الحر الشديدة تجاوزت معها درجات الحرارة في بعض المناطق حاجز الـ50 درجة مئوية، مع ما تحمله من تأثيرات على الصحة وأنشطة السكان في تلك البلاد، ما دفع الأمم المتحدة إلى التحذير من أن العالم بأكمله بدأ في تسجيل أعلى درجات حرارة تم رصدها في التاريخ.
وأظهر البيانات الأحدث للطقس وفقا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، التابعة للأمم المتحدة، أن شهر يوليو/تموز الجاري هو الأشد حرا على الإطلاق هذا العام؛ حيث تضرب الكتلة الحارة بعنف البلدان عربية.
وسجلت السعودية ومصر والعراق ولبنان والأردن وبلاد المغرب العربي، على مدار الأيام الماضي درجات حرارة قياسية دفع مسؤولو الأرصاد في تلك البلاد من تحذير السكان ونشر سبل الوقاية من تلك الموجة خاصة للفئات التي قد تكون أكثر تاثرًا سواء الأطفال أو كبار السن.
تتزامن الموجة مع نشاط مألوف في أغلب الدول العربية هو "التصييف" أو المصايف وارتياد الشواطئ والمتنزهات والأماكن المفتوحة، في وقت قاربت فيها درجات الحرارة على سبيل المثال 50 درجة مئوية في العاصمة العراقية بغداد.
يعود الارتفاع المتوقع إلى ما يعرف يطلق عليه خبراء الطقس والمناخ "القبة الحرارية"، وهي عبارة عن كتلة هوائية حارة تندفع لشمال شبه الجزيرة العربية مصحوبة بمرتفع الجوي في طبقات الجو العليا.
وحسب تقرير لمنصة طقس العرب ستيبب تلك الكتلة الهوائية شديدة الحرارة ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة عن معدلاتها الاعتيادية بأكثر من 5 درجات مئوية.
ما هي "القبة الحرارية"؟
ارتفاع درجات الحرارة القياسي أو ظاهرة "القبة الحرارية" تحدث في طبقات الجو العليا (الستراتوسفير) حيث تكون درجات الحرارة متدنية، في الوقت الذي تكون فيه درجات الحرارة مرتفعة في طبقات الجو الدنيا المعروفة بـ"التروبوسفير".
ويؤدي ذلك الفرق الحراري بين الطبقتين يؤدي إلى تشكل هذه الموجة من منطقة الضغط العالي، حيث يصعد الهواء الساخن من الأسفل إلى الأعلى فيصطدم بمنطقة الضغط الجوي العالي فتزيد الشمس تزيد من سخونته وتدفعه منطقة الضغط الجو العالي للأسفل مشكلة موجة حرارية أكثر سخونة وكثافة.
وحسب تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الصادر الإثنين، فإنه من المتوقع أن تشتد موجة الحر على منطقة البحر المتوسط بحلول منتصف الأسبوع الجاري، ومن المرجح أن تستمر هذه الموجة حتى أغسطس/آب في بعض الأماكن.
ويمتد خطر موجة الحر التي تضرب أنحاء مختلفة من العالم، حسب تحذيرات أممية، إلى حرائق الغابات والفيضانات وتأثر بعض الفئات بما قد يسبب وفيات وإجلاء آلاف لسكان من منازلهم وضغوط الاستخدام على شبكات المياه والكهرباء.
قد تستمر هذه القبة الحرارية إلى أيام وربما أسابيع، أو تصل إلى حد أن تكون قاتلة لبعض الناس وتؤثر في المحاصيل أو تسبب حرائق الغابات.
ظاهرة "النينو" أيضا
ليست "القبة الحرارية" فقط ما يسبب هذه الموجة شديدة الحرارة فقط بل يصاحبها ما يعرف مناخيا بظاهرة "النينو"، وهي ظاهرة مناخية غير منتظمة تأتي في شكل موجات قد تستمر إلى 12 شهراً.
تنتج ظاهرة "النينو" عن ارتفاع درجات حرارة سطح المحيط في وسط وشرق المناطق الاستوائية بالمحيط الهادئ، وقد تحدث بسبب التغير المناخي ناجم عن الأنشطة البشرية، بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO).
وتقول المنظمة في تقرير لها عن ظاهرة النينو التي تضرب العالم حاليا إنها ناجمة عن تطورات مناخية في المناطق الاستوائية بالمحيط الهادئ، وهي الظاهرة التي تم رصدها قبل سبع سنوات، لتمهد الطريق لحدوث ارتفاع محتمل في درجات الحرارة العالمية وأنماط الطقس والمناخ.
الأردن ولبنان
يتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا للبنانيين تظهر تأثير ارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسية دفع الكثيرون للهروب من هذه الأجواء نحو البحر والمناطق النباتية والجبلية كملاذ من موجة حر لم يعتاد عليها البنانيون.
ولليوم الرابع على التوالي تتجاوز درجات الحرارة في العاصمة بيروت المعدلات المعتادة، ويتوقع خبراء الطقس أن تستمر تلك المعدلات غير الطبيعية حتى منتصف أغسطس/آب المقبل.
وسجلت بعض مناطق لبنان بينها العاصمة بيروت رتفاعا كبيرا في درجات الحرارة، وصولا لنحو 35 درجة مع انخفاض في الرطوبة، وسط مخاوف لدى السلطات من أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى التسبب اتساع دائرة الحرائق في الأحراج والغابات التي تغطي أقل من ربع مساحة البلاد.
وأتت الحرائق على عشرات الهكتارات من المساحات الخضراء في لبنان، ودفع الجيش اللبناني للتدخل بفرق من المروحيات وفرق الإطفاء لمنع تمدد الحرائق مع ارتفاع درجات الحرارة، مما تسبب بخسائر فادحة في ثروته الطبيعية، في بلد يشتهر بأشجار الشوح والأرز
وقالت وزارة البيئة اللبنانية في بيان لها مؤخرا تعليقا على تلك الموجة إن البلاد كسائر البلدان في المنطقة إلى موجة طقس حارة وجافة، مما يفاقم أكثر خطر اندلاع الحرائق في الغابات والأراضي العشبية والزراعية.
لم يختلف الحال كثيرا في الأردن الذي يشهد منذ ايام ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة حيث وصلت درجة الحرارة في بعض مناطق المملكة بينها العاصمة عمان إلى 39 درجة مئوية، وصولا إلى غلى 46 درجة مئوية في منطقة غور الصافي.
ودعت السلطات الأردنية مواطنيها لعدم إشعال النيران في الغابات والمناطق العامة لتفادي اشتعال الحرائق التي تتمدد بسرعة في مثل هذه الأجواء، ووجهت لهم نصائح عبر أجهزة الإعلام ومواقع التواصل بالإكثار من شرب السوائل وعدم التعرض المباشر لأشعة الشمس، وارتداء الملابس القطنية والمناسبة للحر.
وشهدت غابات في مدينتي عجلون وجرش شمال المملكة حرائق واسعة جراء ارتفاع درجات الحرارة وجرى الاستعانة بمروحيات وفرق الإطفاء للسيطرة عليها.
السعودية والعراق
ضربت موجة شديدة الحرارة مناطق عديدة بالمملكة العربية السعودية خلال اليومين الماضيين.
وقال المركز الوطني للأرصاد في المملكة العربية السعودية في تغريدة سابقة له على "تويتر" إنه "من الأربعاء تضرب موجة حارة تلامس فيها بعض مناطق المملكة الـ(50) درجة مئوية".
ودعا المركز جميع المواطنين والمقيمين إلى توخى الحذر، قائلًا: "نأمل من الجميع توخى الحذر والالتزام بتعليمات الجهات المختصة من أجل سلامتكم".
وحسب منصة طقس العرب تكون الحرارة عالية جدا في معظم مناطق السعودية وتكون أشد حرارة في المناطق الشرقية والوسطى وأجزاء من الغربية، حيث تراوح بين 45 و49 درجة مئوية وقد تصل 50 درجة في الهفوف في منطقة الأحساء وفي المناطق الحدودية للمنطقة الشرقية.
وينتظر أن تكون فرص هطول الأمطار أفضل نهار غد الأحد على طول مرتفعات مناطق جازان وعسير والباحة ومكة المكرمة تمتد حتى جبال منطقة المدينة المنورة وتكون أشد غزارة في المناطق الحدودية بين منطقة جازان وحدود اليمن
العراق بدوره يتعرض لموجة حر شديدة تفوق فيها درجات الحرارة معدلاتها الطبيعية، وتشير التوقعات إلى استمرارها حتى شهر أغسطس/آب المقبل.
ووصلت درجات الحرارة في بعض المناطق 50 درجة مئوية وهو أدى لانقطاعات متكررة التيار الكهربائي وهو ما يؤثر سلبا على حياة العراقيين، حيث يعاني قطاع الكهرباء بالأساس من حالة تراجع جراء سنوات من الصراع والحرب ضد الجماعات المتطرفة التي كان من بين أهدافها البنى التحتية وشبكات الكهرباء.
مصر والمغرب العربي
تشهد مصر موجة شديدة من ارتفاع درجات الحرارة بدأت منذ الخميس الماضي.
وأعلنت الهيئة العامة للأرصاد الجوية بدء ارتفاع درجات الحرارة في جميع مناطق البلاد، وقالت الدكتورة منار غانم، عضو المركز الإعلامي للهيئة العامة للأرصاد الجوية، في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن "موجة موجة الطقس شديد الحرارة، من المتوقع أن تستمر حتى منتصف الأسبوع المقبل".
وتراوحت درجات الحرارة العظمى خلال فترة النهار خلال اليومين الماضيين بين 38 و39 درجة، ووصلت لـ 42 و 43 درجة مئوية على المناطق الجنوبية (صعيد مصر).
وهرب كثير من المصريين إلى المصايف في سواحل البلاد الممتدة من طابا إلى السلوم (الساحل الشمالي لمصر) خاصة وأن الموجة تتزامن مع نهاية امتحانات الثانوية العامة والإجازات الصيفية للعاملين في الخارج ولجا ىخرون إلى نهر النيل والمتنزهات الخضراء للهروب من حرارة الطقس المرتفعة في البلاد.
ووجهت السلطات المتخصصة بالثروة الزراعية في البلاد المزارعين إلى تقريب فترات الري للمحاصيل، وإضافة مركبات البوتاسيوم مع الري للعمل هلة انعكاس الحرارة وخفض معدل النتح.
في تونس، تشهد درجات الحرارة ارتفاعا منذ ايام وصل في بعض المناطق إلى 50 درجة مئوية، مثل المناطق الجنوبية الصحراوية أما في الساحل الشمالي والشرقي فوصلت الحرارة إلى 47 درجة مئوية، وحسب نشطاء مواقع التواصل قللت بعض المصالح الرسمية والخاصة عدد ساعات العمل في أيام الحر.
وفي الجزائر، أصدرت السلطات تحذيرات عديدة لمواطنيها للحذر من ارتفاع الحرارة لدرجات قياسية لم تشهدها البلاد سابقا.
وحسب مركز الأرصاد الجوي سجلت بعض المناطق في البلاد درجات تتعدى 60 درجة خاصة في مناطق الجنوب.
وتوقعت أن تتواصل درجات الحرارة في الارتفاع في الفترة المقبلة، فيما أكد خبراء طقس أن حالة الطقس المسجلة بالبلاد خلال سنة 2023 هي الأعلى في تاريخ الجزائر.
كيف نواجه موجة الحر؟
حذرت منظمة الصحة العالمية (WHO) من أن ارتفاع درجة حرارة الجسم جراء التعرض لمحيط تتجاوز درجة حرارته المعدلات الطبيعية قد يسفر عنه مجموعة من الأمراض، منها التشنجات والإجهاد وضربات الشمس وارتفاع حرارة الجسم خاصة لدى الأطفال وكبار السن.
ونصحت المنظمة بتقليص كمية الوقت الذي يقضيه الأفراد في أنشطة خارج المنزل تحت الشمس مباشرة، ودعت الناس لاستهلاك كميات كبيرة من المياه والحصول على فترات راحة متقطعة، كما أوصت بتجنب الحرارة والبقاء بعيداً من الشمس وعدم التعرض لها بين الحادية عشرة صباحاً والثالثة مساء.
وطالبت بالمحافظة على درجات حرارة الغرف منخفضة عبر استخدام المظلات أو عبر الاستعانة بمواد عاكسة خارج النوافذ، وغسل الجسد بماء بارد، إضافة إلى شرب كمية كبيرة من السوائل وتجنب الإفراط في الكحول، وكذلك ملابس واسعة وخفيفة وقبعة ونظارات شمسية إذا كان الشخص ينوي الخروج من المنزل، كما طالبت الناس بالسؤال عن بعضها فهناك ممن قد لا يكون في مقدورهم العناية بأنفسهم.