رسائل ردع مغلفة بـ"الخوف".. قراءة في تجارب كوريا الشمالية الصاروخية
على وقع تدريبات "درع الحرية" وتهديدات بيونغ يانغ كانت شبه الجزيرة الكورية على موعد مع صاروخ باليستي هز الأرجاء وأثار المزيد من التوتر.
ذلك الصاروخ الباليستي أطلقت كوريا الشمالية، اليوم الأحد، باتجاه البحر الشرقي، بحسب هيئة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية، والتي قالت إنها تجري تحليلا لتفاصيل عملية الإطلاق.
وفيما لم تقدم الهيئة المزيد من التفاصيل، وقال خفر السواحل الياباني أيضا إن ما أطلقته كوريا الشمالية يمكن أن يكون صاروخا باليستيا.
بدورها، قالت هيئة الإذاعة اليابانية، في بيان مقتضب صادر عنها، إن الصاروخ الكوري الشمالي يبدو أنه سقط خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان.
ليس الأول
تأتي عملية الإطلاق بعد مرور 3 أيام من إعلان بيونغ يانغ أنها أطلقت صاروخا باليستيا عابرا للقارات، قبيل ساعات من عقد لقاء القمة الكوري الياباني في طوكيو.
وتقول وكالة يونهاب الكورية الجنوبية إن إطلاق بيونغ يانغ الصاروخ الباليستي، اليوم الأحد، يأتي كرسالة احتجاج واضحة على التدريبات العسكرية المشتركة الجارية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة "درع الحرية" التي انطلقت في يوم 13 مارس/آذار وستستمر حتى يوم 23 من الشهر نفسه.
وكانت كوريا الشمالية أطلقت في 12 مارس/آذار الجاري صاروخي كروز من غواصة، قبل يوم واحد من انطلاق التدريبات، وصاروخا باليستيا قصير المدى في 14 مارس/آذار الجاري.
وتوقعت "يونهاب" أن تواصل بيونغ يانغ "الاستفزازات العسكرية خلال فترة التدريبات المشتركة بين واشنطن وسول، والتي يصفها الشمال بأنها استعداد لشن حرب ضده".
ماذا قالت كوريا الشمالية؟
وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية قالت عن صاروخ الخميس الماضي، إنه جاء ردا على تشكيل البيئة الأمنية "غير المستقرة" في شبه الجزيرة الكورية بسبب التدريبات الحربية "الاستفزازية والعدوانية واسعة النطاق التي تجريها كوريا الجنوبية والولايات المتحدة".
وزعمت الوكالة أن الصاروخ الباليستي العابر للقارات تم إطلاقه في مطار بيونغ يانغ الدولي وارتقى إلى أقصى ارتفاع يبلغ 6,045 كيلومترا وقطع مسافة 1,000.2 كيلومتر لمدة 4,151 ثانية قبل أن يهبط بدقة في المنطقة المحددة مسبقا في المياه المفتوحة قبالة البحر الشرقي.
وأفادت الوكالة بأن التدريبات على إطلاق الصاروخ أكدت الاستعداد الحربي لوحدة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والقوة القتالية غير العادية للقوات المسلحة الاستراتيجية لكوريا الشمالية ومصداقيتها، وأضافت أن التدريبات ليس لها أثر سلبي على دول الجوار.
وأعرب الزعيم كيم جونغ أون عن "رضاه الكبير" بعد إشرافه على التدريبات، قائلا إنه يجب أن "نبث الخوف لدى العدو من خلال تعزيز ردع الحرب النووية حتى لا يستطيع أحد إشعالها، مما يردع الحرب الفعلية".
وشدد على الحاجة إلى الحفاظ بشكل صارم على موقف الاستجابة السريعة للقوات المسلحة الاستراتيجية "حتى يمكن أن تقاتل في أي نزاع مسلح وحرب".
ماذا يعني إطلاق الصواريخ؟
إطلاق قرابة 5 صواريخ في أسبوع كان بمثابة تصعيد من كوريا الشمالية على التدريبات العسكرية الجارية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، والتي تعد الأكبر من نوعها منذ سنوات.
وفيما قالت "أسوشتد برس" إن البر الرئيسي للولايات المتحدة يقع في نطاق الصاروخ، أشارت إلى أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت بيونغ يانغ قد طورت قنابل نووية صغيرة بما يكفي لتلائم صواريخها بعيدة المدى.
وأظهر التلفزيون الحكومي عملية الإطلاق التي جرت يوم الخميس من زوايا مختلفة، بما في ذلك لقطات من كاميرا فيديو مثبتة على ما يبدو على جسم الصاروخ، والتي قدمت صورة جوية للصاروخ وهو يرتفع من فوق الأرض، وسط ألسنة برتقالية زاهية.
وقال كبير المحللين في معهد سيجونغ الخاص بكوريا الجنوبية تشيونغ سيونغ تشانغ، إن الصور التي التقطت على ارتفاعات عالية كانت تهدف إلى إثبات أن الصاروخ سيكون قادرا على ضرب هدفه بدقة.
وبينما تم إجراء جميع اختبارات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات لكوريا الشمالية بزاوية عالية، قال تشيونغ إن كوريا الشمالية من المحتمل أن تقترب من إطلاق أحد تلك الصواريخ بزاوية أقرب إلى المسار الباليستي العادي عبر المحيط الهادئ، فيما سيكون واحدا من أكثر مظاهر التسليح "استفزازية" أكثر من أي وقت مضى.
تهديدات متزايدة
وفي حديثه في محاضرة في سنغافورة يوم الخميس، قال قائد القيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ الأدميرال جون أكويلينو إن الصين لديها دور تلعبه في العالم إذا التزمت بالنظام القائم على القواعد، خاصة فيما يتعلق بكوريا الشمالية، التي تعتمد على بكين كحليف رئيسي لها.
وقال أكويلينو إن تطوير الأسلحة المتزايد في كوريا الشمالية، والذي أكدته عشرات الصواريخ التي أطلقتها العام الماضي، يشكل تهديدا متزايدا لكوريا الجنوبية واليابان، مشيرا إلى أن بيونغ يانغ طورت قدراتها لتهديد الولايات المتحدة أيضا.
ولطالما صورت كوريا الشمالية التدريبات العسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على أنها تدريبات على الغزو، رغم أن الحلفاء وصفوا تلك التدريبات بأنها دفاعية.
ويقول العديد من الخبراء إن كوريا الشمالية تستخدم تدريبات منافسيها كذريعة لتوسيع ترسانتها النووية وقدرتها العسكرية بشكل عام.