عودة ترامب.. ماذا تعني لكوريا الشمالية؟
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تزايد الحديث في شبه الجزيرة الكورية عن احتمالات عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وبات السؤال الأهم المطروح على مائدة البحث في العاصمة الكورية الجنوبية سول هو "ماذا سيحدث إذا أعيد انتخاب ترامب؟" وما يعنيه هذا للتحالف الأمريكي الكوري الجنوبي؟ وما يعنيه أيضا للعلاقات الأمريكية –الكورية الشمالية؟
حاولت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية الإجابة عن السؤال، لافتة إلى أن "محاولة التنبؤ بما يمكن أن يفعله أو يقوله دونالد ترامب هو عمل أحمق، لكن التنبؤ بما يمكن أن تفعله كوريا الشمالية أمر ممكن. والسبب في ذلك أبسط مما قد يتخيله الكثيرون وهو أنه مهما كانت طبيعة تعامل إدارة ترامب الثانية مع بيونغ يانغ سواء بمد غصن الزيتون أو بقعقعة السلاح، فالمؤكد أن بيونغ يانغ ستتجاهله لعدة أسباب".
الأول هو أنه بعد أن التقى ترامب مرة أو اثنتين في ولايته الأولى، فلن يكون الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون متحمسا لمحاولة التقارب معه مرة أخرى.
والحقيقة أن كيم يونغ أون حصل على أكثر ما أراده من ترامب وهو الشرعية الدولية. فلماذا يخاطر كيم بسحب البساط من تحت أقدامه مرة أخرى لمجرد التقاط صورة جديدة له مع ترامب؟ ناهيك عن أن كيم يدرك تماما أن احتمالات حصوله على مساعدة غير مشروطة من جانب ترامب في ولايته الثانية أو بايدن في ولايته الثانية أو أي رئيس أمريكي آخر أصبحت ضئيلة للغاية.
الأمر الثاني هو أن تاريخ كوريا الشمالية يؤكد أنها استطاعت المحافظة على بقائها لعقود عبر تأليب حلفائها الرئيسيين موسكو وبكين ضد بعضهما البعض.
فعندما انهار الاتحاد السوفياتي السابق، شعر جد كيم ثم والده بالقلق من الإفراط في التحالف مع الصين، وقررا اتخاذ مبادرات تجاه واشنطن وسول، وحققا نتائج متباينة.
لكن روسيا عادت إلى المسرح الدولي مرة أخرى. وهي لم تعد فقط، وإنما أصبح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لم يكن يحاول إخفاء ازدرائه لعائلة كيم الحاكمة في كوريا الشمالية، يقف على مدخل الكرملين لاستقبال كيم الثالث عندما زار موسكو.
ولهذا يقول كيم بوضوح إنه لم يعد مهتما بإجراء محادثات سواء مع واشنطن أو سول أو حتى طوكيو، حيث يواصل رفض مبادرات رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا. ومن غير المحتمل أن يؤدي تغيير الإدارة الأمريكية إلى تغير في موقف الزعيم الكوري الشمالي.
وتوقع التحليل أن تبدي بيونغ يانغ ومعها بكين وموسكو اهتماما بالضرر الذي يمكن أن تلحقه إدارة ترامب بالعلاقات الأمريكية الكورية الجنوبية، أكثر من اهتمامها بتأثير هذه الإدارة على العلاقات الأمريكية الكورية الشمالية.
والسبب في ذلك من وجهة نظر المجلة أن الكثير من تصريحات ترامب أثارت قلقا بالغا بين مؤيدي التحالف في سول وطوكيو وأيضا في واشنطن وأوروبا وأي مكان آخر.
لكن إذا كان يتعين الاستفادة من الماضي، يمكن القول إنه يجب التمييز بين ما كان ترامب يقوله، وما كانت إدارته تفعله أثناء وجوده في السلطة. فوثيقة الأمن القومي لإدارة الرئيس ترامب السابقة، والتي تحدد خطوط وإرشادات السياسة الخارجية الأمريكية كانت مماثلة بشكل ملحوظ لوثيقة الإدارة السابقة عليها والتالية لها، عندما يتعلق الأمر بمناقشة التحالفات الأمريكية.
والسبب في ذلك هو أنه في حين تتغير الأحزاب السياسية والخطاب السياسي والعبارات المستخدمة من إدارة إلى أخرى، فإنه نادرا ما تتغير مصالح الأمن القومي الأمريكية بصورة جذرية. كما أن أسلوب الرئيس ترامب في التفاوض كان مختلفا تماما عن أسلوب أغلب من شغلوا هذا المنصب في واشنطن، لكن المؤكد أن شبكة تحالفات الولايات المتحدة كأساس للسياسة الأمريكية لم تتغير كثيرا على مدى 75 عاما أو أكثر.
وخلص التحليل إلى أن المرشح ترامب لم يكن أول مرشح رئاسي أمريكي يهدد بسحب القوات الأمريكية من شبه الجزيرة الكورية، فسبقه إلى ذلك الرئيس الأسبق جيمي كارتر الذي اكتشف كرئيس أن الكلام أسهل من الفعل.
كما أن مثل هذه التهديدات كانت قبل صدور قانون تفويض الدفاع الوطني الأمريكي للعام المالي 2024 الذي يضمن ألا يستطيع أي رئيس أمريكي في المستقبل اتخاذ قرار منفرد بسحب القوات الأمريكية من أوروبا أو آسيا دون موافقة الكونغرس، مما يدل على أن نظام الضوابط والتوازنات الأمريكي لا يزال في حالة جيدة.
aXA6IDMuMTQ1LjE3Ni4yMjgg جزيرة ام اند امز