مخاوف صينية.. ماذا تربح كوريا الشمالية من التقارب مع روسيا؟
ما بين مؤشرات قوية لإرسال كوريا الشمالية قوات لدعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا، ونفي بيونغ يانغ، يُثار الكثير من الأسئلة.
خطوة بيونغ يانغ أثارت مخاوف في كوريا الجنوبية والدول الغربية، «خاصة وأنها تمنح كوريا الشمالية فرصة لاكتساب خبرات عملية حول فعالية صواريخها الباليستية قصيرة المدى وذخائرها»، بحسب مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية.
- التعاون مع كوريا الشمالية؟.. روسيا تواجه التحذيرات بـ«اتفاقية عسكرية»
- كوريا الشمالية ترد على تقارير إرسال قواتها إلى روسيا.. ماذا قالت؟
ورغم نفي بيونغ يانغ لهذا الأمر، حيث وصف ممثلها لدى الأمم المتحدة إعلان سول بأنه "شائعة لا أساس لها"، أعلنت روسيا في وقت سابق من اليوم الخميس أن البرلمان الروسي (الدوما) وافق بالإجماع على "معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة" مع كوريا الشمالية. ووقعت بيونغ يانغ وموسكو هذه المعاهدة في يونيو/حزيران الماضي، خلال زيارة نادرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية.
أوستن يفسر قلق أمريكا
لا شك أن هذه الخطوة أثارت مخاوف متزايدة في الولايات المتحدة. ووفقًا لتقرير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، صرح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بأن "هذه خطوة توضح بشكل جلي التزام كيم جونغ أون التام بمساعدة بوتين في حربه"، في إشارة إلى الحرب في أوكرانيا. وأضاف أوستن أن إرسال القوات، سواء كانوا تقنيين أم قوات قتالية، يجعل كوريا الشمالية الداعم الأكثر وضوحًا والتزامًا تجاه روسيا في مواجهة أوروبا.
مكاسب الجيش الكوري الشمالي
فيما يرى البعض أن هذه القوات تدعم روسيا، يعتقد آخرون أن هذه الخطوة ضرورية لبيونغ يانغ. وبحسب المركز الأمريكي فإن الحرب توفر للجيش الكوري الشمالي فرصة لاكتساب خبرة ميدانية قيّمة حول فعالية صواريخها الباليستية قصيرة المدى. كما أن نشر القوات في ساحة المعركة يمنح الجيش الكوري الشمالي، الذي يبلغ تعداده 1.2 مليون جندي، خبرة قتالية لم يحصل عليها منذ الحرب الكورية.
ويشير التقرير إلى أن العلاقة التكتيكية بين بيونغ يانغ وموسكو قد تدفع كيم جونغ أون للسعي نحو الحصول على تقنيات عسكرية متقدمة بجانب إمدادات الطاقة، وهو أمر كانت روسيا تتردد في تقديمه تاريخيًا.
الآثار على أوروبا
رغم أن عدد القوات التي سترسلها كوريا الشمالية قد يكون محدودًا، فإنها تجاوزت بالفعل "نقطة اللاعودة"، بحسب المركز. ويؤكد أن إرسال قوات سيترك أثرًا طويل الأمد على العلاقات بين كوريا الشمالية والاتحاد الأوروبي.
وعلى صعيد كوريا الجنوبية، فإن الحكومة ستشعر بضغط متزايد لتقديم مزيد من الدعم لأوكرانيا، سواء عبر المساعدات الاقتصادية والإنسانية أو حتى العسكرية المباشرة. وأشار التقرير إلى أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام تعميق التعاون بين كوريا الجنوبية وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، في مجالات مثل تبادل المعلومات الاستخباراتية والدفاع السيبراني.
خيارات المجتمع الدولي
في ظل التطورات الحالية، يبقى التساؤل حول إمكانية تحرك مجلس الأمن. لكن المركز الأمريكي يرى أنه لا ينبغي توقع أي تحرك من المجلس، نظرًا لمعارضة روسيا والصين. وخلال السنوات الأربع الماضية، استخدمت روسيا حق الفيتو ضد 13 قرارًا في مجلس الأمن، فيما ساعدت الصين على تعطيل 5 من هذه القرارات على الأقل.
على صعيد آخر، قد تأتي الردود من دول مجموعة السبع وكوريا الجنوبية وأستراليا وشركاء آخرين. ومن المرجح أن تسهم هذه التطورات في تعزيز عمل "فريق مراقبة العقوبات متعددة الأطراف"، الذي أنشأته الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية لتنسيق العقوبات ضد كوريا الشمالية.
لماذا يقلق هذا التعاون الصين؟
رغم أن الصين لم تعارض علنًا هذا التقارب بين روسيا وكوريا الشمالية، فإن لديها مخاوف مشروعة. فالصين لا تفضل أن تتمتع روسيا بنفوذ كبير على كوريا الشمالية، لأن التعاون المتزايد بينهما قد يؤدي إلى تطوير قدرات بيونغ يانغ، ما قد يدفع الولايات المتحدة إلى زيادة وجودها العسكري في المنطقة، وهو ما لا يخدم مصالح بكين.
ويعزز من هذه المخاوف الصمت الاستراتيجي الذي تلتزمه الصين تجاه هذه التطورات، حيث لم تصدر عنها أي ردود فعل واضحة حتى الآن.