"نوتردام دو باريس".. الكاتدرائية الأعرق عالميا وأيقونة التاريخ الفرنسي
الكاتدرائية تستقبل سنوياً بين 13 إلى 14 مليون زائر، واحتفلت سنة 2013 بمرور 850 عاماً على تشييدها.
الكاتدرائية الأعرق في العالم "نوتردام دو باريس" .. هذه الأبرشية التي تقع في الجانب الشرقي من قلب العاصمة الفرنسية باريس على ضفاف نهر السين، وتحديداً في المقاطعة الرابعة، تعرّضت لحريق هائل، الإثنين، أدّى إلى انهيار سقفها.
يمثّل المبنى تحفةً فنيةً من العمارة القوطية التي تعكس ملامح الحقبة المتراوحة من القرن الـ12 حتى الـ16 الميلادي، ولديها أجراس، أكبرها الجرس "إيمانويل" إذ يعود تاريخه إلى عام 1681، ويقع في البرج الجنوبي، كما يفوق وزنه 13 طناً، ويُستخدم للاحتفاء ساعاتٍ طوال اليوم وفي مناسبات عدة.
تُعتبر كاتدرائية "نوتردام" أيقونة التاريخ الفرنسي، وإحدى الوجهات السياحية الأكثر شهرة في باريس، وهي مفتوحة مجاناً أمام الجمهور.
تستقبل سنوياً ما بين 13 إلى 14 مليون زائر، واحتفلت في 2013 بمرور 850 عاماً على تشييدها، وفق موقعها الرسمي.
ويُشكّل هذا البناء الأثري العريق، دلالةً دينية وتاريخية وسياحية، حتى إنّ الروائي الفرنسي فيكتور هوجو ذكرها في روايته "أحدب نوتردام" عام 1831، واصفاً ما تتميّز به من فنون معمارية.
بدأ بناؤها عام 1163 تحت قيادة الأسقف موريس دو سولي في عهد لويس السابع، واكتملت خلال قرنين من الزمن، وتحديداً في القرن الـ14، لتكون أكبر كاتدرائية في العالم.
ولكنّ الطراز الذي بُنيت وفقه الكاتدرائية لم يكن متقناً تماماً، بسبب المبالغة في ارتفاعات الأسقف، ونتيجة لذلك تعرّض جزء منها للهدم، أثناء الاضطرابات الثورية التي شهدتها فرنسا بين سنتيْ 1844 و1864، ما تطلّب ترميمها تحت إشراف المهندس المعماري فيوليه لودوك.
الدلالة التاريخية والدينية
تُعدّ الكاتدرائية من المعالم البارزة في باريس، إذ مثَّلت لفترة طويلة المبنى الأعلى بالعاصمة الفرنسية، واكتسبت دلالات رمزية وقداسةً لدى ملوك البلاد؛ حيث جرى تتويجهم بين جدرانها بدايةً من سنة 1239، وشهِدت تتويج نابليون الأول عام 1804، ودوك مدينة بوردو عام 1821، فضلاً عن جنازة أدولف تيير.
وفي 1944، احتضنت الكاتدرائية احتفالات تحرير فرنسا من النازية، وسنة 1970 نُظِّمت داخلها مراسم جنازة مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة الجنرال شارل ديجول، إلى جانب جنازتيْ الرئيس الفرنسي الأسبق جورج بومبيدو عام 1974، والرئيس فرنسوا ميتران سنة 1966.
وبموجب قانون 1905، فإن "نوتردام دو باريس" على ملك الدولة الفرنسية، ولكنّ الكنيسة الكاثوليكية تمتلك الحق الحصري في استخدامها لأغراض دينية إلى الأبد.
تاريخ التدمير وإعادة البناء
بُنِيت الكاتدرائية لتكون أول كنيسة مسيحية في باريس، على أنقاض "بازيليك القديس استيفان"، المُشيّدة على بدورها على أنقاض معبد "جوبيتير الجالو - روماني"، والتي بناها شيلدبرت الأول ملك الفرنجة، عام 528 ميلادي.
وفي سنة 1548، دُمِّرت الكاتدرائية جراء أعمال شغبٍ، ووصفها البعض بـ"الوثنية" في عهد لويس الـ14، ثم خضعت لبعض التعديلات والترميمات، ودُمِّرت ثانيةً خلال الثورة الفرنسية، كما أُتلِفت مقابر ونوافذ من الزجاج الملون، وأُعِيد ترميمها عام 1864.
وتسبّبت الحرب العالمية الثانية في أضرار واسعة للكاتدرائية، حيث تعرّضت النوافذ الزجاجية الملونة في الطبقة الدنيا لِرصاصات طائشة، ثم تم تجديدها بعد الحرب.
وفي عام 1991، بدأ برنامج رئيسي للصيانة والترميم، فضلاً عن تحويل الإضاءة إلى "LED" في 2014.