مصر.. انفراجة في أزمة النوبة وتوجيه رئاسي بالتعاطي الإيجابي معها
نوبيون معتصمون أقصى جنوب مصر يعلقون اعتصاما بدأوه قبل أربعة أيام لإفساح الطريق أمام مفاوضات مع نواب في البرلمان.
علق نوبيون معتصمون أقصى جنوب مصر اعتصاما بدأوه قبل أربعة أيام لإفساح الطريق أمام مفاوضات مع نواب في البرلمان.
وقالت مصادر نيابية مطلعة لـ"العين" إن توجيهات رئاسية صدرت لمسؤولي الحكومة بالتعاطي الإيجابي مع الأزمة التي تفجرت عقب منع قوات الأمن تقدم قافلة أقلت نوبيين لزيارة قراهم القديمة.
ونظم نشطاء النوبة مطلع الأسبوع الجاري قافلة تحت شعار قافلة العودة بعد طرح الحكومة 110 آلاف فدان للاستثمار ضمن مشروع المليون ونصف فدان التابع لشركة الريف المصري، والتي يعتبرها أهل النوبة أرضا تابعة لهم. ويطالب المحتجون أيضا إلغاء قانون يحدد المناطق المتاخمة للحدود ويمنع استغلالها بهدف حماية الأمن القومي للبلاد التي تعاني من نشاط تنظيمات إرهابية.
ورغم المؤشرات الإيجابية على رغبة طرفي الأزمة في التوصل لحل نهائي لقضية يزيد عمرها على قرن من الزمان، يقول الناشط النوبي البارز مسعد هركي إنه لا يزال من المبكر الحديث عن حل الأزمة.
وعرضت لجنة برلمانية تشكلت من ثلاثة نواب خلال المفاوضات مع المعتصمين مقترحا بتعليق الاعتصام وفتح طريق أبوسمبل حتى يوم الاثنين المقبل، بالتزامن مع اجتماع مجلس الوزراء والذي سوف يعقد لإنهاء أزمة النوبيين وتنفيذ مطالبهم.
ويشير هركي إلى أن الحكومة تتعامل مع ملف النوبة انطلاقا من اتفاق سابق بإعادتهم إلى 44 قرية موزعة بين ست مناطق. لكن الأزمة تكمن في رغبة عدد من النوبيين في العودة لقراهم القديمة التي تمتد على مساحة شاسعة من الأرض يصعب معها بحسب هركي، إقامة مشروعات البنية الأساسية.
بدأت أولى موجات تهجير النوبيين من أرض "النوبة القديمة" منذ عام 1902 أثناء بناء خزان أسوان، مرورا بعامي 1912 و1933، وانتهاء بعام 1963. ومنذ ذلك الحين يكافح أبناء النوبة للمطالبة بإعادة توطينهم.
وكانت السلطات المصرية قد بدأت بالفعل قبل ثورة 25 يناير إنشاء المناطق الست في وادي كركر، ومنطقة عمدا والسبوع، وشرقا في منطقة السيالة والمحرقة والعلاقي، وغربا داخل مشروع توشكي وأبو سمبل وخور قندي، وأخيرا في قسطل والدندان.
وسلمت السلطات المصرية أولى المناطق في وادي كركر قبل أربع سنوات بتكلفة إجمالية بلغت ملياري جنيه، وسط اعتراض عدد من أبناء النوبة الذين يطالبون بالعودة ليس فقط للجنوب وإنما إلى قراهم القديمة في مواقعها التاريخية، لافتين إلى أنهم لا يبحثون عن مجرد قطع من الأراضي وإنما يعنيهم في المقام الأول حفظ هويتهم الثقافية.
وقالت قيادات الاحتجاج إن تعليق الاعتصام مؤقت في انتظار نتائج اجتماع مجلس الوزراء ملوحين بالعودة إلى قطع طريق أبوسمبل أسوان مرة أخرى إذا لم تتم الاستجابة إلى مطالبهم.
واستند المحتجون على مادة دستورية اعترفت بحقهم في العودة إلى قراهم وألزمت السلطات بتوطين النوبيين خلال عشر سنوات من إقرار الدستور الذي حظي بغالبية أصوات المصريين في استفتاء جرى في عام 2014.
وتخشى قيادات نوبية تحدثت إلى "العين" من أن تعالج الدولة القضية مرة أخرى انطلاقا من اتفاق المناطق الست السابق على الثورة. إذ بحسب هذا الاتفاق فإن معظم الأراضي التي طرحت في مشروع المليون ونصف المليون فدان تقع بالفعل خارج نطاق الأراضي المخصصة للنوبيين بموجب الاتفاق القديم الذي لا يلبي مطالبهم.
وكان رئيس مجلس الوزراء قد أكد في بيان الثلاثاء الماضي أن الحكومة تعمل بالتعاون مع مجلس النواب على صياغة وإعداد قانون يسهم في تنفيذ ما نصت عليه المادة 236 من الدستور، ويظل السؤال يتعلق بما إذا كان القانون الموعود يتحدث بلغة المناطق الست أم بلغة القرى القديمة.