معركة الزيت والفول.. نزاع تجاري جديد يشتعل بين أمريكا والصين

انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بكين لتوقّفها عن استيراد فول الصويا من الولايات المتّحدة، مشيرًا إلى أنّ بلاده قد تتوقّف، ردًّا على ذلك، عن استيراد زيت الطهي من الصين.
وقال ترامب إنه يفكّر في إنهاء بعض العلاقات التجارية مع الصين، مشيرًا بشكل خاص إلى زيت الطهي، رغم أن المتعاملين والمحلّلين أكّدوا أن هذه الشحنات كانت قد تراجعت بالفعل بشكل كبير خلال العام الماضي.
وكتب ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء: "أعتقد أن امتناع الصين عمدًا عن شراء فول الصويا منّا، والتسبّب في صعوبات لمزارعي فول الصويا الأمريكيين، هو عمل عدائي اقتصادي. نحن نفكّر في إنهاء التعاملات التجارية مع الصين المرتبطة بزيت الطهي، وعناصر تجارية أخرى، كنوع من العقاب."
ثم أضاف: "على سبيل المثال، يمكننا بسهولة إنتاج زيت الطهي بأنفسنا، ولسنا بحاجة إلى شرائه من الصين."
أكبر سوق لصادرات الزيت الصيني
في عام 2024، كانت الولايات المتحدة أكبر سوق لصادرات الصين من زيت الطهي المستعمل (UCO)، حيث استوردت كمية قياسية بلغت 1.27 مليون طن متري، بقيمة 1.1 مليار دولار.
وزيت الطهي المستعمل used cooking oil (uco) يستخدم عادة في إنتاج الوقود الحيوي، ويدخل في صناعات الصابون، والشموع، والمواد الكيميائية، ومواد التشحيم، وفي بعض الحالات، يُكرَّر ويُعاد استخدامه في تطبيقات غير غذائية.
لكن بعد أن خفّضت الصين الحوافز الضريبية أواخر العام الماضي، وفرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية على السلع الصينية هذا العام، هبطت الواردات بنسبة 65% خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب، لتصل إلى 290,690 طنًا فقط، بقيمة 286.7 مليون دولار.
ولهذا السبب، صرّح اثنان من المتعاملين في سوق زيت الطهي المستعمل في الصين — بشرط عدم الكشف عن هويتهما لعدم تخويلهما بالحديث لوسائل الإعلام — بأن تصريحات ترامب كان لها أثر "ضئيل" على السوق.
وقال أحد المتعاملين، الذي يتعامل مباشرة مع السوق الأمريكي: "الولايات المتحدة توقّفت فعليًا عن الشراء من الصين، لذا فإن الأثر لا يختلف عن تهديداته الفارغة."
وأضاف الآخر: "المنتجون المحليون يركّزون الآن على الطلبات القادمة من أوروبا، ولم يعودوا يضعون السوق الأمريكي في الحسبان."
تجارة محدودة
تجدر الإشارة إلى أن تجارة زيت الطهي المستعمل تُعد محدودة مقارنة بفول الصويا، إذ استوردت الصين 22.13 مليون طن من فول الصويا الأمريكي العام الماضي، بقيمة 12 مليار دولار.
وقال كبير المحلّلين تشيم لي من وحدة الاستخبارات الاقتصادية (Economist Intelligence Unit):"رغم أن زيت الطهي المستعمل تجارة متخصّصة، فإنها تُظهر كيف أن إدارة ترامب تدافع عن المزارعين الأمريكيين،
في الوقت الذي تتّجه فيه الصين نحو موردين آخرين في مشترياتها الزراعية."
والصين هي أكبر مشترٍ لفول الصويا في العالم. وفي الأشهر الأخيرة، خفّضت مشترياتها من فول الصويا الأمريكي، وفضّلت عليه المنتجات البرازيلية والأرجنتينية.
وقد وصف ترامب هذا التحوّل بأنه "تكتيك تفاوضي"، مشيرًا في وقت سابق من هذا الشهر إلى رغبته في مناقشة ملف فول الصويا مع نظيره الصيني شي جينغ بينغ، فيما لمّح إلى أن الولايات المتحدة قد توقف جزءًا كبيرًا من وارداتها من الصين.
يُذكر أن الرئيس الأمريكي قد استهدف الصين بسلسلة من أوامر فرض الرسوم الجمركية على بضائع مستوردة بمليارات الدولارات، مدّعيًا أن الهدف هو تقليص العجز التجاري، واستعادة التصنيع، وشلّ تجارة الفنتانيل.
والعلاقات الأمريكية الصينية كانت متوترة لسنوات، خاصة خلال ولاية ترامب، في ظل خلافات شملت التكنولوجيا، وحقوق الإنسان، وأصل جائحة كوفيد-19، إضافة إلى قضايا جيوسياسية تتعلّق بهونغ كونغ وتايوان وأوكرانيا.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA==
جزيرة ام اند امز