الشكوى هي تظاهرة قطرية القصد من إخراجها الإساءة لدولة الإمارات، ولكن جاءت ضد النظام القطري نفسه
"فيلم نظام الحمدين" في قطر الذي عرضته في محكمة العدل الدولية في لاهاي، مؤخراً، من خلال اتهام دولة الإمارات بإجراءات تمييزية ضد الشعب القطري الشقيق لم يكن مقنعا للرأي العام العالمي، لا في تكتيكه الذي يقصد فيه إثارة الضجيج حول المقاطعة المطبقة ضده من أكثر من عام، ولا في تنفيذه باعتبار أن دول مكافحة الإرهاب القطري الأربع، السعودية والإمارات والبحرين ومصر تدرك هدف هذا النظام هو فصل الموقف الموحد للدول الأربع، ولا في إخراجه لأن صورة نظام الحمدين وسمعته السيئة يصعب تصديق المجتمع الدولي لمزاعمه.
لأن دولة الإمارات معروفة بأنها أفضل مكان يرغب الإنسان الخليجي والقطري العيش فيه، وبالتالي من الصعب أن تميز بين الشعب القطري الشقيق.
الخيار الوحيد الذي ينبغي أن يفعله نظام الحمدين ليقنع العالم، هو أن يثبت فعاليته في محاربة التطرف والإرهاب من خلال تنفيذ الشروط الـ13 التي تقدمت بها الدول الأربع التي بدت أنها أكثر تأثيراً في هذا الملف وإقناعاً منه.
تبين من شكوى نظام الحمدين إلى محكمة العدل الدولية أنها لا علاقة لها بالمواطن القطري، الذي يعاني من سياسات بلاده ولا بمحاولات جادة في إيجاد حل للمقاطعة التي تطبقها الدول الأربع، فالشكوى لم تكن سوى غطاء لبعض مناورات نظام الحمدين التي يجريها للبقاء في الأضواء الإعلامية؛ بعدما تأكد له فشل كل المحاولات الإقليمية والدولية لفك ما يسميه "الحصار" دون تنفيذ الشروط الـ13، التي طلبتها الدول الأربع وبعد أن صار العالم يكيّف نفسه على تجاهلها ونسيانها إلا فيما يخص دعم نظام الحمدين في مجال دعم التطرف والإرهاب في العالم، فهذا لم يكن غائباً عن المراقبين للتحركات القطرية.
فمن المعروف أن نظام الحمدين يركز في جولات وزير خارجيته، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، الدولية الفاشلة وإعلامه في مزاعمه على أن دولة الإمارات تحديداً من بين الدول الأربع المقاطعة له بأنها هي التي "تضيّق" عليه "الحصار"، ولكن كيف لهذا النظام أن يفسر فشل محاولته شراء صفقة "أس 400" من روسيا؟، ولهذا فإن هامش مناوراته الخارجية تنتقل من خيبة أمل إلى أخرى.
الشكوى هي تظاهرة قطرية القصد من إخراجها الإساءة لدولة الإمارات، ولكن جاءت ضد النظام القطري نفسه خاصة بعدما تأكد له فشل كل محاولات الابتعاد عن مركز حل الأزمة، وهي العاصمة السعودية الرياض أو الاعتماد على سياسة الدفع للدول الكبرى لممارسة الضغط على الدول الأربع.
الحقائق والمعلومات شوهت صورة النظام القطري وأفقدته المصداقية السياسية حتى لدى الدول التي كانت تقوم بدور الوساطة تراجعت وهذه الأخيرة بانت أكثر عندما حاول نظام الحمدين التشكيك في نزاهة دولة الإمارات التي تمتلك مصداقية سياسية كبيرة لدى المجتمع الدولي.
إن شكوى نظام الحمدين بدت محاولة يائسة ممن يعيش مأزقاً سياسياً وبدأ يتخبط، فبدلاً من أن يبحث أسباب المقاطعة لجأ إلى فتح مشكلة جديدة بهدف استمرار توتير العلاقات مع الدول الأربع، ومواصلة العناد ظناً أن ذلك يصب في مصلحته، بينما الحقيقة أنه يزيد من الاستياء الدولي عليه، وهذا سيؤدي إلى الانكفاء على الداخل القطري أكثر لأن الدول الأخرى ليس لديها ما يكفي من الوقت لمعالجة أزمة نظام غير مستوعب للتطورات السياسية الحاصلة على الأرض، بعدما تمت محاصرة النظام الإيراني وانتباه تركيا إلى مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
الخيار الوحيد الذي ينبغي أن يفعله نظام الحمدين ليقنع العالم هو أن يثبت فعاليته في محاربة التطرف والإرهاب؛ من خلال تنفيذ الشروط الـ13 التي تقدمت بها الدول الأربع التي بدت أنها أكثر تأثيراً في هذا الملف وإقناعاً منه، أما طريقة فتح ملفات جديدة واتهام دولة تتمتع بسمعة دولية رائعة فهي تعني هزيمة أخرى لهذا النظام الذي أثبت أنه لا يتعلم من أخطائه!!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة