مع تزامن توريط نظام الحمدين لقطر وأهلنا في قطر وإبعادهم عن امتدادهم الطبيعي وبدء المقاطعة، انكشفت حقيقة إعلام الحمدين
تغريدة لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الدكتور أنور قرقاش، سهلة في طرحها، غزيرة في دلالاتها. ما حلقة الوصل بين هذه التغريدة وعنوان المقال؟ يتساءل القارئ الكريم وتأتي الإجابة خلال السطور التالية.
تقول التغريدة «لقد أصبحت قناة الجزيرة كقناة المنار وقناة العالم لا تميزها إلا من شعارها».
النظام الإيراني ومنذ بداية ثورة عام 1979، ظل على الدوام ينظر إلى المملكة العربية السعودية نظرة المنافس الإقليمي والمنافس على ريادة العالم الإسلامي، وبالتالي السعي إلى التأثير سلباً على هذا المنافس بشتى الطرق.
لا شك أن هناك من يجد في هذه التغريدة تحاملاً ومبالغة، ولكن ندعوه إلى أن يؤجل الحكم على ذلك، ونذهب معه إلى أبعد منها، ونستعرض بعض المعطيات سواء من إعلام الحمدين أو إعلام النظام الإيراني ومن يسير في أثره.
بداية لا شك أن الإعلام المسيّس يسير وفق أجندة معينة تسعى إلى تفعيلها الدول عبر وسائل عدة ومنها الإعلام، الذي يتلون بلون تلك الأجندة.
النظام الإيراني ومنذ بداية ثورة عام 1979، ظل على الدوام ينظر إلى المملكة العربية السعودية نظرة المنافس الإقليمي والمنافس على ريادة العالم الإسلامي، وبالتالي السعي إلى التأثير سلباً على هذا المنافس بشتى الطرق.
الأجندة ركزت على محاولة زعزعة الاستقرار ومناكفة السعودية في الملفات الإقليمية ومنها اليمن، ليأتي الحوثي بوصفه رأس حربة النظام الإيراني في تلك الدولة. فأصبح دعم النظام الإيراني للحوثي جلياً في شتى المجالات ولا سيما الإعلامي منها، من قبيل تدريب عناصر من الحوثيين إعلامياً ودعم قنوات لخدمة رأس الحربة الإيراني في اليمن، ومنها قناة «المسيرة» التي تبث إرسالها من لبنان، ولنكن أكثر تحديداً من عند «حزب الله»، رأس الحربة الآخر للنظام الإيراني في لبنان.
يلتفت القارئ لكاتب هذه السطور بالقول: جاء التحالف العربي ليشكل مقتلاً لدى النظام الإيراني وإفشال محاولات تغلغله في اليمن، ليستكمل عندها النظام الإيراني هجومه على المنافس الإقليمي من النافذة اليمنية.
يتساءل قارئ آخر: هل من أدلة واضحة تبرز هذا الأمر؟ سيأتي ذلك من خلال عقد مقارنة بين إعلام تنظيم الحمدين والنظام الإيراني، ونرى مع القارئ ما إذا كان هناك تماهٍ بينهما أم لا، لنصل إلى الحكم على تغريدة الوزير الدكتور أنور قرقاش.
بالانتقال إلى نظام الحمدين تجلّت الأجندة السياسية تجاه السعودية واتضحت معالمها من خلال انكشاف تلك الأجندة في المحادثات التي سُربت بين القذافي والحمدين. فقد تبناها نظام الحمدين بأنه أكثر مَن تسبب في إزعاج للسعودية. هذه الأجندة لم تستثنِ الحد الجنوبي للمملكة، وبالتالي دعم الحوثيين، وهناك شواهد سابقة على ذلك.
مع تزامن توريط نظام الحمدين لقطر وأهلنا في قطر وإبعادهم عن امتدادهم الطبيعي وبدء المقاطعة، انكشفت حقيقة إعلام الحمدين حتى بات يتبلور أمر ما.
يتساءل القارئ عن ذلك الأمر، وكاتب هذه السطور يدعوه ليكتشفه بنفسه، بعد عرض نماذج من إعلام النظام الإيراني ونظام الحمدين في الحالة اليمنية.
مع بداية عاصفة الحزم، تَعَنون إعلام النظام الإيراني ممثَّلاً في «وكالة أنباء فارس» بـ«أين توجد قوات الاحتلال السعودي، الإماراتي، البحريني في اليمن؟». يلاحظ القارئ الكريم أن إعلام النظام الإيراني يتجنب استخدام مصطلح «التحالف العربي».
«لا يمكن لإعلام نظام الحمدين أن يستبعد هذا المصطلح، فقد كان في يوم جزءاً من التحالف العربي»، يقول أحد القراء لتجيبه عن ذلك صحيفة «الراية» القطرية والتي عُنونت بعد المقاطعة بـ«نكبة اليمن تفضح أطماع تحالف السعودية». الأعين تعقد مقارنة بين إعلام الحمدين والنظام الإيراني.
مع بدء عملية تحرير الحديدة من مليشيات الحوثي، استمر النظام الإيراني وإعلامه في ذات النهج. قناة «الميادين» ذات الهوى الإيراني الخالص تقول: «هل يستطيع التحالف السعودي احتلال الحديدة؟»، وتردف «وكالة أنباء فارس» بالقول: «حرب عالمية صغرى في ميناء الحديدة».
إعلام نظام الحمدين مضافاً إلى توصيفه للتحالف العربي على أنه تحالف سعودي، إذا به يعطي بُعداً جديداً في التوصيف. صحيفة «العرب» القطرية التابعة لنظام الحمدين تقول: «تحرك أممي لمواجهة العدوان الظبياني على الحديدة»، وتضيف هذه الصحيفة: «أبوظبي تحصد أرواح عشرات الضحايا في الحديدة».
وأين قناة «الجزيرة» من هذا؟ يتساءل أحد القراء. ليست عن ذلك ببعيد، فنتيجة حساسية الموقف الإنساني الذي تجلى بوضوح اهتمام التحالف العربي به وتجنب التعرض للمدنيين ووضع خطة استراتيجية إنسانية متزامنة مع تلك العمليات، تسير قناة «الجزيرة» لقلب الحقائق. تقول: «صدى الاشتباكات يتردد في الأحياء السكنية والمدنيون أول الضحايا».
على الجانب الآخر يسلط إعلام النظام الإيراني، وكذلك إعلام الحمدين الضوء على أن طرد مليشيا الحوثي سيؤدي إلى كارثة إنسانية.
صحيفة «العرب» المذكورة آنفاً تعنون بـ«أبوظبي تحاصر الحديدة والأهالي بلا ماء ولا طعام». قناة «الجزيرة» تبحث عن أي شاردة أو واردة للنيل من التحالف العربي لتبرزه في إعلامها، تقول في عنوان لها عن لجنة دولية: «خطة إغاثة الحديدة تبرير لهجوم كارثي».
ما تقدم لا يعدو كونه غيضاً من فيض، ومن هذا الغيض نترك للقارئ الكريم الحكم ما إذا كانت تغريدة الوزير الدكتور أنور قرقاش تجنياً أم مرآة واقع.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة