دمٌ وغضبٌ ودموع.. السياسة «تلطخ» حلبة المنافسات الأولمبية
مذبحة رياضيين، هجومٌ بقنبلة ورفع قبضتين سوداوين نحو السماء: لطالما تأثّر تاريخ الألعاب الأولمبية بشكلٍ متكرّرٍ بالعنف العالمي.
وفيما يلي ملخص موجز لأبرز اللحظات "السياسية" منذ بداية الألعاب الحديثة، قبل أيام من انطلاق الألعاب الأولمبية المقررة في العاصمة الفرنسية باريس.
1896- -1906 وُلِد سياسياً
أعيد إحياء الألعاب الأولمبية الحديثة لأهدافٍ سياسيةٍ نبيلة.
إذ كتب البارون الفرنسي بيار دو كوبرتان، مؤسّس الألعاب الحديثة ومصمّم رموزها كالعلم والشعار: "تندلع الحروب لأن الدول تسيء فهم بعضها. لن ننعم بالسلام حتّى تنتهي التحيّزات التي تفصل بين الأعراق المختلفة. لتحقيق هذه الغاية، هل هناك أفضل من جمع الشباب من جميع البلاد في استعراضٍ للقوة والمرونة؟"
أراد دو كوبرتان أن يُعيد إحياء الألعاب الأولمبية من العاصمة باريس عام 1900، لكنّه تراجع أمام حماسة اليونانيين وسمح لأثينا بإضاءة الشعلة قبل ذلك التاريخ بأربعة أعوام، قبل استضافة فرنسا للألعاب 1900 ومن بعدها سانت لويس الأمريكية 1904.
1908: التلويح بالعلم
استغرقت الألعاب الأولمبية بعض الوقت لاستغلال قوة القوميّة وجعل الرياضيين يمثّلون بلادهم. لم يبدأ اعتماد مراسم استعراض البعثات خلال حفل الافتتاح حتّى الدورة الرابعة في لندن عام 1908. أما النشيد الوطني، فعُزف لأول مرة للمتوّجين بالميداليات الذهبية عام 1924 في باريس التي أصبحت أول مدينة تستضيف الألعاب الحديثة مرتين.
1936: ألعاب هتلر
مُنِح حق تنظيم الألعاب الأولمبية عام 1936 لبرلين قبلها بخمسة أعوام، عندما كانت ألمانيا لا تزال دولةً ديمقراطية. بعد عامين، تولّى أدولف هتلر السُلطة. سُرعان ما أدرك قيمة هذا الحدث من حيث البروباغندا.
في أوروبا كما في الولايات المتحدة، كان مناصرو حملات مقاطعة الأولمبياد في برلين قلّة، وفي نهاية الأمر أرسلت جميع الدول المنضوية تحت شعار اللجنة الأولمبية وفوداً للمشاركة إلى عاصمة الرايخ.
تحوّلت الألعاب إلى عرضٍ لقوّة النظام واستخدم النازيون انتصاراتهم لإظهار نظريتهم حول "العرق الأسمى".
1952: قريتان أولمبيتان
في ذروة الحرب الباردة، شارك الاتحاد السوفياتي لأوّل مرة في الألعاب الأولمبية. ولتجنّب التوترات المحتملة بين الوفود، قرّر المنظمون الفنلنديون إنشاء قريتين أولمبيتين متباعدتين بنحو عشرة كيلومترات: إحداهما لرياضيي "دول الشرق"، والأخرى لبقية العالم.
وفي ذلك الوقت، رحّب السوفيات بهذا الفصل ورأوا أنه يحدّ من خطر انشقاق رياضييهم.
1956: حمّام دم ومقاطعات
بعد أقل من ثلاثة أسابيع على سحق الدبابات السوفياتية للثورة المجرية، التقى البلدان في رياضة كرة الماء خلال أولمبياد ملبورن.
قضى المجريون الذين فازوا بالذهبية في الأولمبياد السابق الوقت باستفزاز منافسيهم، وسُرعان ما أدى ذلك إلى تبادل اللكمات والركلات.
وقبل دقيقة على انتهاء الوقت وفي ظل تقدّم المجر 4-0، خرج إرفن زادور الذي سجّل هدفين من حوض السباحة وهو ينزف بعد تلقّيه لكمةً على وجهه.
ومع خروج الجماهير من المدرجات للوصول إلى الفريق السوفياتي، أنهى الحكم المواجهة.
وتدخّلت الشرطة الأسترالية لمنع الجمهور من الوصول إلى الفريق السوفياتي. في اليوم التالي، أُعلن تتويج المجر بالميدالية الذهبية.
شهدت ألعاب ملبورن أيضاً أوّل مقاطعة سياسية، إذ رفضت إسبانيا وسويسرا وهولندا المشاركة في ظل وجود الاتحاد السوفياتي.
كما امتنعت مصر والعراق ولبنان عن المشاركة تنديداً بالاحتلال العسكري الإسرائيلي-الفرنسي-البريطاني لقناة السويس. فيما انسحبت جمهورية الصين بدورها احتجاجاً على وجود تايوان.
1968: رفع القبضات السوداء
بعد تحقيقه رقماً قياسياً في سباق 200 م في المكسيك، أحْنَى العدّاء الأمريكي تومي سميث وحامل البرونزية جون كارلوس رأسيهما ورفع كل منهما قبضة يدٍ واحدة على منصة التتويج، في تحيةٍ إلى قوّة العرق الأسود خلال عزف نشيد بلدهما الوطني.
دعمهما في ذلك الأسترالي بيتر نورمان الذي فاز بالفضيّة وكان يعلم أنهما سيقومان بلفتةٍ احتجاجية، فوضع شعار "مشروع أولمبي للحقوق الإنسانية".
ردّ الفعل على ذلك كان شرساً. هذه اللحظة أنهت مسيرة الرجال الثلاثة في الألعاب الأولمبية بسبب الشعارات السياسية.
1972: مذبحة في القرية الأولمبية
في الخامس من سبتمبر/أيلول، تسلّل فريق كوماندوز فلسطيني إلى القرية الأولمبية ليلاً واحتجز رياضيين إسرائيليين كرهائن.
بسبب ضعف الاستعداد، تحوّلت عملية الإنقاذ من قبل الشرطة الألمانية إلى إخفاقٍ تام، إذ قتل أعضاء الكومندوز جميع الرهائن الـ11، كما قُتل أحد رجال الشرطة الألمان وخمسة من الفلسطينيين الثمانية.
وأثار قرار استكمال الألعاب جدلاً، لكنها استكملت بشكلٍ طبيعيّ بعد حفل افتتاحٍ كئيب.
1984-1976: زمن المقاطعة
ثلاثُ نسخٍ متتالية من الألعاب الأولمبية كانت شاهدةً على حملات مقاطعةٍ سياسيةٍ بارزة.
مونتريال 1976: انسحب 22 بلداً أفريقياً اعتراضاً على مشاركة نيوزيلندا بعد خوض منتخب الرغبي الخاص بالأخيرة، مبارياتٍ في جنوب أفريقيا التي كانت تُعاني بسبب سياسات الفصل العنصري.
موسكو 1980: امتنع الأمريكيون إلى جانب 60 بلداً عن المشاركة، احتجاجاً على احتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان في ديسمبر/كانون الأوّل 1979.
لوس أنجلوس 1984: ردّ الاتحاد السوفياتي و14 بلداً من حلفائه الدّين لأمريكا بعدها بأربعة أعوام بالامتناع عن المشاركة.
1996: قنبلةٌ بين الحشود
انفجرت قنبلة في أتلانتا في الحديقة الأولمبية المئوية وأدّت إلى مقتل شخصين (بينهما مصوّر تعرّض لأزمةٍ قلبية) وإصابة 111 شخصاً.
إريك رودولف الذي فجّر القنبلة ولم يُعتقل حتّى عام 2003 قال إنه كان يحتجّ على "الاشتراكية العالمية" والولايات المتحدة. ولاحقاً، قام بتفجير عيادة إجهاض وحانة للمثليات.
2008: محاولات إخماد الشعلة
أقيمت الألعاب الأولمبية في بكين وسط سيلٍ من التساؤلات السياسية من وسائل الإعلام الغربية. أقيمت مظاهرات في الشوارع خارج الصين قبل الألعاب.
وقام الناشطون الذين أدانوا في البداية سياسة النظام الصيني في إقليم التيبت، بإيقاف مسيرة الشعلة الأولمبية بشكلٍ مستمر. وفشلت محاولة إخماد النيران في لندن. وفي باريس،
ولاحقاً، أُطفئت الشعلة بشكلٍ مؤقت ونُقلت عبر حافلة للشرطة إلى مكانٍ آمن.
aXA6IDE4LjExOS4xMjUuNjEg جزيرة ام اند امز