يحتفل العمانيون بالعيد الوطني الـ52 لبلادهم، وسط امتنان وتقدير للسلطان هيثم بن طارق قائد النهضة المتجددة التي تشهدها البلاد.
وشهدت مختلف محافظات وولايات السلطنة خلال الأيام الماضية مسيرات "ولاء وعرفان" شعبية للسُّلطان هيثم بن طارق بمناسبة العيد الوطني الـ52، شارك فيها الرجال والنساء والأطفال، والمواطنون والمسؤولون.
مسيرات حب ووفاء
ورفع المشاركون في تلك المسيرات صور السلطان هيثم وعلم سلطنة عُمان ولافتات مهنئة ومعبرة عن مشاعرهم الخالصة بالشكر والامتنان لسُّلطان البلاد، وما تحقق في عهده من إنجازات شملت جميع المجالات.
تضمنت المسيرات إلقاء قصائد شعرية وطنية تعبر عن حب الوطن وقائده، إضافة إلى تقديم عدد من الفنون التقليدية التي تشتهر بها كل ولاية يتم تنظيم المسيرة بها.
مسيرات تجسد أسمى معاني الوفاء والامتنان والعرفان وتعبر عن التفاف الشعب حول القيادة.
وتحتفل عمان بعيدها الوطني يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني، الذي يوافق يوم مولد سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد، لما شهدته البلاد في عهده من نهضة وتطور في مجالات شتى، فيما بدأ الاحتفال به قبل 52 عاما مع تولي السلطان قابوس الحكم عام 1970.
وكان قابوس أعلن عقب توليه الحكم بدء انطلاق مسيرة نهضة السلطنة العمانيّة، وعلى إثرها بدأت مرحلة بناء الدّولة الحديثة.
وبعد توليه مقاليد الحكم 11 يناير/كانون الثاني 2020، وجه السلطان هيثم بن طارق باستمرار يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني يومًا وطنيًّا للنهضة تحتفل به السلطنة كل عام، في لفتة طيبة تعبِّر عن أصدق مواقف الوفاء والصدق وأنبل المشاعر تجاه السلطان الراحل.
وفيما يعد السلطان قابوس مؤسس نهضة عمان الحديثة، فإن خلفه هيثم بن طارق أسس عقب توليه الحكم مرحلة أخرى من نهضة عُمان المتجددة، وضع بعض ملامحها في رؤية "عُمان 2040".
تركز الرؤيةٌ التي تمضي البلاد في تنفيذها حاليا على دعم النمو الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، وتحقيق الاستدامة المالية مصحوبة ببرامج الحماية الاجتماعية، مع ترشيد ورفع كفاءة الإنفاق، وإرساء نظام تعليمي وصحي بجودة عالية، ضمانا لتواصل البناء والعمران لمصلحة الأجيال المتعاقبة.
ويحتفل العمانيون بتلك الذكرى وهم يستذكرون مسيرة عطاء السلطان هيثم بن طارق الذي يعد أحد أبرز القيادات التي شاركت في تنفيذ مسيرة النهضة التي أطلقها سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد من خلال ما تولاه من مناصب في عهده، إضافة إلى إطلاقه مرحلة جديدة من مسيرة النهضة بعد توليه الحكم قبل نحو 3 أعوام.
سيرة حافلة
مسيرة حافلة بالإنجازات دفعت السلطان قابوس للتوصية بتعيينه خلفا له.
تولى هيثم بن طارق بن تيمور آل بوسعيد، 11 يناير/كانون الثاني 2020، مقاليد الحكم سلطانا لعمان خلفًا لابن عمه السلطان قابوس بن سعيد، الذي وافته المنية.
وكان السلطان قابوس هو من أوصى بتعيينه خلفا له، ومن ثم قام مجلس الدفاع الأعلى بتثبيته، بعد أن اتفقت الأسرة المالكة على اختيار من أوصى به السلطان الراحل عرفانا وامتنانا وتقديرا له.
وبذلك يكون هيثم بن طارق هو أول سلطان في تاريخ البلاد يتم اختياره وفقا للإجراءات التي أقرها النظام الأساسي للدولة الصادر عام 1996.
اللافت أن وصية السلطان قابوس باختيار السلطان هيثم بن طارق خلفا له كتبها عام 1996 عقب إقرار النظام الأساسي للدولة، وقبل وفاته بنحو ربع قرن، وعلل اختياره بقوله "وذلك لما توسمنا فيه من صفات وقدرات تؤهله لحمل هذه الأمانة".
وعلى مدار 25 عاما لم يغير السلطان الراحل وصيته، بل أكدت الأيام والسنوات صواب اختياره وحسن فراسته.
السلطان التاسع
السلطان هيثم بن طارق هو التاسع لعمان في التسلسل المباشر لأسرة آل بوسعيد التي تأسست على يد الإمام أحمد بن سعيد في عام 1741.
ولد هيثم بن طارق في مدينة مسقط في 11 أكتوبر عام 1955.
تخرج في جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة عام 1979، وحصل على دراسات عليا في الجامعة نفسها، حيث درس السياسة الخارجية.
وتدرج في العديد من المناصب، في مجالات الثقافة والرياضة والدبلوماسية والاقتصاد، الأمر الذي كون لديه خبرة كبيرة، أعانته على إدارة شؤون البلاد عقب توليه الحكم.
وقد شغل هيثم بن طارق منصب وزير التراث والثقافة منذ عام 2002، كما شغل العديد من المناصب في وزارة الخارجية، منها: الأمين العام للوزارة خلال الفترة من (1994-2002)، ووكيل الوزارة للشؤون السياسية (1986-1994).
أيضا ترأس أول اتحاد عماني لكرة القدم خلال الفترة من عام 1983 إلى عام 1986، وهي المرحلة التي شهدت تأسيس الكثير من الجوانب التنظيمية في عمل كرة القدم والأندية الرياضية في السلطنة.
وكان هيثم أحد المقربين من السلطان قابوس ومصدر ثقته؛ لذا عمل في بعض الأحيان مبعوثاً خاصاً للسلطان الراحل قابوس بن سعيد.
أيضا رأَس "لجنة الرؤى المستقبلية" التي تولت مسؤولية التخطيط لمستقبل سلطنة عمان حتى عام 2040.
نهضة متجددة
ومنذ اليوم الأول لتولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في 11 يناير/كانون الثاني 2020، أكد في خطابه الأول، أنه ماضٍ في الحفاظ على ما أنجزه سلطان البلد الراحل قابوس بن سعيد والبناء عليه.
وفي مواقف عديدة خلال الفترة الماضية، كان السلطان هيثم بن طارق دائما ما يستذكر رحيل السّلطان قابوس بن سعيد بن تيمور، مجددا العهد على استكمال مسيرة النهضة التي بناها على مدار 50 عاما من حكمه.
وبالفعل وضع السلطان هيثم بن طارق منذ توليه الحكم أسسا وقواعد للحفاظ على المنجزات التي حققتها النهضة العمانية خلال العقود الخمسة الماضية، والبناء عليها، وصون مكتسبات النهضة لقيادة بلاده لتحقيق المزيد من التقدم والازدهار واستكمال بناء الدولة الحديثة وتسريع وتيرة الإنجازات.
ففي العام الأول من حكمه أصدر سلسلة مراسيم لإعادة هيكلة مفاصل الدولة وتسريع وتيرة الإنجازات، كان من أبرزها إصداره في أغسطس/آب 2020، 28 مرسوما، أعاد بموجبها هيكلة الكثير من مفاصل الدولة، حيث تضمنت إلغاء قوانين وإعادة هيكلة بعض الوزارات واستحداث أخرى وتغيير مسميات بعضها، ضمن مسارات واضحة، لتحسين الأداء وزيادة الإنتاج، وخفض الإنفاق، والقضاء على البيروقراطية.
كما تضمنت خطة الهيكلة ضخ دماء جديدة في الجهاز الإداري للدولة وتمكين الشباب لتولي المناصب القيادية والمشاركة في صنع القرار.
وشهد مستهل العام الثاني من حكم السلطان هيثم بن طارق مرسومين تاريخيين أصدرهما في 11 يناير/كانون الثاني 2021 في الذكرى الأولى لاعتلائه العرش، يتعلقان بالنظام الأساسي للدولة، والآخر بالسلطة التشريعية.
مرسومان تم بموجبهما وضع آلية محددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة، واستحدث منصب ولي العهد لأول مرة في تاريخ البلاد.
وفي العام الثالث من حكمه، توالت القرارات لتعزيز مسيرة النهضة المتجددة، فجاء قرار إعادة هيكلة مجلس الوزراء في 16 يونيو/ حزيران الماضي ليؤكد حرصه على متابعة الجهود المبذولة في تجويد الأداء الحكومي لوحدات الجهاز الإداري للدولة تحقيقا لرؤية عُمان 2040.
أيضا كان لافتا حرص السلطان هيثم بن طارق منذ توليه الحكم على الالتقاء بالمواطنين مباشرة ليطلع على احتياجاتهم ومتطلباتهم.
وجرى أول لقاء شعبي مباشر بين السلطان وشعبه منذ توليه مقاليد الحكم في منتصف سبتمبر/أيلول 2020، حيث التقى عددا من شيوخ ولايات محافظة ظفار جنوبي السلطنة، أعقبته لقاءات شعبية عديدة استمع فيها السلطان لأبناء شعبه، وأكد لهم أن الحكومة ماضية قدما في كل ما من شأنه الارتقاء بالمواطن في كافة ربوع الوطن، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي؛ لينعم بحياة أكثر هناء ورخاء.
السياسة الخارجية
على الصعيد الخارجي، حافظت السلطنة في عهد السلطان هيثم على ثوابت سياستها الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب، وحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، واحترام سيادة الدول وعلى التَّعاون الدولي في مختلف المجالات.
وكان السلطان هيثم قد أكد عقب توليه الحكم أن السلطنة ستبقى كما عهدها العالم داعية ومساهمة في حل الخلافات بالطرق السلمية وباذلة الجهد لإيجاد حلول مرضية لها بروح من الوفاق والتفاهم، كما أنها ستواصل دورها كعضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة تحترم ميثاقها وتعمل مع الدول الأعضاء على تحقيق السلم والأمن الدوليين.
وفي هذا الصدد، أجرى السُّلطان هيثم بن طارق زيارة إلى السعودية في 11 يوليو/تموز 2021 هي الأولى له خارجيا منذ توليه مقاليد الحكم، تُوّجت بتأسيس المجلس التنسيقي السعودي العماني.
ولاحقا أجرى زيارات إلى قطر والمملكة المتحدة وألمانيا، فيما كانت أحدث زياراته إلى البحرين 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتم خلالها توقيع حزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم هي الأكبر في تاريخ العلاقات بين البلدين.
أيضا أجرى عدد من قادة الدول زياراتٍ إلى سلطنة عُمان كان من أبرزها الزيارة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات التاريخية للسلطنة 27 و28 سبتمبر/ أيلول الماضي، والذي أجرى خلالها مباحثات مع سلطان عمان هيثم بن طارق، وتوجت بتوقيع 16 اتفاقية لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
أيضا سبق أن زار السلطنة كل من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود وليِّ العهد السعودي، وعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وسامية صولوحو حسن رئيسةِ جمهورية تنزانيا والدكتور حسين علي مويني رئيسِ زنجبار، تُوّجت جميعُها بعقد شراكات وتوقيع مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية في مجالات عدة أبرزها المجالات الاستثمارية والتجارية.
زيارات ومراسيم وإنجازات شهدتها السلطنة خلال الفترة الماضية، تؤسس لمستقبل واعد، كما تتضمن أطرا ومعايير تسهم في تسريع الخطى لتحقيق "رؤية عٌمان 2040" التي تعبر عن التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان بقيادة السلطان هيثم بن طارق.
أوسمة تكريمية.. أحدثها وسام زايد
وتكريما وتقديرا لجهوده خلال مسيرته الحافلة بالعطاء حصل السلطان هيثم بن طارق على أوسمة عدة داخل وخارج البلاد، كان أحدثها "وسام زايد".
وخلال زيارته للسلطنة سبتمبر/أيلول الماضي، تبادل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات وأخوه السلطان هيثم بن طارق الأوسمة والهدايا التذكارية.
وقد منح السلطان هيثم بن طارق وسام "آل سعيد" الذي يعد أرفع وسام عماني تقديراً منه للشيخ محمد بن زايد آل نهيان واعتزازاً بعمق الروابط الأخوية المتينة التي تجمع البلدين.
فيما منح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، سلطان عمان "وسام زايد" الذي يعدّ أرفع الأوسمة الإماراتية تقديراً لأخيه السلطان وتعبيراً عن عمق العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين.
وسبق أن حصل السلطان هيثم بن طارق على أوسمة سلطانية عدة في مقدمتها وسام الرسوخ الذي تسلمه من السلطان قابوس بن سعيد في نوفمبر 2010، إضافة إلى وسام آل سعيد، ووسام عمان ووسام النهضة العمانية.
كما حصل في مارس/آءار من عام 2001 م على وسام الشرف الكبير للخدمات المقدمة من جمهورية النمسا، وفي ديسمبر من عام 2006م حصل من المملكة العربية السعودية على وشاح الملك عبدالعزيز من الطبقة الأولى، وفي نوفمبر من عام 2010 م حصل من المملكة المتحدة على وسام الفارس الفخري الكبير للصليب الملكي الفيكتوري.