خال "أمنية" شرطية كنيسة الإسكندرية يروي قصة استشهادها
داخل المشرحة، بعد رحلة بحث 4 ساعات، تعرف خال الشرطية أمنية التي استشهدت بانفجار الكنيسة المرقسية بالإسكندرية.
البداية داخل مشرحة "كوم الدكة" بمستشفى الشرطة بالإسكندرية، شمالي البلاد، بعد رحلة بحث استغرقت 4 ساعات، وقف "محمد" خال الشرطية أمنية متوسطًا قيادات من الشرطة المصرية وأطباء، لا يعرف هل يتقدم أم يتراجع، وهل ما إذا تراجع، سيعثر عليها في مكان آخر؟ وأين ذلك المكان لاسيما أنه مر بعنابر ثلاثة مستشفيات طيلة 4 ساعات.. ولا جديد.
ورغم أن القرار كان صعبًا، وما بعده أصعب، لكن الخال الخمسيني، لمح "بوت" (حذاء طويل) لونه أسود، فتمتم بكلمات متقطعة: "البوت... أنا اللي جايبه (اشتريته) لها.." لتلتفت الأعين في الجهة التي ثبت نظره لها، محاولين إخباره عدم التسرع، ليطلب منهم أن يخلع حذاء أمنية، لأنه يعرف كما أخبرهم "أسفله جوارب مُقلمة" كان قد خاطها لها قبل أن تتوجه إلى أول مأمورية في حياتها الشرطية.
واستشهدت أمنية رشدي، عريفة الشرطة، التي تدرس الحقوق في عامها الثالث وتم تكليفها بالتفتيش لأول مرة بالأمس، بعدما فجر إرهابي نفسه، على بعد خطوة منها، حيث كانت تقف بجوار زميلتها، بالقرب من بوابة الكشف عن المعادن، والتي طلب حارس "بواب" الكنيسة من الإرهابي استخدامها، ففجر نفسه قبل أن ينكشف أمره، فتحول جسدها وزميلتها إلى أشلاء.
وقبل أن توكل لها مهمة التفتيش، عملت أمنية في مصلحة السجون بالأعمال الكتابية، ثم جرت ترقيتها بعد اجتيازها للاختبارات اللازمة بأكاديمية الشرطة، فحصلت الفتاة العشرينية على الامتياز في التصويب وضرب النار واللياقة البدنية والسباحة وغيرها.
يروي خالها الليلة التي سبقت استشهادها، في حديثه لبوابة "العين" الإخبارية، رافضًا التصوير في الوقت الحالي: مهمة التفتيش كانت أول مأمورية لها، وبحكم عملي كمصور جنائي شجعتها وأوصلتها في ساعة مبكرة من الصباح للكنيسة، وقلت للضابط عماد الركايبي: "هذه أمانة لديك"، لا أعرف لماذا قلت هذا؟ ولماذا ذهبت لها بعد ذلك.
ويكمل الخال: "قلت لأختي سأذهب لأمنية لتفقدها في مأموريتها الأولى.. قالت لي خذ معك هذه الساندويتشات، وبالفعل ذهبت ووجدتها تقف مع صديقتها فسألتها عن أخبارها وأعطيتها الساندويتشات فقالت لي بطفولية: هو أنا في مدرسة يا خالو.. فداعبتها العميد نجوى الحجار (استشهدت أيضا في الهجوم)، وقالت لها ليتني مثلك في مدرسة.. خذي الطعام من خالك.
أقل من ثلث ساعة، فصلت بين توديع أمنية وخالها محمد، بعد أن ذهب الخال لتأدية صلاة الظهر في زاوية قريبة من الكنيسة، فما إن بدأت الإقامة، وقع التفجير، فلم يتمكن الخال من إخراج الحلوى من جيبه، وإعطائها لأمنية.
يتابع الخال لمراسلة "العين": دخلت المستشفى الميري (مستشفى حكومي بالإسكندرية) لم أجدها.. ذهبت لمستشفى القوات المسلحة ليست هنا.. آخر حاجة كانت مستشفى الشرطة الساعة 4 العصر.. تعرفت على الجزء السفلي منها، من الحذاء الذي اشتريته لها من فترة، حتى عندما طلبوا مني التأكد قلت لهم دعوني أخلعه عنها فهناك الجورب الذي أخطته لها أمس.
يقول العم محمد : جثة أمنية كانت عبارة عن نصفين، وبينما كان نصف وجهها غير موجود، عرفتها من شعرها.. ليتابع بعدها: يسألوني في الداخلية وفي المشرحة كيف عرفتها.. أسألهم كيف لا أعرفها وهي بنتي قبل أن تكون بنت أختي؟!!
يتابع كمن تذكر شيئًا: اتصلت بي ليلة الحادث، وقالت لي نصًا يا خالو أنا فرحانة ما تجبلينا فاكهة وتيجي (أحضر لنا فاكهة وتعال)... لم أفهم أنها تودعنا.. لم أفهم أنها ستصعد للسماء بدلًا من الذهاب إلى الميناء أو المطار.. كانت يا حبيبتي بتحلم تمسك تفتيش هناك.
تقاطعه والدة أمنية بكلمات ترددها منذ الأمس: "مؤمنة بقضاء الله.. راضية.. بس قلبي وجعني"... ليدخلا معًا الأم والخال في موجة بكاء مرددين: حسبي الله ونعم الوكيل ... حسبي الله ونعم الوكيل.
aXA6IDUyLjE1LjY4Ljk3IA== جزيرة ام اند امز