بمشاركة واسعة.. افتتاح الاجتماع البرلماني الدولي المصاحب لـCOP28
افتتح رئيس المجلس الوطني الاتحادي بالإمارات، صقر غباش، في إكسبو دبي، الأربعاء، الاجتماع البرلماني المصاحب للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (COP28).
الاجتماع ينظمه المجلس بالتعاون مع الاتحاد البرلماني الدولي، بمشاركة 30 رئيس برلمان و500 برلماني وخبير يمثلون 100 برلمان ومنظمة دولية على مستوى العالم.
وقال صقر غباش في كلمته، إنه "لمن دواعي سرورِي أنْ أرحب بكم على أرضِ دولة الإمارات، التي مثلما عرفتموها وطناً وملتقى للتعايشِ والتسامحِ والسلامِ، فإنها اليومَ تستضيفُكم وهي تحملُ معكم، ومن أجلِ الكوكبِ والإنسانِ معا، رسالةَ الدفاعِ عن الأرضِ واستدامةِ مواردها وازدهارِ بيئتِها وطبيعتِها".
وأضاف: "ويطيبُ لي في هذه المناسبةِ أنْ أتوجهَ بأصدقِ عباراتِ الشكرِ والتقديرِ لشريكنا في تنظيم هذا المؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي، مقرونةً بأسمى عباراتِ الامتنانِ لرئاسة COP28 وفريقِ دولةِ الإماراتِ لتغيرِ المناخ الذي لمْ يدخرَ وسعاً لتسهيلِ عقدِ مؤتمرنا ضمن فعاليات COP وذلك لأول مرة في تاريخ مؤتمرات COP مع ما يعكسهُ ذلك من إدراك للدور المهم للبرلمانيين وتقاسمٍ للمسؤوليةِ بين مؤسساتِنا الوطنيةِ التنفيذيةِ والتشريعيةِ وصولاً إلى النتائجِ المثمرةِ التي عقدنا العزمَ جميعاً على تحقيقِها".
وتابع: "أود في مستهل كلمتي أن أبارك للإنسانية جمعاء ما تمخض عنه مؤتمر الأطراف الحالي من نتائج عملية منذ أول يوم لانطلاقته، ولعل أهمها هو إعلان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، عن تأسيس صندوق الحلول المناخية بمبلغ 30 مليار دولار، وكذلك تفعيل صندوق الخسائر والأضرار لمساعدة الدول الفقيرة والنامية مواجهة تداعيات تغير المناخ. فهذا الإنجاز هو نصر للإنسانية ولكوكب الأرض على حد سواء، وهو انتصار لمعنى تقاسم المسؤولية بين دول وشعوب العالم".
ومضى قائلا: "دعوني أنقلُ لكم عبارةً موجَزَةً وموجِزةً وصفَ بها الشيخُ محمد بن زايد آل نهيان تداعياتِ ظاهرةِ التغيرِ المناخي وحددَ فيها ما علينا فعلُه بقولِه "إنهُ لَوقتٌ حرجٌ لكوكبِنا، فعالمُنا يواجهُ العديدَ من التحدياتِ ومن أهمِها تغيرَ المناخ الذي أصبحَ يؤثرُ على الاستقرارِ والأمنِ في العالمِ، وبما أننا لا نملكُ إلا أرضاً واحدةً فمِنَ الضروري أنْ نوحدَ جهودَنا لمعالجةِ هذا التَحدي من خلال النظرِ اليه باعتبارهِ فرصةً للابتكارِ وإيجادِ الحلولِ وتنويعِ الاقتصاد".
وأكد أن "قضيةُ تغيرِ المناخ شكلت ومنذُ تأسيسِ دولة الإمارات عام 1971، أولويةً كبرى في سياساتِ الدولةِ وتوجهاتِ قيادتِنا الرشيدةِ من خلالِ اعتمادِ مسارينِ متوازيين: أولهُما التوجهُ نحوَ الاستثمارِ في مصادرِ الطاقةِ النظيفةِ والمتجددة وتطويرُ البنيةِ التحتيةِ اللازمةِ لتحقيقِ الحيادِ الكربوني، وثانيهُما توفيرُ أطرٍ تشريعيةٍ سليمةٍ وشفافةٍ تنظمُ عمليةَ التحولِ نحو التنميةِ المستدامةِ بكلِ قطاعاتِها الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والبيئية. ومن أجلِ هذا كانتْ الإماراتُ أولَ دولةٍ في المنطقةِ تصادقُ على اتفاقِ باريس للمناخ لعام (2015)، وأولَ دولةٍ في الشرقٍ الأوسطٍ وشمالٍ إفريقيا تضعُ لنفسهِا هدفَ تحقيقِ الحيادِ المناخي بحلولِ عامِ 2050، من خلال اعتمادها "استراتيجيةُ الإمارات للطاقة 2050" باستثماراتٍ تصلُ إلى 600 مليار درهم بهدفِ تحقيقِ التوازنِ بين التنميةِ المستدامةِ والحفاظِ على البيئة".
ويضافُ إلى ذلك، وفق غباش، "إنَّ رؤيةَ دولةُ الإماراتِ المناخيةِ قد اعتمدتْ منهجيةً متميزةً تقومُ على مبدأ ""الشراكةِ المتكاملة" في التصدي لظاهرِة تغيرِ المناخِ ومعالجةِ تداعياتِه، أو بعبارةٍ أخرى: إنها منهجيةٌ تتضمنُ مشاركةَ مؤسساتِ السياسةِ والتشريعِ والاقتصادِ والتكنولوجيا والإعلامِ وحتى الأديانِ في تحديدِ مسؤولياتِها وكيفيةِ تكاملِها مع بعضِها البعضِ الآخرِ للتعاملِ مع هذه القضية، وهذا ما يتجلى، مثلا، في استضافةِ العاصمةِ أبو ظبي لـ "القمةِ العالميةِ لقادةِ الأديانِ من أجلِ المناخ"، بتاريخ 6-7 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، لتأكيدِ أهميةَ تعزيزِ دورِ قادةِ الدينِ ورموزِه ومساهمتهِم في دعمِ سياساتِ واستراتيجياتِ مواجهةِ تغيرِ المناخِ وفي تحقيقِ العدالةِ المناخية".
وتابع: ومن هذا المنطلقِ، فإني أودُ التأكيدَ على مجموعةٍ من الحقائقِ ذات الصلةِ بهذه الظاهرةِ والتي تستوجبُ التوقفَ عندها لنتمكنَ من التوصلِ إلى رأيٍ مشتركٍ حيالها، ألا وهي:
أولا: لقد اقترنَ تقدُّم الإنسانِ في العصرِ الحديث، وللأسفِ الشديد، بمحاولتهِ السيطرةِ على الطبيعةِ ومواردِها، وعليه فإننا اليومَ بحاجةٍ لمراجعاتٍ شفافةٍ وشاملةٍ لبيانِ أنَّ التقدمَ العلميَ والصناعيَ والتكنولوجيَ لا يجبُ أنْ يكونَ على حسابِ سلامةِ الطبيعةِ والبيئةِ واستدامتهِما. وعليه فأننا مطالبونَ بإرساءِ علاقةٍ تبادليةٍ عادلةٍ ورحيمةٍ ووديةٍ بيننا وبين الطبيعةِ والبيئة.
ثانيا: إننا اليومَ، شعوباً ودولاً، الأمناءَ على البيئةِ والطبيعةِ ومواردِهما، قد ورثناهُما عن أجيالِنا السابقةِ، وعليه فإنَّ كلَ الخياراتِ التي نتخذُها الآنَ ستُحددُ نوعَ وجودةَ ومقدارَ الإرثِ الذي سنتركُه لأبنائِنا وأحفادنِا. وبالتالي فإننا مطالبون كبرلمانيين بالعملِ مع حكوماتِنا ومؤسساتنِا الوطنيةِ التنفيذيةِ من أجلِ سنِّ تشريعاتٍ مناخيةٍ ملزمةٍ تحددُ أهدافاَ واضحةً وطموحةً في إطارٍ زمني مناسبِ لخفضِ الانبعاثاتِ وللاستثمارِ في مشاريعِ التنميةِ المستدامة.
ثالثا: إنَّ كثيراً من الدولِ الناميةِ والفقيرةِ تتحملُ اليومَ أعباءَ وفواتيرَ تداعياتِ تغيرِ المناخِ بمقدارٍ أكبرَ بكثيرٍ من مقدارِ مساهمتِها فيها، الأمرُ الذي يفرضُ على الدولِ المتقدمةِ تقديمَ المساعدةِ الماديةِ والتكنولوجيةِ للدولِ الناميةِ والفقيرةِ من أجلِ أنْ يتقاسمَ الجميعُ أعباءَ التصديَ لظاهرةِ التغيرِ المناخي، ومنْ أجلِ أنْ يكونَ التحولُ إلى مصادرِ الطاقةِ النظيفةِ عادلاً للجميعِ، ومنْ أجلِ أنْ ينعمَ الجميعُ بالأمنِ والأمانِ والاستقرارِ والسلامِ.
إشادة بنجاحات دولة الإمارات
وفي كلمتها، أعربت توليا أكسون، رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي، عن شكرها لدولة الإمارات على نجاحها في استضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (COP28)، مثمنة نهج دولة الإمارات وعملها وتواصلها وشراكتها مع دول العمل من أجل تحقيق الأهداف الخاصة باستدامة العمل من أجل مواجهة التغير المناخي.
وأكدت أن هذه هي المرة الأولى التي ينعقد فيها المؤتمر البرلماني ضمن المنطقة التي ينعقد فيها المؤتمر، وهذا كان حرصا من المجلس الوطني الاتحادي لتكون مناقشتنا جنبا إلى جنب بمصاف حجم المشكلة التي نوجهها، مثمنة حسن الضيافة والتعاون الذي يقدمه المجلس الوطني الاتحادي والحرص والأفكار التي قدمها لإنجاح الاجتماع البرلماني الدولي.
وقالت في كلمة ألقاها نيابة عنها خلال الاجتماع مارتن شنغونغ الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي: "باسم الاتحاد البرلماني الدولي أتقدم بجزيل الشكر لدولة الإمارات على حسن التنظيم وللنتائج التي تحققت، والعمل على المسار الشامل والتشاركي الذي انتهجته في تنظيم هذا المؤتمر والإنجازات التي حققتها الدولة في مختلف الجوانب، نستذكر ما يحدث في مناطق عدة في العام، وهذه الاجتماعات التي تستضيفها دولة الإمارات خيل دليل على أنه يجب أن نتصدى لمختلف هذه الأزمات التي تواجه العالم وفي مقدمتها مواجهة التغير المناخي، وتغير المناخ يتطلب منا جميعا برلمانيين وحكومات ومنظمات دولية أن نتحرك على الفور".
وقالت إن "مناقشتنا في هذا الاجتماع بحجم الطبيعة الملحة لتحدي تغير المناخ وهذا يفرض علينا عملا استباقيا وتحمل المسؤولية الكبرى، فقد قام الاتحاد البرلماني الدولي باتخاذ الإجراءات والقرارات بالتعاون مع البرلمانات الوطنية، لأن تغير المناخ ليس له جواز ولا يعرف حدودا، ولا يطلب إذن أحدا ليعصف ببلاده، وهنا نؤكد دور البرلمانات التي يتطلب منها أن تتجاوز الحدود التقليدية في اتخاذ الإجراءات والسياسات التي تعزز الاستدامة".
وأكدت "دعم الاتحاد البرلماني الدولي للمبادرات العالمية مثل "البرلمانات في خدمة الكوكب"، وهي تستهدف البرلمانات الوطنية لمساعدتها على تطبيق الإجراءات الفعالة وتحث البرلمانات على تعزيز التزاماتها ودعم القرارات التي تتخذها حكوماتها، ومن المهم أن تقوم البرلمانات بأداء واجباتها ومراقبة الالتزام العالمي الذي اتخذ بهذا المجال".
وأعربت رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي عن تطلعها لأن تتوصل هذه المناقشات إلى التزامات دولية، على غرار الالتزام الذي قطع في باريس، والعودة إلى ما قبل الثورة الصناعية في الوصول الى نسبة انبعاثات، مثمنة بحضور المرأة والشباب هذه الاجتماعات، مؤكدة أهمية أن نتوصل إلى مساحات يمكن التحرك من خلالها والمساعدة في العمل البرلماني الدولي في اطار الحملة العالمية لمواجهة تغير المناخ.
تشريعات نشطة
من جانبه، رحب السفير ماجد السويدي المدير العام والممثل الخاص لرئاسة دولة الإمارات لمؤتمر (COP28) بالمشاركين في الاجتماع البرلماني الدولي في دولة الإمارات، معربا عن شكره للاتحاد البرلماني الدولي وللمجلس الوطني الاتحادي على تنظيم هذه الاجتماعات لأهمية هذه المناقشات التي سيكون لها دور فاعل في مؤتمر الأطراف، مضيفا أن هذه المرة الأولى التي ينعقد فيها هذا الاجتماع في المنطقة الخضراء لأعمال المؤتمر المناخي وهذا دليل على الفهم الاستباقي للمؤتمر بأهمية دور البرلمانات والعمل التشاركي العالمي.
وأكد أن إشراك البرلمانيين في المؤتمر يدعم العمل في الوصول إلى تشريعات نشطة ويضيف مستوى من المساعدة من مختلف المؤسسات وهذا يعني أن الالتزامات تترجم إلى وقائع على مختلف المستويات خاصة الجهود الوطنية لدى مختلف الدول، وهذا يمنح البرلمانات مستويات أفضل من خلال تحديد نظام الاتصال وإيصال أصوات الشعوب على مختلف المستويات، خاصة وإن هذه المرة الأولى التي تعمل فيها كافة الأطراف لتعزيز الجهود العالمية في مواجهة قضايا التغير المناخي والعمل على خفض الانبعاثات العالمية بنسب محددة خلال السبع سنوات المقبلة.
وحث البرلمانات على مواصلة هذه المساعي في بلدانها والعمل على حل مختلف الإشكاليات التي تفيد مستقبل البشرية، وإن يتم التحقق من التطبيق العالي من خلال الترويج للمبادرات الخضراء، وان يتم استهداف الأفراد والجماعات الذي يتأثرون نتيجة قضايا تغير المناخ، وتعزيز الأعمال البرلمانية لمساعدة الحكومات على تطبيق إجراءات وقرارات تغير المناخ،
مساهمات وطنية
بدوره، ألقى الدكتور إياد أومغلي ممثل المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، كلمة قال فيها إنه "لمن دواعي سروري أن أشارك في هذا الاجتماع البرلماني الدولي، وباسم المديرة التنفيذية للبرنامج نتقدم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة والمجلس الوطني الاتحادي، بجزيل الشكر على كرم الضيافة وحسن التنظيم"، مثمنا "المناقشات والقرارات التي جرت خلال أعمال المؤتمر المناخي والاجتماع البرلماني".
وأكد أهمية الدور الذي تقوم به البرلمانات في المساهمة في الجهود العالمية لمواجهة هذه الأزمة، مشيرا إلى أن "للبرلمانات دورا محوريا من أجل الوصول إلى حلول فعالة لقضايا التغير المناخي".
وأوضح أن التقارير العالمية تقدم صورة عن عالم يواجه حاجة ملحة لتعزيز وتنسيق الجهود، ورغم التقدم المحرز إلا أن هناك بعض الإشكاليات مثل الحاجة إلى التمويل والتماثل بالنسبة للتكيف لأنه يوجد نقص صارخ بالمقارنة مع الخسائر التي تشهدها الدول التي تعد في المواجهة مع هذه القضايا،
وقال إن نسبة الانبعاثات تظهر الحاجة إلى مساهمات وطنية لتحقيق أهداف الاتفاقيات العالمية فهناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات تشريعية مسؤولة ومشتركة من قبل البلدان التي لديها مستويات كبرى من الانبعاثات ودخل مرتفع فهي مسؤولة عن انبعاثات أكبر، مؤكدا أن دور البرلمانات التشريعي والرقابي ركيزة في العمل المناخي المؤسسي وهذا ما أكدت عليه الهيئة الحكومية من أجل المناخ، مضيفا أن التعاون بين الاتحاد البرلماني الدولي والمؤسسات الدولية يعزز الاستدامة البيئية والإجراءات الدولية.
وألقت كرستين أدم مديرة قسم الشؤون القانونية في الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، كلمة أعربت فيها عن شكر الأمين العام لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لدولة الإمارات قيادة وحكومة وشعبا، على تنظيم مؤتمر الأطراف، مضيفة أن تغير المناخ هو أكبر تحد يواجه البشرية، وما تم إنجازه لدى معظم الدول لا يتفق مع اتفاق باريس، ونحن مدعون إلى المزيد من العمل والجهد من أجل تغيير المناخ والوصول إلى نتائج مرضية لدى دول العالم.
وأشارت إلى العديد من الإجراءات منخفضة التكلفة لدى معظم الدول وهي كثيرة، وقد آن الأوان الاستفادة من الهيكلة العالمية ومن مختلف المسارات المتبعة في مواجهة تحديات تغير المناخ، مشددة على دور البرلمانات في التشريع والرقابة لتحقيق الأهداف العالمية وأن تكون قضايا المناخ في قلب الأجندات البرلمانية، وعلى البرلمانات الوطنية أن تعمل على مستوى بلدانها لزيادة مستوى الطموحات وتحقيق التزاماتها بموجب اتفاق باريس، مشيرة إلى أن قضايا تغير المناخ يجب التصدي لها مثل الفقر والهجرة والهجرة القسرية.